الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خبير آثار يروى ذكريات اكتشاف لوحة صححت تاريخ قلعة صلاح الدين بطابا

قلعة طابا
قلعة طابا

فى الذكرى 33 لعودة طابا، يروى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، ذكريات أهم اكتشاف بقلعة صلاح  الدين بجزيرة فرعون بطابا، والذى أعاد كتابة تاريخ سيناء وتفنيد ادعاءات سلطة الاحتلال وتأكيد هوية القلعة المصرية وبنائها فى عهد صلاح الدين الأيوبى. 

وتقع جزيرة فرعون عند رأس خليج العقبة على بعد 8 كم من مدينة العقبة.

وقال ريحان إن القلعة من إنشاء صلاح الدين عام 567هـ 1171م، وبنيت من الصخور المتحولة المأخوذة من محجر الجزيرة نفسها الذى يقع بوسط التحصين الشمالى حاليًا، وكانت هناك مبانٍ سابقة قبل إنشاء صلاح الدين لقلعته وقد تركها كما هى، حيث يقع الحصن البيزنطى فى الجنوب والكنيسة فى السهل الأوسط بين التحصينين الشمالى والجنوبى. 

وأضاف أن صلاح الدين استفاد من التحصين البيزنطى ليجعله قلعة مستقلة داخل قلعته قادر عن الدفاع عن نفسه لو تم اختراق التحصين الشمالى، مع وجود سور خارجى يضم كل منشآت القلعة كخط دفاع أول يدعمه تسعة أبراج دفاعية.

ونوه إلى أن صلاح الدين استغل كل المقومات الدفاعية لصالحه، ومنها وجود القلعة فى جزيرة ووجود تل مرتفع عن سطح البحر مع استغلال منحدراتها الصخرية فى البناء على عدة مستويات، وأنشأ صهريجًا للمياه محفور فى الصخر لتجميع مياه الأمطار أو الملء من بئر طابا الذى يبعد 5 كم عن القلعة بواسطة الجنود، مع وجود صهريج للمياه فى منطقة الخدمات التى تضم حمام البخار والمطعم وفرن القلعة ومخازن الغلال ومقر القيادة الرئيسية لتغذية المنطقة وتغذية حمام بخار أنشأه كناحية استشفائية وترفيهية للجنود.

ويروى ريحان قصة اكتشافه لأهم لوحة تأسيسية صححت تاريخ بناء القلعة، وأكدت هويتها المصرية فى حفائر منطقة آثار جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية موسم عام 1988- 1989. 

وذكر أنه كان المفتش المسئول عن الحفائر فى هذا اليوم رغم حداثة سنه، حيث كان كبار المفتشين يمارسون أعمالا إشرافية ومتابعة داخل القلعة، وعهد إليه بالإشراف على الحفائر وكان من حسن حظه ملاحظته لهذه اللوحة، وكانت مقلوبة ولو تغافل عنها لحظة لتم كسرها بواسطة العمال، وكانوا عمالا عاديين وليسوا عمال حفائر ممن لهم خبرة فى العمل لعدة سنوات، لصعوبة تواجد عمال فنيين فى هذه المنطقة النائية فى ذلك الوقت، وأوقف العمل فجأة وأخذ المسطرين لينظف حول اللوحة بنفسه حتى ظهرت كاملة وقلبها على وجهها وكانت المفاجأة وجود النص الكتابى، وكانت أول فرحة له بهذا الاكتشاف العظيم والذى قام بقراءته فى الحال وسجل ذلك فى دفتر يوميات الحفائر، ثم قام بإبلاغ كبير المفتشين المتواجد بالقلعة. 

وتم حمل اللوحة إلى مخزن الآثار وكانت أول قراءة لها للدكتور عبد الرحيم ريحان، ثم قرأها معه كبير المفتشين وكانت نفس القراءة، ثم أرسلت لرئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية فى ذلك الوقت مع تقرير علمى بملاحظات الكشف الأثرى، والتى أكدت أنها لوحة خاصة بفرن لتصنيع أسلحة داخل القلعة، وتم نشرها فى الصفحة الأولى بالأهرام الورقى.

وأوضح ريحان أن نص اللوحة كالآتى "بسم الله الرحمن الرحيم أعمر هذا الفرن المبارك،   العبد الخاضع لله على بن سختكمان الناصرى، العادلى فى أيام الملك الناصر يوسف بن أيوب، صلاح الدنيا والدين محيى دولت أمير المؤمنين، سلطان جيوش المسلمين وذلك بتاريخ تسعة، شوال سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة"، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يكتشف فيها تاريخ إنشاء صلاح الدين لفرن داخل القلعة، وبالتالى فهو منشئ القلعة بكل معالمها لصد غارات الصليبيين وحماية طريق الحج، ولا علاقة لها بأى منشآت من عهد نبى الله سليمان كما نشرت أحد التقارير العلمية ناتج حفائر أيام الاحتلال الإسرائيلى لسيناء.

ولفت إلى سبب وجود حصن بيزنطى قبل إنشاء القلعة نتيجة إنشاء الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادى لهذا الفنار بجزيرة فرعون لإرشاد السفن التجارية فى خليج العقبة لخدمة التجارة البيزنطية عن طريق أيلة، كما تم الكشف عن كنيسة بالسهل الأوسط بجزيرة فرعون قرب التحصين الجنوبى البيزنطى فى حفائر منطقة آثار جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية فى نفس الموسم السابق، وقد قام الأثرى الألمانى الدكتور بيتر جروسمان بعمل مسقط أفقى لها عام 1993، وبنيت الكنيسة من الحجر الجيرى المشذّب ومادة ربط من الجير، وهى بازيليكا صغيرة ذات حجرات عديدة من الناحية الغربية من نسيج البناء الأصلى، مما يضفى شكلا غير منتظم على الكنيسة، وقد ترك القائد صلاح الدين الكنيسة كما هى دون المساس بأى معالم معمارية أو فنية أو نقوش، حيث عثر بها على لوحات وتخطيطها المعمارى واضح.

ولفت ريحان إلى أن ملاحظته هو وزملائه لوجود عتب رخامى للكنيسة تم تنظيفه كان هو الخيط الموصل لاكتشاف الكنيسة، حيث كان هو المدخل الغربى والرئيسى، ويوضح أن خبرته فى الرسم المعمارى الأثرى ساعدته كثيرًا فى كل الحفائر الذى شارك بها فى طابا ونويبع ودهب وطور سيناء، حيث كان يتم عمل رسم تخيلى يوميًا يتم من خلاله تحديد خطة العمل فى اليوم التالى، وقد اكتسب هذه الخبرة من إشرافه على حفائر بعثة ألمانية بوادى فيران وبعثة يابانية بطور سيناء ودورة تدريبية ميدانية بمنطقة سقارة تحت إشراف مركز البحوث الأمريكى بالقاهرة.