الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تغير المناخ والأمن الدولي.. مستقبل العالم رهينة السباق بين الطبيعة والإنسان.. الطاقة النووية سلاح ذو حدين في المنافسة بين أمريكا وروسيا والصين.. وحوادث المفاعلات تهدد الكوكب

مفاعل نووي
مفاعل نووي

يتنافس تغير المناخ والأمن الدولي على لعب الدور الأكبر في تشكيل مستقبل العالم، وخلال الأيام الأخيرة وقع عدد من الحوادث المرتبطة بالطاقة النووية والأمن، جددت المخاوف المتداولة في الأوساط الثقافية أكثر من السياسية بشأن نهاية كارثية للعالم كما نعرفه نتيجة خطأ بشري عفوي أو متعمد.

تولد محطات الطاقة النووية الطاقة بدون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يوفر بديلاً للوقود الأحفوري الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، يوم الاثنين، بعد أن أصدرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أحدث تقرير لها "الفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى تخنق البشرية. مزيج الطاقة العالمي الحالي معطل".

زابوريجيا أو الطاقة النظيفة

وفي نفس الأسبوع، هاجمت القوات العسكرية الروسية محطة الطاقة النووية زابوريجيا في أوكرانيا، وشبت النيران في إحدى منشآت المحطة، وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بيان مصور: "نحن نصدر تحذيرا، لم تقم أي دولة قط بإطلاق النار على مجمعات نووية باستثناء روسيا. لأول مرة في تاريخنا، في تاريخ البشرية، عاد البلد الإرهابي إلى الإرهاب النووي."

وفي وقت لاحق أمس الجمعة، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن محطة الطاقة النووية استمرت في العمل ولم يتم إطلاق أي مواد مشعة. مع ذلك، بث الحدث الأمني ​​موجات من الخوف في جميع أنحاء العالم.

ونقلت قناة "سي إن بي سي" الأمريكية عن كينيث لونجو، مؤسس "الشراكة من أجل الأمن العالمي" أن الدول بدأت تدرك أنها لا تستطيع تحقيق أهدافها المناخية بمصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية وحدها. وأضاف لونجو أنه كان هناك "تغير جذري" في المشاعر بشأن الطاقة النووية في مؤتمر المناخ COP 26 العام الماضي.

روسيا والصين.. عن الهيمنة

تُعد روسيا والصين أكثر القوى السياسية المهيمنة في مجال الطاقة النووية. وهناك نحو 440 مفاعلا للطاقة النووية تعمل في أكثر من 30 دولة توفر حوالي 10٪ من الكهرباء في العالم، وفقا للرابطة النووية العالمية. وحاليا، يتم بناء 55 مفاعلا جديدا في 19 دولة، 19 منها في الصين. أما الولايات المتحدة فلديها اثنان فقط تحت الإنشاء.

وقال جون كوتيك، الباحث بمعهد الطاقة النووية الأمريكي "من المؤكد أن الصين لديها أكثر البرامج نشاطا في مجال البناء النووي الجديد. تمتلك الصين قطاع الطاقة النووية التجارية أو الطاقة النووية المدنية الأسرع نموًا في العالم. إنهم يبنون بوتيرة تعادل تقريبًا مثيلتها في الولايات المتحدة في السبعينيات، أو فرنسا في السبعينيات والثمانينيات".

ويمكن عزو تركيز الصين على بناء مفاعلات طاقة نووية جديدة جزئيًا إلى كونه استجابة للنمو السريع في الطلب على الطاقة من السكان الذين يتزايد عددهم بسرعة وينضمون إلى الطبقة الوسطى.

أما روسيا فلديها ما يسميه كوتيك "برنامج ثابت إلى حد ما" لبناء نووي جديد. وحاليا، يتم بناء ثلاثة مفاعلات نووية جديدة في روسيا، لكن الأخيرة هي أيضًا أكبر مصدر للتكنولوجيا النووية في العالم.

وقال لونجو إنه مع صعود روسيا والصين إلى الصدارة، فقدت الولايات المتحدة "الذاكرة العضلية" لبناء مفاعلات نووية تقليدية. حظيت الطاقة النووية بسمعة سيئة في الولايات المتحدة بعد حادث نووي في جزيرة ثري مايل في عام 1979 في ولاية بنسلفانيا، وعلى مستوى العالم بعد حوادث تشيرنوبيل أوكرانيا السوفيتية في عام 1986 وفوكوشيما في اليابان في عام 2011.

لكن يمكن القول إن الولايات المتحدة أيضًا بدأت تتحرك في الاتجاه العكسي. تضمنت خطة البنية التحتية لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن برنامجًا بقيمة 6 مليارات دولار يهدف إلى الحفاظ على بنية الولايات المتحدة الحالية من مفاعلات الطاقة النووية.

وعلى مستوى الولايات الأمريكية، هناك ما بين 75 و100 مشروع قانون متعلق بالطاقة النووية في المجالس التشريعية للولايات، مقارنة بنحو 12 مشروع قانون قبل عقد من الزمن.

ويعود سبب عودة الاهتمام بالطاقة النووية إلى المخاوف بشأن تغير المناخ، ويبدو هذا الاهتمام بصورة أكبر في الدول التي تنتهي فيها اقتصادات الفحم.

في الوقت نفسه، تمنح الحرب الروسية الأوكرانية الولايات المتحدة فرصة لممارسة نفوذ أكبر في السوق العالمية. وقال كوتيك إنه في حين أن الحرب مأساوية، "فإنها ستؤدي إلى المزيد من الفرص للشركات النووية الأمريكية لأن روسيا تعزل نفسها حقًا".

وقال كينيث لونجو إن الهجوم الروسي الخطير على محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا وقرار الصين بعدم التصويت لصالح قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنع هذا النوع من الهجوم "سيضر بسمعة التصدير النووي للبلدين".

الولايات المتحدة والطاقة النووية الجديدة

يكلف إنشاء المحطات النووية الكثير من الموارد، وفي كثير من الأماكن أصبحت أكثر تكلفة من بدائل الطاقة الأساسية الأخرى مثل الغاز الطبيعي. ومع ذلك، تضغط الولايات المتحدة بقوة نحو ما يمكن أن يصبح الجيل التالي من الطاقة النووية.

لقد اتخذت الولايات المتحدة قرارًا بألا تسمح لروسيا والصين بالسيطرة على المرحلة التالية من السوق النووية. ولذا فإن الولايات المتحدة تضخ مليارات الدولارات في تطوير ما يسمى بالمفاعلات المعيارية الصغيرة، وهذه المفاعلات الأصغر والمتقدمة ليست بالضرورة جديدة، لكنها تشهد نهضة الآن.

لكن في حين تعد الولايات المتحدة تعد نفسها لتكون قادرة على المنافسة من الناحية التكنولوجية، فإنها ليست مستعدة من وجهة نظر سياسية، كما قال لونجو.

تستخدم المفاعلات التقليدية اليورانيوم المخصب بنسبة 5٪، بينما تستخدم المفاعلات المتقدمة اليورانيوم المخصب إلى نسبة حوالي 19٪، وهي أقل بقليل من الحد الذي حددته الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليكون اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، وهو 20٪. وقال لونجو "لم نبدأ حقًا في دراسة ما يعنيه ذلك من منظور الأمن النووي وعدم الانتشار النووي".