الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثورة يوليو بعد سبعين عاماً

نجاة عبد الرحمن
نجاة عبد الرحمن

تحل ذكرى مرور 70 عاما على قيام ثورة يوليو 1952، وهي الحركة التي قادها مجموعة من ضباط الجيش، والتف من بعدها قطاع عريض من الشعب المصري، واتحدت الإرادة لوضع نهاية للحقبة الملكية.

سبقت الثورة بوادر ومبشّرات كثيرة تنبئ بأن تغييراً قادماً بالطريق، فمن بعد الهزيمة العربية في حرب فلسطين عام 1948، لحقت بمصر حالة من عدم الاستقرار السياسي، من اتهامات لحقت بكبار رجال الحكم بالتورط في تلك الهزيمة لأجل مصالح مالية فيما عرف بـ«صفقة الأسلحة الفاسدة».

وبعد ذلك تعثّرت مفاوضات الجلاء مع الإنجليز، ما دفع مصطفى باشا النحاس لإلغاء معاهدة 1936 (كانت من خطوات تحسين العلاقة مع بريطانيا مقابل جلائها عن مصر)، وجاء من بعدها حريق القاهرة، لتدخل البلاد معه في تسلسل غير مسبوق في تغيير الوزارات، وبالتزامن مع ذلك، يأتي القرار بإلغاء نتائج «نادي الضباط» التي كانت لصالح اللواء محمد نجيب، لتساهم كل تلك المقدمات في شحن الغضب ضد النظام القائم.

من المؤكد أن الترتيب لأحداث في مثل تلك الأهمية وعلى هذا من المستوى من الخطورة والحساسية، تطلب درجة عالية من الكتمان، وقطع أي قناة لوصول أي معلومات للطرف الخصم، ما يهدد نجاح التحرك، الذي يتبعه تكلفة كبيرة.

وروى خالد محيي الدين، أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار، شهادته عن تلك اللحظات الحرجة، في مذكراته التي نشرت تحت عنوان «الآن أتكلم»، ونشر مركز الأهرام للترجمة والنشر طبعته الأولى عام 1992.

وفي رأي محيي الدين، أن القصر الملكي كانت لديه معلومات مبكرة، عن أن هناك غضبا ومجموعة يقودها بعض الضباط قد يكون لها تأثير في استقرار حكمه.

وذكر محيي الدين موقفا مؤكدا لذلك، بأن اللواء محمد نجيب جمعه لقاء بالوزير محمد هاشم (صهر حسين سري باشا رئيس الحكومة وقتها) أُبلغ نجيب من خلاله -ولو كان من زلة لسان- بأن السراي لديها أسماء 12 ضابطا هم المسئولون عن قيادة وتحريك الضباط الأحرار.

وأضاف محيي الدين، أن الأمر لم يتوقف فقط عند معرفة أن هناك تنظيما يدبر أمرا ما يستهدف الملك، بل إن موعد ساعة الصفر لانطلاق الثورة وصل للقصر الملكي قبل التحرك.

ويتعرض لذلك في أوراق مذكراته، بتحليلات أوصلته للإجابة عن سبب تسرب هذا الخبر الحساس، حيث قال: "الحقيقة أنه تسرب من مصدرين وليس من مصدر واحد، أولهما أحد الضباط الأحرار، وهو الملازم أول حسن محمود صالح، ذهب مسرعا إلى زملائه في سلاح المدفعية ليبلغهم أنه ذهب في المساء إلى بيته ليرتدي زيه العسكري، فشكت والدته في الأمر، وقالت إنها تعلم أنه ليس لديه خدمة في هذا اليوم وأنه على علاقة بحركة ما، فأسرعت بإبلاغ أخيه اللواء جوي متقاعد صالح محمود صالح بشكوكها. ليقوم بدوره بالاتصال بحيدر باشا في الإسكندرية ليبلغه باعتقاده أن بعض الضباط ينوون الليلة عمل شيء ما".

وتابع: "عرف ضباط المدفعية بهذا الخبر الصاعق في الساعة 7 مساء، ولم يكن هناك مجال لتغيير أي خطط، فقد سبق أن تقرر عدم الاتصال التليفوني بأي شخص، وكان الجميع قد تفرقوا استعدادا لتحريك قواتهم، وكل ما فعلوه أنهم أعادوا الضابط سليمان لبيته، لعله يطمئن والدته، ولعل هذه الطمأنينة تنتقل عبرها إلى أخيه ومنه إلى حيدر باشا، لكن الشك الذي نقل إلى حيدر باشا لم يكن هناك من سبيل لانتزاعه، خاصة أن معلومة أخرى من مصدر آخر قد عززت الشك لديه حتى أوشك أن يصبح بقينا".

