الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«بالحب ابتلينا»

لم تكن سارة تدرك ما يرمى اليها زوجها من عبارات وايحاءات تؤكد انه عازم على الرحيل، وكيف تصدق أن ذلك الرجل الذى تعتبره حياتها بأكملها يخطط للغدر بها والقاءها فى خانة الاهمال والالام . ساره عندما التقت بوجدى كانت متدربة فى واحدة من كبريات شركات اوراق الاموال وكان هو موظفا فى بداية سلم الحياة ، لعب كيوبيد لعبته والقى بسهامه فاخترقت قلبيهما وصارا حبيبان ، فى عامان فقط هما عمر التعارف والخطوبة وبعدهما تزوجا وعاشا سنوات فى بحر السعادة ينهلان منه كل المذاقات والحلو وقليل من مر الحياة . فى عشر سنوات زوجية وفرت فيهم ساره كل اساليب الراحة من اجل ان يصبح وجدى علما من اعلام البورصة والسمسرة ، سعادتها بنحاحه لاتوازيها سعادة حتى انها لم تكن تهتم بترقيها الوظيفى ولا حتى بمظهرها الشخصى فقد كانت تبخل على كل الاخرين من ان يروا محاسن تختزنها فقط له هو هذا الوجدى الذى امتلكها وجدانها ان يكن امتلكها كلها. سنوات من الزواج اثمرت عن اربعة ابناء ثلاثة صبية وفتاة وحيدة اسماها ابيها على اسم زوجه ساره التى سعدت الى حد عنان السماء بأنه اختار اسمها ليكون اسما لفلذة كبده . السعادة لاتكتمل هكذا كانت تسمع ساره وتخاف من ان تنتقص سعادتها بأية صور من الصور ، ولكن لامهرب مما كتب عليها وعلينا كبشر بصفة عامة فقد تغير وجدى واصبح مهملا لها متجاهلا اياها رافضا الاستماع لها ولالحاحها بمعرفة سبب تغيره ، ازداد هو فى النفور منها وازدادت هى فى الاكتئاب والدهشة مما يقوم به من افعال ومواقف مشينة معها وبها ، عبثت ذات يوم فى اوراقه فقرأت اغلى كلمات يصفها به ودعاء ورجال من الله الا يحرمه منها ،ضربت كفا على كف من دهشتها مما تقرأ ومما يفعل بها ، كلما ازداد تجاهله ونفوره منها كلما ازداد اكتئابها وفرارها الى اوراقه التى تقرأ فيها حبه وفتونه بها ، لم تتحمل ساره هذا التناقض واصبحت دائمة الصمت والعزلة ، ازداد شحوبها وتغيرت ملامحها وصارت تسمعه فى الهاتف يبث شكواه وحزنه لاهله واهلها واصدقاءها ويبكى بحرقة وهو يصف ان حياته بدونها عدم وبأنه لايدرى سبب ماوصلت اليه من عزوف عن الحياة ، وعندما يشير عليه اى احد ممن يعرفونه بالزواج وتطليقها كان يثور ويجول ويرفض ويسب جام غضبه على من يشير عليه بذلك ويؤكد انه خلق لها كما خلقت هى له . هذا السيناريو البغيض تواصل لمدة ليست بالقصيرة فقد اكمل عاما وهو على ماهو عليه من هجر وتجاهل ونفور وتأفف منها وكتابة لاحلى عبارات يحرص تمام الحرص على ان يتركها فى متناول يد ساره لكى تقرأها وتزداد حيرة وارتباك مع حرصه ايضا على ان يحدث الناس كلهم عن حزنه عليها وحرصه على ان تظل معه ولايحرم منها، اكتمل السيناريو الذى كتبه وجدى باتقان ونجح فى ان يثبت للبشرية جمعاء انه رجل مثالى ضحى بكل مطالبه كزوج وأبقى على زوجة كئيبة منطوية حزينة . فى يوم لم يحسب له وجدى حسبانا ولم يتأكد من تناول ساره اقراص الاكتئاب التى تأخذها فى سبات عميق وسمعت ساره حوار شيق بين وجدى وابنة عمه المقيمة معه فى نفس العقار مع زوجها وولديها ، صدمة ساره لم تكن من معرفة خيانة زوجها ولكن من سخريته منها هو وابنة عمه ومن تخطيطهما كى يجن عقلها وينتهى بها المطاف فى احدى المصحات النفسية . بكت كما لم تبك عمرها وايقنت ان القادم لابد ان تكمله هى وتكون ضربة الانتقام من تصويبها وتصميمها ، كان اول مايجب ان تفعله ان تؤكد له ان مخططه يسير كما رسمه وبأنها على شفا الوقوع فى بحر المجانين وتصبح واحدة منهم ، وبعد ذلك اكملت لف حبل الانتقام حول رقبة زوجها وعشيقته واستطاعت ان تكشف العلاقة القذرة التى تربط زوجها بالعشيقة وطلقها زوجها باثبات الزنا وذهب الى مقر عمل وجدى واطلع الكل على ماكان مثبتا بفيديوهات وصور مخلة لوجدى تؤكد فساده ، الصور والفيديوهات كانت ساره قد ارسلتها له ولمدير زوجها فى العمل واصدقاءه واهله كلهم حتى حارس العقار ارسلت له ساره مايجعله يحتقر زوجها وينظر اليه نظرة الرجل الماجن غير المتدين ، لم تكتف ساره بذلك بل تمادت فى انتقامها وارغمت وجدى بسكره ان يوقع لها على تنازلات لكل امواله وعقاراته وطردته بعدها وكانت ترقص فرحا عندما تراه ملقى تحت الكبارى مهملا ينتظر من المارة ان يلقوا اليه الفتات.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط