الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل الجن يسرق المال ؟ رد قوي من خالد الجندي يحسم الجدل

هل الجن يسرق المال
هل الجن يسرق المال

أثارت فتوى سرقة الجن الأموال من المنزل، جدلاً كبيرًا، بعدما أفتى أحد الشيوخ أمس أنه يمكن للجن أن يسرق الأموال والذهب، منوهًا بأنه ليس من المُستبعد أن يسرق الجن بعض أمتعة أو نقود بني آدم، لأن الجن فيهم الصالحون والطالحون، قال تعالى: «وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا» (الجن: 11)، وثبت في السنة سرقة الشيطان من طعام الصدقة، كما في حديث أبي هريرة الطويل.

 

هل الجن يسرق الأموال من المنزل؟

وتعجب الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، من هذه الفتوى، قائلاً: «أنت شيخ مُعاصر ومن المُؤسف أن تقول هذا الكلام، وأن الجن سرق أموالك من المنزل، يا مولانا شوف اللي بيسرقك جوا بيتك». 

 

وقال «الجندي» خلال تقديمه برنامج «لعلهم يفقهون»، إن اتهام الجن بالسرقة مُصيبة وكارثة وليلة سوداء، لأن كلام من أفتى بذلك خاطئ، لأنه يتعارض مع قدرة الله تعالى لحفظ الإنس من الجن، حاشا لله تعالى، مُتسائلاً: «طيب ليه إحنا مش بنسرق الجن، طب ليه مكتوب علينا إحنا اللي نتركب منهم، الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- عندما قال له شخص أنه مركوب من الجن، فقال له الشيخ محمد الغزالب أراك طويلاً عريضًا لماذا لم تركبه أنت.. مضيفاً: هل إحنا مكتوب علينا نكون ملطشة!». 

 

وشدد على أن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي أمسك الجن الذي كان يسرق من بيت الزكاة، صحيح ورواه البخاري ومسلم، ولكن يفسره البعض خطأ أن الذي أمسكه أبوهريرة «شيطان» من الجن وليس الإنس، موضحًا: فيحتمل أن يكون الشيطان الذي أمسكه أبو هريرة -رضي الله عنه- من شياطين الإنس وليس الجن، أو أن يكون شخص أصابه مس من الجن، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة -رضي الله عنه- أن اللص شيطان أي ممسوس من شياطين الجن، مؤكدًا أن المس من الشيطان ورد  في القرآن الكريم، كقوله تعالى: «لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس».

 

 

وتابع: المس قد يحدث للإنسان أكثر من 20 مرة يوميًا مثل النسيان غير المبرر والعصيبة غير المبررة والملل والخوف، مضيفاً: فمس الشيطان لا يحول الإنسان إلى غزالة أو قرد مثلاً!، بل هو حالة من حالات التغيّر النفسي».

 

واستدل على وجود شياطين من الإنس، بقول الله تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ»، فهم شياطين من الإنس والجن، وقدم ذكر الإنس لعظم شرهم وعظم خطرهم على بني آدم، لأنهم يتصلون بهم، ويشرحون لهم أهدافهم الخبيثة، ويدعون إليها، فخطرهم عظيم، وبلاء كبير، وكيدهم شديد.

 

حديث سرقة الجن لأبي هريرة

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: «وَكَّلَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فأتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فأخَذْتُهُ وقُلتُ: واللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: إنِّي مُحْتَاجٌ، وعَلَيَّ عِيَالٌ، ولِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عنْه، فأصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبَا هُرَيْرَةَ، ما فَعَلَ أسِيرُكَ البَارِحَةَ؟ قَالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إنَّه قدْ كَذَبَكَ، وسَيَعُودُ، فَعَرَفْتُ أنَّه سَيَعُودُ؛ لِقَوْلِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّه سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فأخَذْتُهُ، فَقُلتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: دَعْنِي؛ فإنِّي مُحْتَاجٌ، وعَلَيَّ عِيَالٌ، لا أعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فأصْبَحْتُ، فَقَالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبَا هُرَيْرَةَ، ما فَعَلَ أسِيرُكَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إنَّه قدْ كَذَبَكَ وسَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فأخَذْتُهُ، فَقُلتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رَسولِ اللَّهِ، وهذا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ، قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بهَا، قُلتُ: ما هُوَ؟ قَالَ: إذَا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، حتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ؛ فإنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، ولَا يَقْرَبَنَّكَ شَيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ. فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فأصْبَحْتُ، فَقَالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما فَعَلَ أسِيرُكَ البَارِحَةَ؟ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، زَعَمَ أنَّه يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: ما هي؟ قُلتُ: قَالَ لِي: إذَا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِن أوَّلِهَا حتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، وقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، ولَا يَقْرَبَكَ شيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ -وكَانُوا أحْرَصَ شَيءٍ علَى الخَيْرِ- فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَمَا إنَّه قدْ صَدَقَكَ، وهو كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَن تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ذَاكَ شَيطانٌ».
 

وتساءل الشيخ خالد الجندي: «هل لازم يكون الشيطان المذكور في الحديث من الجن، ممكن أن يكون من الإنسان، وآية الكرسي تحفظ الإنسان من الإنسان المؤذي وتحفظه أيضًا من الجن. 

 

وأكد أن الله تعالى أمر أن تكون الشياطين مخفيّة لانراها قال تعالى: «إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ»، فكيف يمسك أبو هريرة -رضي الله عنه- بالجن، إذن هو من شياطين الإنس وليس الجن، موجهًا رسالة قائلاً: لماذا تصرون أنكم تفسروا حديث أبي هريرة أن الحرامي من الجن، وليس من الإنس لكي تفتحوا الباب لكل حرامي أن يسرق!».