من 3 أعوام لـ 3 ساعات.. رحلة الحج بين الماضي والحاضر

"يا رايحين للنبي الغالي .. هنيالكم وعقبالي".. كان الحجاج قديما دائما ما يرددون هذه المقولة وغيرها لتهوّن عليهم مشقة السفر، حيث كان أداء الركن الخامس من أركان الإسلام في الماضي أشبه بالمستحيل، وكانت الرحلة تستغرق بين أسابيع وسنوات.

أضف إلى ذلك وسائل النقل وقتها والتي كانت عبارة عن جمال وخيول وبغال، علاوة على الطرق الوعرة، والبرد القارس شتاءا، والشمس الحارقة، وفي المشاعر المقدسة مثل منى وعرفات، لم تكن هناك خيام ولا وسائل راحة للحجيج كما هي اليوم، وكان يكفي الحجاج أن يشاهدوا الكعبة شامخة ويرتوون من ماء زمزم.. فكيف كان الحج قديما؟

كيف بدأ الحج؟

يرجع تاريخ نشأة الحج إلى فترة النبي إبراهيم، الذي ترك زوجته هاجر وابنه إسماعيل وحدهم في صحراء مكة القديمة مع القليل من الغذاء والمياه التي انتهت مع مرور الوقت.

كانت مكة مكانا غير مأهول، فركضت هاجر بقوة سبع مرات بين تلال الصفا والمروة ولكن لم تجد أي شيء، ومع يأس إسماعيل، رأت الطفل يخدش الأرض بساقه إذ بنافورة من المياه تحته وبسبب وجود الماء، بدأت القبائل في الاستقرار في مكة المكرمة.

جورهوم كانت أول قبيلة تصل. عندما كبر إسماعيل تزوج من هذه القبيلة وبدأ يعيش معهم. ويذكر القرآن أن إبراهيم، جنبا إلى جنب مع ابنه إسماعيل، قام بتأسيس الكعبة. بعد وضع الحجر الأسود في الزاوية الشرقية من الكعبة، حيث تلقى إبراهيم الوحي الذي قال الله للنبي أنه يجب أن يذهب الآن وأن يعلن الحج إلى البشر.

وكان يبلغ ارتفاع الكعبة التي بناها إبراهيم، 27 قدما و 96 قدما وطوله 66 قدما.

الحج أيام النبي محمد

النمط الحالي للحج تم إنشاؤه من قبل النبي محمد ﷺ الذي أجرى إصلاحات على الحج بعدما دخل المسلمين مكة في 630 م، حيث طهر النبي محمد ﷺ الكعبة عن طريق تدمير كل الأصنام الوثنية، وإعادة تكريس المبنى إلى عبادة الله.

في العام التالي، وبتوجيه من النبي محمد ﷺ، قاد أبو بكر 300 مسلم إلى الحج في مكة المكرمة، حيث ألقى علي بن أبي طالب خطبة تنص على طقوس الحج الجديدة وإلغاء الشعائر الوثنية.

وفي عام 632 م، قبل وفاة النبي بفترة وجيزة، قام النبي محمد ﷺ بحجته الأولى والأخيرة مع عدد كبير من الأتباع، وعلمهم طقوس الحج، كما ألقى خطابا في سهل عرفات، يعرف باسم خطبة الوداع، لأولئك الذين حضروا هناك. ومنذ ذلك الحين أصبح الحج ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام الخمسة.

3 أعوام لتجهيز الحج

كان الحاج قديما يتجهز قبل موعد الحج بثلاثة أعوام، فيبدأ في جمع المال واختيار الرفقة، وتجهيز المركب أو الراحلة والزاد، ويسافر قبله الموعد بشهر أو شهرين حتى يتمكن من الوصول في الوقت المحدد.

كما كان الحج يتم على ظهر الدواب، وكان الحجيج يخترقون الجبال مشياً على الأقدام، يحملون متاعهم ومأكلهم ومشربهم على الدواب، وسط حراسات مشددة في مقدمة القافلة ومؤخرتها، ولها طرق محددة تسلكها، وأيضاً جدول زمني محدد.

الحج في العصر الحديث

خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر (بعد 1850)، بدأت البواخر لاستخدامها في رحلة الحج إلى مكة المكرمة، وزيادة عدد الحجاج المسافرين على الطريق البحري ومع افتتاح قناة السويس في عام 1869، تم تقصير وقت السفر للحج.

وفي أوائل القرن العشرين، قام السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ببناء سكة حديد الحجاز بين دمشق والمدينة المنورة، ما سهل رحلة الحج حيث سافر الحجاج بسهولة نسبية ووصلوا إلى الحجاز في أربعة أيام فقط.

قدمت شركة الخطوط الجوية المصرية أول خدمة طيران للحجاج في عام 1937، إلا أن الحرب العالمية الثانية من عام 1939 إلى عام 1945 تسببت في انخفاض عدد الحجاج، ومن وقتها والحج أصبح لا يستغرق ساعات معدودة.