قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كواعب أحمد البراهمي تكتب: الزكــــــاة

فريضة الزكاة من أكبر الدلائل علي أن الدين هو من عند الله , وذلك ليختبر الله الخلق الأغنياء , الذين أوسع غعليهم في الرزق وأكرمهم بالمال , وليقيم سلوكياتهم مع الفقراء الذين ضيق عليهم في الرزق ,أو حرمهم من المال .
وتوضح فريضة الزكاة أن الدين الذي جاء به الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم هو من عند الله الواحد الأحد , فلو كان من عقل الرسول لكان فكر من الناحية المالية , أن الأغنياء سيرفضون تلك الفكرة , والتي هي فكرة الزكاة .
فلماذا يفرض عليهم الزكاة , ويجعل الناس تدفع من أموالها للفقراء , بل أن الزكاة علي كل مسلم في ماله الزائد عن طعامه وشرابه لمدة عام , ومعني ذلك أنها مفروضة علي قطاع عريض جدا من المسلمين , وليس المسلون فاحشي الثراء .
لماذ لم يخف من أن يقل عدد متابعيه , حيث سيمتنع الأغنياء عن الدخول في الدين الجديد .
فالمنطق والعقل البشري يقول أن الكفة الراجحة مع المال , وكان من المفروض ألا يطلب من الأغنياء أن يدفعوا أموالا للآخرين .
لأنه عندما يدخل الأغنياء في دين الإسلام , ولا يدفعون مالا فإنهم سوف يجبرون عبيدهم , وفقراءهم علي الدخول في هذا الدين , وقد يجبرون الفقراء المحتاجين علي الدخول في الإسلام مقابل أن يأخذوا بعض المال .
فبالعقل البشري كان المفروض ألا يفرض الرسول في دينه الجديد الزكاة علي الأغنياء زكوات , كزكاة الزروع , وزكاة المال , وزكاة حتي عن الحلي , وأشياء كثيرة جدا كان من الممكن ألا تخضع لمضايقة أصحاب رؤؤس الأموال .
ألا يدلنا ذلك علي أن الله هو الذي فرض فريضة الزكاة وأنه هو الذي أنزل الشرائع كلها ؟
أما من ناحية أخري فإننا لو تفكرنا قليلا في كيفية تقسيم المال , لوجدنا أنها فوق مستوي عقل الإنسان البشري , وأنها تخضع لعدل إلهي , لأن نسبة الزكاة المفروضة هي بسيطة جدا , لا تجعل الغني يستثقلها , ويكرهها . ولا تجعل الفقير محروما . حيث أنها ربع العشر من المال الفائض أو الزائد عن طعامه وشرابه وسكنه , بنسبة 25, % خمسة وعشرين من مائه في المائة .
وهنا سؤال لابد من طرحه علي الذين يشككون في الدين .. لماذا لم يقل الرسول صلي الله عليه وسلم أعطوا المال الذي يخرج من أموالكم للزكاة لي ؟ وأنا أقوم بتوزيعه بنفسي علي الفقراء ؟
أو أجعل الحاكم يقوم بتوزيع الزكاة علي الفقراء ؟ صحيح كانت تجمع الزكاة في بيت مال المسلمين , ليتم الإنفاق منها علي المحتاجين , ولكن العملية الحسابية التي يقوم بها كل شخص علي ماله , ومعرفة الفائض من ماله , ومعرفة مكسبه , كان كل شخص يجريها بنفسه , ويقوم بحساباته ويخرج زكاة ماله بنفسه , والبعض يقوم بتوزيعها بنفسه .
لأنه يعرف أن كل شخص يعلم ما لديه . ولا يوجد غير الإنسان نفسه يعلم ما يمتلك جيدا وهو صاحب القرار في وضعها في بيت مال المسلمين .
ثم أمر الناس بالصدقات , وتحرير رقاب العبيد الذين يعيشون في الرق , وجعل الصدقات تطهر النفس وتزكيها , قال الله تعالي : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) .
لأنه فعلا عندما يتعاطف الشخص الغني مع الفقير , فذلك يجعل في قلبه لينا ورحمة .
ولهذا جعل الله الصدقات للفقراء , وجعل ثوابها كبيرا , بل وجعلها سببا للشفاء من الأمراض , قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( داووا مرضاكم بالصدقات ) . كما أنها تعمل علي تهذيب النفس وتزكيتها وحث علي أن المسلم يجب أن يتصدق دوما علي المحتاجين والفقراء .
فلو نظرنا لهذا الأمر لوجدنا أنه يخلق نوعا من التراحم والمودة بين البشر بعضهم بعضا , فلا يكره أحدهم الآخر , ولا يحقد بعضهم علي بعض , وإنما تتآلف القلوب وتتوحد .
فمثلا لو كان الرسول هو من أصدر قرارا بنفسه بفرض الزكاة , وليست أمرا إلهيا , فكان علي سبيل المثال جعل بعضها لنفسه , ولكنه جعلها للفقراء بل وحرم تلك الأموال علي أهل بيته جميعا .
فقد قال صلى الله عليه وسلم قال "إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس" قال الشوكاني -رحمه الله- : وإنما سميت أوساخاً لأنها تطهرة لأموال الناس ونفوسهم، قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) سورة التوبة .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال " أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كخ كخ إرم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة "
,أي أنه أخرج التمرة من فم أبن أبنته بعد أن وضعها فيه .
وهذا يدل علي أنها مفروضة ممن هو أعلي منه , وهو الخالق العظيم .
ومن ناحية أخري .. في فرض الزكاة ما الذي سيعود علي الرسول لو افترضنا أنه إنسان يسعي للمجد وللمال , عندما يقوم شخص بإخراج زكاته وإعطاءها لفقير , أو إعطاءها لبيت مال المسلمين , والذي بدوره يقوم بتوزيعها علي الفقراء .
لماذا لم يقل الرسول أنا لي نصف ذلك المال , أو ربعه أو ثلثه أو لعائلتي من بعدي نصف مال الزكاة .
ولو كان قال ذلك ما كان أحد من المسلمين الأوائل راجعه فيما يقول أو ما يفعل , فقد دخلوا دين الإسلام ولا يضرهم بعد موافقتهم علي خروج المال من حوزتهم سواء ذهب للرسول , أو لغير الرسول . فلماذا قال للفقراء والمساكين , ولماذا لم يقل لي وحدي ؟ أو لعائلتي من بعدي ؟
وفرض الزكاة في حد ذاته من الله العادل , يدل علي حب الله لمن خلقهم , وإرادته في أن تتوحد قلوبهم , وأن يبعد عنهم الشقاق , والقسوة , وفيه تأليف للقلوب وتجميع لها .