الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جموع المصلين بالمسجد الحرام يؤدون أول جمعة في شهر رمضان

المسجد الحرام
المسجد الحرام

أدت جموع المصلين بالمسجد الحرام اليوم أول صلاة جمعة في شهر رمضان المبارك في أجواء إيمانية حيث وفرت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي كافة الخدمات لقاصدي بيت الله الحرام حيث شهد المسجد الحرام منذ ساعات الصباح الأولى تدفق أعداد المصلين حيث امتلأت أروقته وأدواره وساحاته وبدرومه بالمصلين.

خطبة الجمعة

وتقوم الرئاسة بتوفير المصاحف بلغات متعددة، وتوزيع أجهزة الترجمة الفورية لخطبة الجمعة وتوفير العربات الكهربائية لكبار السن وذوي الإعاقة، إضافة إلى عمليات التعقيم وخدمات التنقل والخدمات المقدمة على أبواب المسجد الحرام.

ونقلت فضائية القرآن الكريم، وفضائية السنة النبوية، بثا مباشرا لشعائر خطبة وصلاة الجمعة من الحرمين الشريفين، الحرم المكي والحرم النبوي.

 

هدي النبي في رمضان

أوصى الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، خطيب الحرم المكي، المسلمين بتقوى الله والتذكر بأنهم مُلاقوه، موقوفون بين يديه، فالسَّعيدُ من أعدَّ لهذا الموقف عُدَّته، وأخذ له أهْبته، متزوِّدًا بخير زاد، سالكًا إلى الله كلَّ واد، مبتغيًا إليه الوَسيلةَ بكلِّ قولٍ وعملٍ.

وقال خطيب الحرم المكي في خطبة الجمعة السابقة، التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام أيُّها المسلمون: لقدْ كانتْ حياةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان -كما هي في كل الأوقاتِ- أُنْموذجًا حيًّا، وتطبيقًا عمليًّا، وقدوةً ومِنْهاجًا يحتذيهِ المسلمون ويستمسك به المتَّقون، وينهَجونَ نَهْجَه، ويهتدون بهديه، ويَتَرَسَّمونَ خُطاهُ.

وتابع: لقد فُرِضَ صيامُ شهر رمضانَ في السَّنَة الثَّانية من الهجرة؛ فصام رسول الله صلى الله عليه وسلمتسعَ رَمَضاناتٍ، وكانَ الصِّيامُ في أوَّلِ الأمرِ على وجه التَّخيير بينه وبين الإطعام عن كلِّ يومٍ مِسْكينًا، ثم صار على سبيلِ الحَتْمِ، لكنَّ الصائمَ كان إذا نام قبل أن يأكلَ –عند فطره– حَرُمَ عليه الطَّعَامُ والشرابُ إلى اللَّيلة المقبلة، ثم نُسِخَ ذلك، واستقرَّتْ فَرْضِيَّةُ الصِّيامِ على وجَهْهِ المعروفِ إلى يوم القيامة.

وبين خطيب الحرم المكي أنه كانَ مِنْ هديه عليه الصلاة والسلام في استقبال شهر الصَّوم: أنَّه ينهى عنْ تَقَدُّمِ رمضانَ بصيام يومٍ أو يومينِ؛ إلَّا رجلًا كان له صومٌ فليَصُمْه؛ كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما-واللَّفظ للبخاري- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتقدَّمنَّ أحدُكم رمضانَ بصوم يومٍ أو يومين، إلا أنْ يكونَ رجلٌ كان يصومُ صومَه، فلْيَصُمْ ذلك اليومَ» كما كان من هَدْيه صلى الله عليه وسلم في استقبالِ يوم الصَّوم: أنَّه يتسَحَّرُ، ويُرغِّبُ في السَّحورِ، ويحثُّ عليه، ويسمِّيهِ الغداءَ المباركَ، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله عليه الصلاة والسلام : «تسحَّروا؛ فإنَّ في السَّحور بركةً».

سنة النبي في رمضان 

وأبان أنه كان يندُبُ إلى تأخيرِهِ، حتَّى كان بينَ سَحورهِ صلى الله عليه وسلم والأذانِ قدرُ خمسينَ آيةً متوسِّطَةً، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن زيدِ بن ثابتٍ قال: تسحَّرنا مع النَّبيِّ ، ثم قام إلى الصلاة. قال أنس: قلتُ: كم كان بين الأذان والسَّحور؟ قال: قدر خمسين آيةً.

