الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما بين الحب واللعنة

نيفين منصور
نيفين منصور

حوادث متعددة تحدث من حولنا، تحتاج للدراسة والتدقيق، ما بين قتل وانتحار، تُزهَق فيها الأرواح البريئة، وعندما نبحث عن السبب، يظهر أمامنا شبح الحب الزائف، الذي يقتل صاحبه، أو يدعوه لقتل من يظن أنه أحبه، علي مر التاريخ تتكرر المشاهد ويظل المحور الذي تدور حوله الأحداث ثابتاً، كالفُلُك التي تدور حولها النجوم والكواكب.

وهم الحب الذي تحول إلي امتلاك كالشيطان الذي يتملك من الإنسان، فيسيطر علي تفكيره ويحركه، حتي يُصبح عبداً لهذا الوهم، عقله يتمحور حول هدف واحد، إما السيطرة علي من أراد امتلاكه أو القضاء عليه، وفي النهاية يفقد حياته وحياة من يحب إذا فشل في الاستحواذ عليه.. التملك الذي يقتل صاحبه مرض شيطاني، لا يمكن الشفاء منه إلا استنارة القلوب واليقين الحقيقي بالمولي عز وجل.

الحب أسمى المشاعر التي يشعر بها الإنسان،، ولكن عندما يكون حب حقيقي يتمتع بالاتزان والإيثار ، تعلمنا من القرآن الكريم معني تلك المشاعر الرائعة بمفهومها الحقيقي وهو بعيد كل البعد عن الأنانية وعن الامتلاك، فالحب عندما يكون صادقاً يُهذب الروح وينقيها، تجد المحب يبحث عن حبيبه، ويحتويه بمشاعره المتدفقة، يحزن لحزنه ويفرح لفرحه، يتمني له السعادة ويقف بجانبه وقت الشدائد .

عندما يتحول الحب لرغبة سواء كانت الرغبة جنسية أو رغبة امتلاك يفقد معناه الحقيقي ، ويبعث بشبح الغرور وحب الانتقام ، سواء كان ذلك برغبة في الاغتصاب أو القتل حتي لو كانت تلك الرغبات مجرد خيال يطارد صاحبه ، وقد يقرر المحب أن يقتل من أحبه بتجاهله ، أو بقطع صلته به ، ولكن تظل تلك الرغبة في الانتقام لنفسه كامنة في قلبه، وقد تنتهي مع الزمن عند البعض، ويتوقف ذلك على مقدار تعلقه بمن أحبه.

ويتساوي الأمر عند الرجال والنساء علي حد سواء ، بعض الرجال يرفض الشعور بأن الفتاة التي أحبها  تمنعت ، ويعتقد أن ذلك الشعور قد أهانه وكسر من رجولته ، فيتحول إلي تلك الحالة الشيطانية التي تعمي القلوب ، كذلك بعض النساء عندما تشعر بالرفض من الرجل الذي أحبته، ترفض أن يكون لغيرها ، وقد تقتله ، فيتحول الحب إلي لعنة وتتحول الحياة إلي جحيم.

تلك اللعنات لا علاقة لها بالحب، إنما هي قيود من الأنانية ، والأحلام الزائفة ، تدمر صاحبها وتدمر من حوله، الحب أساسه المودة والرحمة واللين ، والكلمة الطيبة والطمأنينة، وكلما زادت درجة الحب كلما تهذب المحب ، وكلما زادت تقوى الله عز وجل ارتقي الحب ليتحول إلي البر فينفق الحب مما أحب يقول المولي عز وجل (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ).