الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فضيحة أوبر المدوية.. شركة النقل العملاقة تمارس ضغوطا على كبار المسئولين بالغرب لتحقيق مصالحها.. ووثائق تكشف استغلالها وقائع عنف ضد سائقيها

شركة أوبر
شركة أوبر

- 124 ألف وثيقة تكشف أساليب أوبر لفرض نفسها بمعظم مدن العالم

- أوبر تعترف في بيان رسمي بارتكاب أخطاء ولكنها تؤكد البدء في تصحيحها منذ 2017 

- الشركة شجعت على الفوضي في مواجهة سائقي الأجرة بأوروبا للحصول على مكاسب

كشف تحقيق حول أنشطة شركة النقل العملاقة أوبر أجراه ونشره الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين بالتعاون مع صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن فضيحة مدوية موثقة بأدلة وأسانيد لم تنكرها الشركة نفسها.

وثائق أوبر .. تحقيق صحفي على مستوى العالم

تتألف وثائق أوبر من أكثر من 124 ألف وثيقة، بما في ذلك 83 ألف رسالة بريد إلكتروني وألف ملف آخر تتضمن محادثات، تمتد من عام 2013 إلى 2017.

 وتم تسريب الملفات هذه إلى صحيفة الجارديان، وتمت مشاركتها مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وعدد من المؤسسات الإعلامية بما فيها برنامج بي بي سي بانوراما.

وتكشف السجلات المسربة الطرق التي استخدمتها الشركة  لتصبح من أهم شركات وادي السليكون، وفرض نفسها للعمل في المدن حول العالم، حتى لو كان ذلك على حساب القوانين وأنظمة سيارات الأجرة.

وتقول الجارديان إنه باستخدام تمويل رأسمالي غير مسبوق، "دعمت "أوبر" الرحلات وأغرت السائقين والركاب باستخدام الخدمة بحوافز ونماذج تسعير، لن تكون مستدامة".

وأضافت الصحيفة "قوضت الشركة أسواق سيارات الأجرة الراسخة، وفرضت ضغوطا على الحكومات لإعادة صياغة القوانين للمساعدة في تمهيد الطريق لنموذج اقتصاد قائم على التطبيقات، الذي انتشر منذ ذلك الحين في جميع أنحاء العالم".

وفي محاولة لإخماد رد الفعل العنيف ضد الشركة وتغيير قوانين سيارات الأجرة والعمل، خصصت "أوبر" 90 مليون دولار في عام 2016 لتمويل أنشطة الضغط والعلاقات العامة، وفقا لإحدى الوثائق.

صفقات أوبر المشبوهة مع المسئولين السياسيين

وتُظهر البيانات كيف حاولت الشركة "حشد الدعم من خلال مغازلة رؤساء الوزراء والرؤساء والمليارديرات وأثرياء وبارونات الإعلام"، وفق ما نقلت "الجارديان"

وفي بيان لها ردا على التسريبات، أقرت "أوبر" بارتكاب "أخطاء وعثرات"، لكنها قالت إنها "تغيرت منذ عام 2017 تحت قيادة رئيسها التنفيذي الحالي، دارا خسروشاهي".

وأضاف البيان: "لم ولن نقدم أعذارا لسلوك سابق لا يتماشى بوضوح مع قيمنا الحالية.. بدلا من ذلك، نطلب من الجمهور أن يحكم علينا من خلال ما فعلناه خلال السنوات الخمس الماضية وما سنفعله في السنوات المقبلة".

وتشير التسريبات إلى أن المديرين التنفيذيين في "أوبر" لم يكونوا "على جهل" بشأن انتهاك الشركة للقانون، وفي إحدى المراسلات، يمزح مدير تنفيذي قائلا إنهم أصبحوا "قراصنة" ويقول آخر: "نحن غير قانونيين فقط".

وكشفت الوثائق مراسلات بين كالانيك و إيمانويل ماكرون، عندما كان الأخير وزيرا للاقتصاد بالحكومة الفرنسية، وقالت الجارديان إنه ساعد الشركة على تشكيل لوبي في فرنسا، حتى أنه أخبر الشركة أنه توسط في "صفقة" سرية مع خصومه في الحكومة الفرنسية.

وعندما بدا أن مسؤولا في الشرطة الفرنسية حظر إحدى خدمات "أوبر" في مرسيليا عام 2015، لجأ مارك ماكجان، كبير أعضاء جماعة الضغط في "أوبر" في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، إلى ماكرون في ذلك الوقت.

ورد ماكرون برسالة نصية قال فيها: "سأنظر إلى هذا شخصيا.. في هذه المرحلة، دعونا نحافظ على هدوئنا".

وتشير الوثائق إلى ازدراء مسؤولي الشركة للمسؤولين الذين عارضوا توسعها، مثل الألماني أولاف شولتس، عندما كان عمدة لهامبورج قبل أن يصبح مستشارا لألمانيا، فعندما أصر على ضرورة دفع حد أدنى للأجور للسائقين، وصفه مسؤول تنفيذي في "أوبر" بأنه "ممثل كوميدي حقيقي".

وعندما تأخر نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن حضور اجتماع مع مسؤولي الشركة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عام 2015، أرسل كالانيك رسالة نصية إلى زميل له جاء فيها: "كل دقيقة يتأخر فيها، ستقل فترة اجتماعه معي دقيقة".

وبالإضافة إلى لقاء بايدن في دافوس، التقى المسؤولون التنفيذيون في "أوبر" وجها لوجه مع ماكرون، ورئيس الوزراء الأيرلندي، إندا كيني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، بنيامين نتانياهو، وجورج أوزبورن، مستشار المملكة المتحدة في ذلك الوقت.

