الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرواة| أنس بن مالك كاتم سر رسول الله وناقل الحديث الأمين

الرواة
الرواة

الرواة .. تتواصل رحلة موقع “صدى البلد” الإخباري، في ثالث أيام شهر رمضان المبارك مع الرواة، نتعرف على سيرتهم ونقتفي أثرهم، ونتعلم منهم كيف كانوا على قدر المسئولية والأمانة والثقة في نقل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا في منأى عن أي جرح أو تعديل.

ولعل من أهم الرواة ممن يطيب ذكره في هذا اليوم هي صحابي جليل وخادم أمين وحافظ سر خاتم الأنبياء والمرسلين، عُرف بـ راوية السلام، وقد روى عن سيد الخلق وإمام المرسلين سيد محمد صلى الله عليه وسلم ما يقرب من 2286 حديثا ما جعله في مقدمة الرواة، وعرف بـ  كاتم سر رسول الله، فمن هو؟

الذاكرين

راوية السلام

ومن الرواة الثقات الصحابي الجليل أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي النجاري من بني عدي بن النجار، أمه أم سليم بنت ملحان، كانت زوجة لمالك بن النضر، فلما جاء الإسلام أسلمت مع قومها، وعرضت الإسلام على زوجها، فغضب عليها، وخرج إلى الشام، ولما بلغ أنس العاشرة من عمره أتت به أمه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ليخدمه ويتربى على يديه، فقالت له: هذا أنس غلام يخدمك، فقَبِله، وطلبت من النبي أن يدعوَ له، فدعا له بالبركة في المال والولد.
تربى أنس بن مالك في بيت رسول الله، وحظي برعاية وعناية كريمة، فنشأ على الأدب النبوي، وشب على أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وتعلم سنته وسيرته، وروى عنه أحاديث كثيرة تجاوزت ألفي حديث حتى لقب بـ «راوية الإسلام».

كاتم سر رسول الله 

لـ أنس بن مالك رضي الله عنه قصة عظيمة وتاريخ حافل بالمُثل العليا والأخلاق الحميدة، فقد ولد رضي الله عنه قبل الهجرة النبوية بعشرة أعوام، وفي العاشرة من عمره انتقل إلى خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظل كذلك حتى انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه.

في بداية ملازمته وخدمته للنبي، أوصاه صلى الله عليه وسلم بأن يكون أميناً على السر كاتماً له، والتزم أنس بالوصية، فلم يفش سراً لرسول الله طوال السنوات العشر التي قضاها في بيته، وكان النبي يحسن معاملته، ويعامله بلطف وإحسان وأبوة، يقول أنس: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فَمَا قَالَ لِي: أفٍ، ولا لم صنعت؟ ولا ألا صنعت، ولا عاب علي شيئاً قط، وأنا غلام، وليس أمري كما يشتهي صاحبي أن أكون عليه، وفي رواية أخرى يقول: «خدمت النبي عشر سنين، فما ضربني ولا سبني ولا عبس في وجهي»، وقال أيضاً: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً، ولا مسست خزاً قط ولا حريراً ولا شيئاً كان ألين من كفِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً قط ولا عطراً كان أطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم».
كما قال أنس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به، فخرجت أمرُ على صبيان، وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: يا أنيس ذهبت حيث أمرتك؟ قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله».
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: «أتى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا، فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمي، فلما جئت قالت: ما حبسك؟، قلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟، قلت: إنها سر، قالت: لا تخبر بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، قال أنس: والله لو حدثت به أحداً لحدثتك به.
شهد أنس مع النبي جميع المشاهد والغزوات، حيث شهد صلح الحديبية، وفتح مكة، وحنين والطائف وخيبر، وتوفي أنس بن مالك بالبصرة سنة 91 هجرية، وقد تحققت دعوة النبي له فكثُر ماله وولده، وكان له شجر ينبت في العام مرتين ببركة دعاء النبي.

