الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سر انشقاق البحر لموسى ومكان غرق فرعون وجنوده.. هل فى البحر المتوسط أم الأحمر ؟

سر انشقاق البحر لموسى
سر انشقاق البحر لموسى ومكان غرق فرعون وجنوده

مكان غرق فرعون وجنوده .. قصّة سيدنا موسى -عليه السلام- من أكثر القصص التى ذكرها المولى عز وجل فى القرآن الكريم، وبيّن الله سبحانه الصراع الذي كان بين الحق الذي مثّله النبيّ موسى -عليه السلام- ومن آمن من قومه، وبين معسكر الباطل الذي بغى ببطشه وهو فرعون وجنده، وقد بيّن الله سبحانه كيف كانت الغلبة للحق، وكيف كانت العاقبة للمتّقين الذين وعدهم الله تعالى بالاستخلاف في الأرض، والتمكين من بعد أن تعرّضوا للابتلاءات والمحن التي اختبرت إيمانهم وثباتهم على أمر الله تعالى، لذا يقدم مقوع صدى البلد مكان غرق فرعون وجنوده فى هذا التقرير. 

سر انشقاق البحر لموسى وبني إسرائيل وغرق فرعون وجنوده

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن سيدنا موسى- عليه السلام- ذهب وواجه البحر وبني إسرائيل تصرخ، لأن فرعون وجنوده من خلفهم والبحر من أمامهم، وموسى يطمئنهم، قال تعالى-: «فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِي»، ( سورة الشعراء: الآيات61، 62).  

وأشار « جمعة» إلى أن موسى كان معه فتى ملازم له اسمه: "يوشع ابن نون" والراجح أنه نبيا وكان في مصر، فلما سار في البحر بالفرس لم يطيعه وخشي الغرق، فرجع وقال لموسى: «من أين أمرك الله أن نمر؟»، فنزل الوحى فقال له:« اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا»، ( سورة البقرة: آية 60).

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن هذا هو السر حيث انفلق البحر نصفين، وكل فلق كالجبل، وبينهم طريقا رهوا وممهدا للسير، مضيفاً أنه قيل في بعض التفاسير لبني إسرائيل أن الله فتح لهم ١٢ طريق على عدد الاسباط- اولاد يعقوب-.

ولفت المفتي السابق إلى أن فرعون وجنوده كانوا وراءهم بحوالى نصف كم تقريبا وبني إسرائيل خافت أن يلحقهم فرعون، ولم يامرهم الله بضرب البحر ثانيا  إنما بترك البحر، فلم أصبح فرعون وجنوده بداخله أُطبقه الله عليهم.

ونبه الدكتور على جمعة، بأن بني إسرائيل وصلوا إلى حافة البحر، وقيل أن عددهم كان٦٠٠ ألف، لكن الرقم غير موكد لأنهم عاشوا ٤٠٠ سنة من فترة سيدنا يوسف لموسى - عليه السلام-، لافتًا إلى يعقوب انجب ١١ ولد غير يوسف - عليه السلام-.

دعوة سيدنا موسى عليه السلام


بعث الله تعالى الأنبياء إلى الأمم ليرشدوهم إلى طريق الحق والصواب ويبعدوهم عن الشرك بالله إلى التوحيد والإيمان به، ولكن واجه كلّ نبيٍّ من الأنبياء من كفر به وتكبر عن عبادة الله تعالى خوفًا على ماله أو وضعه الاجتماعي بين الناس، وقد كان من أشهر هؤلاء المتكبرين فرعون الذي واجه موسى عليه السلام وتكبر عن عبادة الله تعالى، فعانى بنو إسرائيل الذين آمنوا مع موسى عليه السلام منه أشد العذاب، ولم يزده ما رأى من الآيات والعبر إلّا تكبرًا وعنادًا وتعذيبًا لبني إسرائيل وموسى عليه السلام، ولكن الله تعالى لا يهمل ولا ينسى من كان تقيًّا صالحًا مؤمنًا به ومتوكلًا عليه مهما طال الزمان.

سر انشقاق البحر لموسى وبني إسرائيل وغرق فرعون وجنوده

عقوبة فرعون وجنوده


كانت عقوبة فرعون وجنوده أن أغرقهم الله تعالى في البحر من بعد أن انفلق فكان كالجبلين؛ حيث نجّا الله موسى -عليه السلام- وقومه، فساروا على اليابسة والمياه عن يمينهم وشمالهم في صورةٍ دلّت على عظمة الخالق سبحانه، وقدرته الباهرة ومعجزته الواضحة الجليّة، ثمّ وبعد أن مرّ آخر فردٍ من بني إسرائيل، واقترب فرعون وجنده الذين لحقوا بهم من المكان الذي عبروا منه، أمر الله سبحانه وتعالى ملائكته أن تعيد حال البحر كما كان؛ لترجع أمواج البحر إلى حالها، فتغمر فرعون وجنوده بالماء، فيدركهم الغرق فيموتون حتف أنفهم على الضلالة والشرك، وبعد ذلك تعُرض النّار غدوًا وعشيًا في قبورهم، ويوم القيامة يستحقون عذاب جهنّم مصيرًا لهم ومآلًا.