أوبر تنشر الفوضى

ويشير تقرير الجارديان إلى أنه أثناء توسع الشركة في الهند، حث المسؤولون المديرين على التركيز على دفع عجلة النمو، حتى عندما "تبدأ الحرائق في الاشتعال". وقال كالانيك: "أعلم أن هذا جزء طبيعي من أعمال "أوبر". احتضان الفوضى. هذا يعني أنك تفعل شيئا له مغزى".

ووضع كالانيك هذه الروح موضع التنفيذ في يناير 2016، عندما أدت محاولات "أوبر" لقلب الأسواق في أوروبا إلى احتجاجات غاضبة من قبل سائقي سيارات الأجرة في بلجيكا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا.

ووسط إضرابات سيارات الأجرة وأعمال شغب في باريس، أمر كالانيك المديرين التنفيذيين الفرنسيين بالانتقام من خلال تشجيع سائقي "أوبر" على تنظيم احتجاج مضاد وعصيان مدني جماعي.

وفي إحدى الرسائل، قلل كالانيك من مخاوف المديرين التنفيذيين الآخرين من أن إرسال سائقي "أوبر" إلى احتجاج في فرنسا يعرضهم لخطر العنف، وقال: "أعتقد أن الأمر يستحق ذلك.. العنف يضمن النجاح، وهؤلاء الرجال يجب أن يقاوموا، أليس كذلك؟".

وتشير رسائل البريد الإلكتروني المسربة إلى أن "احتضان الفوضى" تكرر في إيطاليا وبلجيكا وإسبانيا وسويسرا وهولندا.

وعندما كانت "أوبر" تواجه معارضة من قبل الحكومات، فإنها كانت تستغلها لصالحها، فعندما تعرض سائقو الشركة للعنف في أمستردام في مارس 2015، سعى موظفو "أوبر" إلى تشجيع الضحايا على تقديم بلاغات في الشرطة، وتحويل الأزمة لصالحهم للفوز بتنازلات من الحكومة الهولندية.

ومن ناحيته، قال المتحدث باسم كالانيك إنه "لم يقترح أبدا أن تستغل "أوبر" العنف على حساب سلامة السائقين. وأي تلميح بأنه متورط في مثل هذا النشاط سيكون خاطئا تماما".

بيان أوبر

أصدرت شركة النقل العملاقة أوبر بيانًا ردت فيه على تحقيق نشره الاتحاد العالمي للصحفيين الاستقصائيين وصحيفة الجارديان البريطانية حول انتهاكات متعددة للشركة ترقى إلى مستوى فضائح السياسة والبيزنس.

وردت شركة أوبر ببيان قالت فيه "لم يكن هناك تقصير في الإبلاغ عن أخطاء أوبر قبل عام 2017. فقد تم نشر آلاف التقارير وكتب العديد من الكتب، حتى أنه كان هناك مسلسل تلفزيوني".

وأضافت أوبر "قبل خمس سنوات، بلغت هذه الأخطاء ذروتها في واحدة من أكثر المراجعات شهرة في تاريخ الشركات الأمريكية. أدت هذه المراجعة إلى قدر هائل من التدقيق وعدد من الدعاوى القضائية البارزة وتحقيقات حكومية متعددة، وفصل العديد من كبار المسئولين التنفيذيين بالشركة".

وتابعت "وهذا أيضًا سبب تعيين أوبر للرئيس التنفيذي الجديد دارا خسروشاهي، الذي تم تكليفه بتطوير كل جانب من جوانب عمل أوبر. وقد استرشد منذ البداية بتوصيات إيريك هولدر، المدعي العام الأمريكي السابق الذي عينته الشركة للتحقيق في ممارسات أعمالنا وإصلاحها. أعاد دارا تحديد قيم الشركة وتجديد فريق القيادة، وجعل السلامة أولوية قصوى للشركة".

وقالت أوبر في بيانها "تعد أوبر الآن واحدة من أكبر منصات العمل في العالم وجزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لأكثر من 100 مليون شخص. لقد انتقلنا من عصر المواجهة إلى عصر التعاون، حيث أظهرنا استعدادًا للجلوس على الطاولة وإيجاد أرضية مشتركة مع المعارضين السابقين، بما في ذلك النقابات العمالية وشركات سيارات الأجرة. نحن الآن منظمون في أكثر من 10 آلاف مدينة حول العالم ونعمل على جميع المستويات الحكومية لتحسين حياة أولئك الذين يستخدمون منصتنا والمدن التي نخدمها".

وأوضحت "استثمرنا بكثافة في مجال السلامة، من بين أمور أخرى، وطورنا العديد من التقنيات التي أصبحت الآن معيارًا صناعيًا، ونشرنا تقريرًا شاملاً عن أخطر حوادث السلامة. وكجزء من التزامنا بأن نصبح منصة تنقل خالية من الانبعاثات بحلول عام 2040، فإننا نستثمر 800 مليون دولار لمساعدة السائقين على التحول إلى المركبات الكهربائية والإبلاغ عن تقدمنا ​​على طول الطريق. نحافظ على المساواة في الأجور بين الجنسين والأعراق وربطنا تعويضات كبار المسئولين التنفيذيين لدينا بأهداف التنوع لدينا".

وختمت الشركة بيانها بالقول "لم ولن نقدم أعذارًا لسلوك سابق لا يتماشى بوضوح مع قيمنا الحالية. بدلاً من ذلك، نطلب من الجمهور أن يحكم علينا من خلال ما فعلناه خلال السنوات الخمس الماضية وما سنفعله في السنوات القادمة".