والمصدر الآخر لدى حيدر حدده محيي الدين بأنه "الضابط ممدوح شوقي (وهو ابن خالة ثروت عكاشة)، وكان معنا، حاول أن يكسب في هذا الوقت الحرج شابا آخر هو اليوزباشي فؤاد كرراه، فأبلغه بأن الجيش سيتحرك الليلة، ليسرع كرارة بإبلاغ اللواء أحمد طلعت حكمدار بوليس العاصمة، الذي سارع بدوره بإبلاغ القصر".

وواصل محيي الدين، أنه "بتسرب تلك المعلومات، كان القرار الملكي بأن يُعقد اجتماع لكبار قادة الجيش بكوبري القبة، ولم يتم دعوة اللواء محمد نجيب له، ما فُسر بأنه من المحتمل أن يكون المعلومات التي وصلت، كان من بينها علاقة نجيب بالتنظيم والتمرد الجاري، ومن حسن الحظ أن نجيب عرف بموعد هذا الاجتماع عن طريق أحد المقربين منه، وكان التصرف في هذا الموقف الحرج، هو التبكير بالتحرك، ومن أول تلك الخطوات أن يتم التوجه للقبة لإلقاء القبض على القيادات الموجودة بالاجتماع، وهو ما تم، ويكتمل من بعدها بسط السيطرة على كثير من المراكز قبل أن يُعلن بيان الثورة الأول صباح 23 يوليو".

والآن بعد مرور سبعين عاماً، ستظل على مر العصور علامةً مضيئة فى وجدان الشعب المصرى العظيم، ونموذجًا للتحول والتحرر بإرادة شعبية وعزيمة قوية.

فقد ألهمت جميع حركات التحرر في العالم والشعوب المتطلعة للحرية، فتحققت لها أهدافها في التحرر والاستقلال والتخلص من الاستعمار، وسوف تبقى حية في وجدان كل الأجيال، تذكرنا بأن مصر قد ملكت إرادتها، وأبرزت أصالة الشعب المصري الذي عاش لا يقبل المساس بوطنه وبديمقراطيته.

ومع حلول ثورة يوليو، تواصل مصر إنجازاتها ونجاحاتها المتواصلة في الكثير من القطاعات والمجالات المختلفة، والتى كان على رأسها مشروعات الطاقة والكهرباء، والتى حققت فيها الدولة المصرية نجاحات كبيرة على جميع المستويات، الأمر الذى جعل البلاد مركزا إقيليما للطاقة بأشكالها كافة.

كما أن مصر تسعى لتوليد الكهرباء عن طريق محطة الضبعة النووية، والتي تعتبر الضبعة أول محطة للطاقة النووية في تاريخ مصر ويجري بناؤها في مدينة الضبعة بمحافظة مطروح على سواحل البحر الأبيض المتوسط وعلى بعد نحو 300 كم شمالى غرب العاصمة القاهرة، وتتألف المحطة من 4 وحدات لتوليد الطاقة مجهزة بمفاعلات الجيل الثالث.

ويأتي المشروع يأتي ضمن مشروعات كبرى حققتها الدولة المصرية في العديد من المجالات المختلفة، كما أن الطاقة ستساعد على استمرار النجاحات الاقتصادية للدولة المصرية.

وستظل ثورة 23 يوليو  دائمًا حاضرة في وجدان الشعب المصري، بما حققته من إنجازات عظيمة، لإرساء مبادئ العدالة والمساواة والحرية، وما أحدثته من تغيير في المنطقة العربية والأفريقية ودول العالم الثالث، دفاعًا عن حرية الشعوب وحقها في حياة حرة كريمة، وفي التخلص من الاحتلال وسيادتها واستقلال كرامتها.

فثورة 23 يوليو إنجاز حقيقي في تاريخ مصر، ومرور 70 سنة على أحداثها، والاحتفال بذكراها يؤكد على ما قدمته للوطن من إنجازات، في مجال الاقتصاد والعدالة الاجتماعية وإعلان الجمهورية.

ومع ذكرى الثورة، تعيش جمهورية مصر نهضة شاملة يقودها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.