 

معجزة انفلاق البحر


عندما وصل موسى عليه السلام إلى البحر أمره الله تعالى أن يضرب البحر بعصاه فانشق البحر بقدرةٍ من الله تعالى وظهر في وسطه الطريق الذي على موسى وقومه أن يسيروا فيه، فكانت هذه إحدى معجزات موسى عليه السلام الأخرى، فعندما مرّ موسى عليه السلام ومن معه من البحر وخرجوا منه، وعندما دخل فرعون وجنده إلى البحر بالكامل أمرّ الله تعالى البحر فانطبق عليهم وعاد إلى حاله الأصلية، فبذلك نجى الله تعالى موسى عليه السلام وبني إسرائيل من فرعون وجنده وأغرقهم جميعًا.

مكان غرق فرعون وجنوده

مكان غرق فرعون وجنوده


اختلف العلماء المسلمون في المكان الذي غرق فيه فرعون وجنده هل كان بحرًا أم نهرًا، والحقيقة أنّ الله سبحانه وتعالى قد ذكر هذا المكان وسمّاه بالبحر في آيات معينة، حين قال جلّ من قائل: (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)، وفي مواضع أخرى سمّى الله هذا المكان يمًا، قال تعالى: (فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم). الناظر في الآيات الكريمة السابقة يتبين له أنّ القرآن الكريم لم يفرّق بين البحر واليم؛ فكلاهما أُطلق على المكان الذي غرق فيه فرعون وجنوده، ولكن المفسّرين اختلفوا في تحديده على وجه الخصوص هل هو البحر المعروف باسم البحر الأبيض المتوسط الذي يفصل بلاد مصر عن بلاد الحجاز، أم هو نهر النيل المشهور الذي ينبع من بلاد الحبشة ويمر في أراضي مصر، فمنهم من قال: إنه البحر الأبيض المتوسط ومنهم من رأى أنه نهر النيل، واستدلوا على ذلك بالآية الكريمة التي تحدثت عن قصة إلقاء موسى -عليه السلام- في اليم وهو نهر النيل، والراجح من تلك الأقوال أنّه البحر الأبيض المتوسط لقصد موسى -عليه السلام- الأراضي المقدسة، وهي فلسطين عندما خرج من مصر.

مكان غرق فرعون وجنوده

مكان غرق فرعون وجنوده 

إلا أن هناك معلومات تناقلها البحار وأجدادهم من أسلافهم عبر العصور، وهى أن سيدنا موسى عليه السلام عبر خليج السويس إلى بر سيناء عن طريق مدينة رأس غارب ، وأن فرعون غرق قبالة سواحل المدينة، لكن دون أن يحددوا المكان بشكل دقيق.

وقال أحد مؤرخين البحر الأحمر أن منطقة غرق فرعون تعتبر من الأماكن المشؤمة عند البحارة ويشبهونها بالمكان الذى وقع فيه العذاب على "قوم لوط" بمنطقة البحر الميت فى الأردن، حيث جاء أمر الله عز وجل فى قولة تعالى (فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ)، فعند حدوث أمر الله سبحانه وتعالى تتغير قوانين الطبيعة وهذا ما لاحظة البحارة من تغير فى طبيعة هذا المكان  وهناك رواية يؤيدها البحارة حول الطريق الذى إتخذه موسى فى هروبه الأول إلى "مدين".

واختلف العلماء والباحثين والمؤرخين فى تحديد المكان الذى مر منة سيدنا موسى وغرق فيه فرعون، فمنهم من قال تم عن طريق بحيرة المنزلة فى إتجاه القنطرة شرق، لكن هناك نصا فى التوراة (سفر الخروج) ينفى هذه الفرضية ويؤكد أن العبور من مصر للأرض المقدسة كان عن طريق جنوب سيناء وليس شمالها، لأن قبضة الفراعنة كانت أقوى بشمال سيناء.

والطريق الواصل بين مصر وفلسطين المستخدم فى الحملات العسكرية للفراعنة وتكثر فيه الحصون ونقاط المراقبة وبه مقر قيادة جيش رمسيس الثاني بسيناء، ما يعنى استحالة عبور سيدنا موسى وبني إسرائيل من هناك، كما إدعى باحثين أمريكيين وقالوا أن فرعون غرق نتيجة ظاهرة (المد والجزر)، وهذا ما نفاه القرآن الكريم وأن معجزة شق البحر جاءت واضحة عندما رأى النبى موسى وبنى إسرائيل البحر بالفعل وخشوا أن يعبروه لعمقه الكبير وقالوا إنا لمدركون، فقال موسى (إن معي ربى سيهدين) فألقى بعصاة وحدثت المعجزة.