وأردف خطيب الحرم المكي أنه كانَ من هَدْيه عليه الصلاة والسلام في الفِطْر من الصَّوم: أنَّه يُعَجِّلُ الفِطْرَ، ويَحُثُّ النَّاسَ على تعجيلِهِ؛ ببيانِ فضيلةِ التَّعجيلِ وموافقته لسُنَّتِه؛ كما في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال النَّاسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطْرَ».

وكان عليه الصلاة والسلام يُفطِر قبل أنْ يُصَلِّي، ويَحُضُّ على الفِطْرِ على الرُّطَبِ، فإنْ لم يَكُنْ؛ فعلى التَّمر، فإن لم يكن؛ فعلى الماء، ويَفْعَلُ ذلك، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه بإسناد صحيح عن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفطِر على رُطَباتٍ قبل أنْ يُصلِّي، فإنْ لم تكن رُطباتٌ، فعلى تمراتٍ، فإن لم تكنْ، حسا حسواتٍ من ماءٍ» وكان يقول عند فطره: «ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتِ العُرُوقُ، وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى» أخرجه أبو داود في سننه، والنسائي في السُّنَن الكبرى بإسناد حسن من حديث ابن عمر .

وبين خطيب الحرم المكي أنه كان من هَدْيِه عليه الصلاة والسلام الدَّعاءُ عند فِطْره، وكان يقول: «إنَّ للصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةً ما تُرَدُّ»، أخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وحسَّنه الحافظ ابن حجر وكان يقول: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ» أخرجه البيهقي في «السُّنن الكبرى»، والضِّياءُ المقدسي في «المختارة»، بإسناد صحيح من حديث أنس بن مالك .

ومضى يقول كان من هَدْيِه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العباداتِ؛ كالصَّدَقة، والإحسان، والصلاة، والذِّكر، وقراءة القرآن، والقيام، والاعتكاف وكان من هَدْيِه في تلاوة القرآن والجود بالخير: ما رواه ابن عبَّاس قال: «كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أجْودَ النَّاسِ بالخير، وكان أجودُ ما يكونُ في رمضانَ حينَ يلقاه جبريل، وكان جبريلُ يَلْقَاهُ كلَّ ليلةٍ في رمضانَ حتَّى ينسلِخَ، يعرِضُ عليه النَّبيُّ القرآنَ؛ فإذا لقيَهُ جبريلُ عليه السَّلام، كان أجودَ بالخيرِ من الرِّيح المُرْسَلة» أخرجه الشيخان في صحيحيهما.

وأكد الدكتور الخياط أن في هذه المدارَسة القرآنيَّة: دلالة ظاهرة على الفضل العظيم لمدارسة القرآن في شهر القرآن، وعلى استحباب الإكثار من التِّلاوة في هذا الشَّهر، وأنَّها أفضلُ من سائر الأذكار، وإلى توجيه الأنظار إلى ما بين المدارسة القرآنيَّة والجود بالخير من وثيق صلة؛ ذلك أنَّ هذه المدارسة -كما قال بعض أهل العلم- تُجدِّد له العهدَ بمزيد غنى النَّفس، وغنى النَّفس سبب الجود, وأيضًا؛ فرمضانُ موسمُ الخيرات؛ لأنَّ نعم الله على عباده زائدةٌ فيه على غيره؛ فكان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يؤثِر متابعة سنَّة الله في عباده؛ فبمجموع ما ذُكر: من الوقت-وهو رمضان- والمنزول به-وهو القرآن- والنَّازل – وهو جبريل- والمذاكرة، حصل المزيد في الجود؛ فكان في الإسراع بالجود أسرع من الرِّيح المرسلة-التي هي دائمة الهبوب بالرحمة- وهي إشارة إلى عموم النَّفع بجوده كما تعمُّ الرِّيح المرسلة ما تهبُّ عليه. ووقع في رواية أحمد في آخر هذا الحديث: «لا يُسأل شيئًا إلا أعطاه» وهي كناية عن كمال الجود ومنتهاه.