 

القرآن الكريم

بناء المسجد النبوي

روى لنا الصحابي الجليل أنس بن مالك -رضي الله عنه- قصة بناء المسجد النبوي الشريف حيث يقول: «قدم النبي -صلى الله عليه وسلم - المدينة، فنزل في علو المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ثم إنه أرسل إلى ملأ بني النجار، فجاءوا متقلدين بسيوفهم، قال : فكأني أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على راحلته وأبو بكر ردفه وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب». 
وتابع: «فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يصلي حيث أدركته في مرابض الغنم، ثم إنه أمر بالمسجد قال : فأرسل إلى ملإ بني النجار، فجاؤوا، فقال : يا بني النجار ثامنوني بحائطكم  هذا، قالوا : لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله. قال أنس : فكان فيه ما أقول : كان فيه نخل، وقبور المشركين، وخرب، فأمر رسول الله  صلى الله عليه وسلم بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، قال : فصفوا النخل قبلة، وجعلوا عضادتيه حجارة».

وواصل: « فكانوا يرتجزون ورسول الله -صلى الله عليه وسلم معهم- وهم يقولون : اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة  ** فانصر الأنصار والمهاجرة، [رواه البخاري ومسلم]».

 

قصة الصحابي الذي قال له النبي " أنت مني وأنا منك "

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رجل من أصحاب النبي يقال له جليبيب، كان في وجهه دمامة وكان فقيراً ويكثر الجلوس عند النبي فقال له النبي ذات يوم: يا جليبيب ألا تتزوج؟
فقال: يا رسول الله ومن يزوجني ؟! فقال : أنا أزوجك يا جليبيب. فالتفت جليبيب إلى الرسول فقال: إذاً تجدني كاسداً يا رسول الله. فقال الرسول: غير أنك عند الله لست بكاسد، ثم لم يزل النبي يتحين الفرص حتى يزوج جليبيباً فجاء في يوم من الأيام رجل من الأنصار قد توفي زوج ابنته فجاء إلى النبي يعرضها عليه ليتزوجها النبي فقال له النبي: نعم ولكن لا أتزوجها أنا!! فرد عليه الأب: لمن يا رسول الله!! فقال : أزوجها جليبيباً.
فقال ذلك الرجل: يا رسول الله تزوجها لجليبيب! يا رسول الله انتظر حتى أستأمر أمها!! ثم مضى إلى أمها وقال لها إن النبي يخطب إليك ابنتك قالت: نعم ونعمين برسول الله فمن يرد رسول الله! فقال لها: إنه ليس يريدها لنفسه!! قالت: لمن؟ قال: يريدها لجليبيب!! قالت: لجليبيب لا لعمر الله لا أزوج جليبيباً وقد منعناها فلاناً وفلاناً فاغتم أبوها لذلك ثم قام ليأتي النبي فصاحت الفتاة من خدرها وقالت لأبويها: من خطبني إليكما؟؟ قال الأب: خطبك رسول الله قالت: أفتردان رسول الله أمره ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يضيعني! قال أبوها: نعم ثم ذهب إلى النبي وقال: يا رسول الله شأنك بها فدعا النبي جليبيباً ثم زوجه إياها ورفع النبي كفيه الشريفين وقال: اللهم صب عليهما الخير صباً ولا تجعل عيشهما كدًا كداً!! ثم لم يمض على زواجهما أيام حتى خرج النبي مع أصحابه في غزوة وخرج جليبيب معه فلما انتهى القتال اجتمع الناس وبدؤوا يتفقدون بعضهم بعضاً فسألهم النبي وقال: أتفقدون من أحد قالوا: نعم يا رسول الله نفقد فلاناً وفلاناً كل واحد منهم إنما فقد تاجراً من التجار أو فقد ابن عمه أو أخاه.
فقال : نعم ومن تفقدون قالوا: هؤلاء الذين فقدناهم يا رسول الله فقال: ولكنني أفقد جليبيباً فقوموا نتلمس خبره ثم قاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال وطلبوه مع القتلى ثم مشوا فوجدوه في مكان قريب إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم غلبته الجراح فمات فوقف النبي على جسده المقطع ثم قال: قتلتهم ثم قتلوك أنت مني وأنا منك، أنت مني وأنا منك ثم تربع النبي جالساً بجانب هذا الجسد ثم حمله على ساعديه وأمرهم أن يحفروا له قبراً قال أنس: فمكثنا والله نحفر القبر لجليبيب ماله فراش غير ساعد رسول الله قال أنس: فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عدة زوجته حتى تسابق إليها الرجال يخطبونها.