الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيران تصرخ عطشا.. إفلاس مائي خطير يهدد سبل المعيشة.. قوات الأمن تقمع احتجاجات على جفاف الأنهار والأراضي.. والسلطات ترد على مطالب المزارعين بالقتل والاعتقال

احتجاجات المياه في
احتجاجات المياه في إيران

لا تزال الاحتجاجات على شح المياه في مدينة أصفهان وسط إيران حية ويتزايد المشاركون بها منذ انطلقت قبل أسبوعين.

ومما زاد من قلق السلطات الإيرانية حيال تلك الاحتجاجات هو اتساع نطاق المشاركة المجتمعية بها، حتى أن بعض مطاعم أصفهان شرعت تعرض وجباتها مجانًا للمحتجين، كما عرضت محال حلاقة خدماتها على المحتجين بالمجان أيضًا، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

نطاق الاحتجاجات يتسع

وأضافت الصحيفة أن السلطات الإيرانية ظلت طوال الأسبوعين الماضيين تراقب الاحتجاجات بحذر دون الدخول في صدامات خشنة مع المتظاهرين، لكن في ساعة مبكرة من صباح الخميس الماضي، هاجمت قوات الأمن المعتصمين، مسلحة بالهراوات والأسلحة النارية.

واستخدمت قوات الأمن مكبرات الصوت لإنذار المحتجين بأن لديهم مهلة 10 دقائق للتفرق وإخلاء الشوارع.

وقال حسن توكلي، وهو مزارع يشارك في الاحتجاجات، "قبل أن تسنح لنا الفرصة للتحرك أضرمت قوات الأمن النار في خيامنا وبدأت بإلقاء قنابل الغاز باتجاهنا وإطلاق النار في الهواء. لم أتوقع قط أن يضربونا ويطلقوا النار علينا ويصيبونا"، مضيفًا أن المحتجين كانت بينهم أُسر اصطحبت أطفالها.

وأضافت الصحيفة أن توكلي ومئات المزارعين الآخرين تظاهروا لأسبوعين احتجاجًا على جفاف نهر زايانديرود، وانضم إليهم عشرات الآلاف تضامنًا مع قضيتهم.

وقال توكلي "لم يبق لنا شيء من أراضينا وسبل عيشنا. إننا لا نطالب بشيء سوى حقنا في المياه". ويملك توكلي 3 هكتارات من الأراضي الزراعية كان يزرعها قمحًا وخضراوات، لكنها جفت وأُقحلت منذ 15 شهرًا، حتى اضطر لبيع المواشي التي يملكها لتدبير سبل المعيشة.

وطالب المحتجون بإعادة ملء مجرى النهر بالمياه لري الأراضي الزراعية التي بارت لسنوات بسبب سوء إدارة السلطات لموارد المياه، لكنهم تعرضوا لضغوط من السلطات لإصدار بيان يعلنون فيه إنهاء اعتصامهم دون التوصل إلى حل ودون أن تتخذ السلطات أي خطوة للاستجابة لمطالبهم.

عنف مبالغ فيه لقمع الاحتجاجات

واستخدمت قوات الأمن قدرًا أكبر من العنف لقمع الاحتجاجات أمس الجمعة، والتي اتسع نطاقها لتخرج من مجرى نهر زايانديرود الجاف وتصل إلى وسط مدينة أصفهان. ولا تصدر حتى الآن حصيلة رسمية للخسائر في صفوف المحتجين، لكن شهود عيان يقولون إن أعدادًا كبيرة منهم أصيبوا، بينهم عشرات يعانون من إصابات خطرة، فيما أفاد نشطاء حقوقيون بأن قوات الأمن اعتقلت عشرات آخرين.

وعمدت السلطات إلى قطع خدمات الإنترنت والاتصالات الخلوية عن مدينة أصفهان ومحافظة خوزستان، في محاولة لمنع المحتجين من التواصل مع الجماهير.

الحرارة والجفاف يأكلان الأخضر واليابس

وتعاني إيران من أزمات شح مياه متلاحقة بسبب سوء إدارة موارد المياه لسنوات، وبالنسبة لأصفهان فقد حولت السلطات المياه في أنابيب تحت الأرض بعيدًا عن أراضيها الزراعية لإمداد مجمعات صناعية بها وتوصيلها إلى محافظة يزد ومدينة قم.

وتقدر هيئة الأرصاد الجوية الإيرانية أن 97% من مساحة إيران تعاني من مستويات مختلفة من الجفاف، وقال وزير الطاقة الإيراني السابق في مايو الماضي إن البلاد تواجه أسوأ صيف جاف منذ 50 عامًا، وفي ظل درجات حرارة بلغت في بعض المناطق 50 درجة مئوية، ما أدى إلى انقطاعات متكررة في الكهرباء والمياه.

وقمعت قوات الأمن الإيرانية في يوليو الماضي احتجاجات على شح المياه نظمها مزارعون أيضًا في محافظة خوزستان ذات الأغلبية العربية.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن خبير المياه الإيراني المعروف عالميًا والنائب السابق لرئيس منظمة حماية البيئة الإيرانية كاوه مدني قوله "ما نراه هو إفلاس مائي. هناك الكثيرون ممن لهم حق التمتع بالمياه ولكن لا يوجد ما يكفي منها. المحتجون على ضفاف نهر زايانديرود يطالبون بالمياه من أجل الجميع ولكن ذلك في حكم المستحيل".