الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قدسية يونيو في مصر

صدى البلد

تحتفل الكنيسة المصرية في الأول من يونيو بذكرى دخول المسيح ووالدته العذراء مريم، ويوسف النجار إلي أرض مصر ، فمصر أول بلد خطتها قدمي السيد المسيح ، فتعلم السير على قدميه بمصر ، وأول ما أكل السيد المسيح من طعام ، كان من مزروعات و أطعمة مصر ، وأول ماء شربه السيد المسيح ، كان ماء نهر النيل ، فعند دخوله مصر كان محمولاً علي ذراعي السيدة العذراء مريم ، محتمياً بأرضها مع أمه ويوسف النجار .

 

يذكر الإنجيل أنه "ظهر ملاك الرب يوسف في حلم قائلاً:- قم وخذ الصبي وأمه وأهرب إلى مصر . وكن هناك حتى أقول لك . فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وانصرف إلي مصر " وأشار بعض المفسرين إلي تلك الرحلة المباركة في تفسيرهم لآية قوله تعالي "  وجعلنا ابن مريم وأمه اَية وآويناهما إلي ربوة ذات قرار ومعين " ويعتبر الثعلبي من أبرز من روى قصة رحلة العائلة المقدسة، إلي مصر في التراث الإسلامي ، وذلك في كتابه قصص الأنبياء المسمي بـ"العرائس" فهو الإمام العلامة أبي أسحق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابورى، ومن أعلام القرن الخامس الهجرى، ورواها أيضاً ابن كثير والطبرى وغيرهم.

 

 فخصص الثعلبي في كتابه باباً كاملاً عن قصة عيسي ابن مريم ، عليه السلام ، أسماه ، باب في ذكر خروج عيسي ومريم عليهما السلام إلي مصر ، فقيصر هردوس لما عرف ، ملك بني إسرائيل خبر المسيح قصد قتله ، فكان مولد عيسي عليه وعلى أمه السلام ، بعد مضي أثنين وأربعين سنة من ملك أغسطوس وإحدى وخمسين سنة مضت من ملك الإشكانيين ملوك الطوائف ، فكانت المملكة في ذلك الوقت لملوك الطوائف ، وكانت الشام وضواحيها  يرأسها القيصر ملك الروم ، ويكتب الثعلبي روايته قائلاً :- إن الله سبحانه وتعالي بعث ملكاً إلي يوسف النجار وأخبره بما أراد هردوس و أمره أن يهرب بالغلام وأمه إلي مصر ، وأوحي الله سبحانه وتعالي كذلك إلي مريم أن ترحل إلي مصر لأن هردوس إن ظفر بأبنها  لقتله ، " فإذا مات هردوس فارجعي إلي بلادك ، فأحتمل يوسف مريم وأبنها علي حمار له حتي ورد أرض مصر" ،  وروى الطبرى في تاريخه رحلة العائلة المقدسة إلي مصر ، ذاكراً أنها كانت هروباً من الملك الذى أراد أن يعلم مكان عيسي ، فهربت به السيدة مريم ويوسف النجار ، إلي أرض مصر ، وذكر أن أستقرت العذراء مريم هناك أثنتي عشرة سنة تكتمه عن الناس ولا تجعل أحداً يطلع عليه ولا يعرفه ،   الرحلة المباركة من فلسطين إلي رفح و العريش والفرما وتل بسطا والزقازيق ومسطرد ( المحمه) وبلبيس وسمنود وبرلس وسخا ووادى النطرون والمطرية عين شمس والفسطاط ومنطقة المعادى ومدينة منف ( ميت رهينة) الي جنوب الصعيد عن طريق النيل الي دير الجرنوس بالقرب من مغاغة والبهنسا وجبل الطير وبلدة الأشمونيين وقرية ديروط الشريف ومدينة القوصية قرية مير الي دير المحرق الشهير بدير العذراء مريم التي قضت فيه العائلة المقدسة أطول الفترات 6 شهور و10 أيام الي جبل درنكه بعد أن ارتحلت العائلة المقدسة من جبل قسقام أتجهب جنوباً إلي أن وصلت إلي جبل أسيوط حيث دير درنكة توجد به مغارة منحوتة في الجبل أقامت به العائلة المقدسة وكان دير درنكة أخر المحطات التي قد التجأت إليها العائلة المقدسة في رحلتها إلي مصر ، رحلة عظيمة مباركة ، تحمل الطهر والنجاة في أرض مصر، تحمل المثابرة والتحمل من العذراء مريم والنبي عيسي وكأن كُتب علي أهل الكتاب التعب والمشقة من أجل لذة الوصول لتحقيق الرسالة السامية ، وتفيض الرحلة إجلالاً لوطننا، الذى بوركت أرضه من أقصي الشمال إلي أقصي الجنوب ، من مشرقها لمغربها ، بأقدام العائلة المقدسة،  وكأن التاريخ والأديان تسطر بأحرف من نور ، أن مصر بلد له قدسيته ، ويحميها رب العالمين، دائماً وأبداً إلي يوم الدين " ادخلوا مصر إن شاء الله اًمنين " صدق الله العظيم.