الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صفقة الاتفاق النووي الجديدة .. لبنان تتحول لقاعدة عسكرية وتوافق غربي روسي إيراني

صدى البلد

يدفعهم التصميم على إبرام صفقة في الأيام الـ10 المقبلة لكبح جماح برنامج الأسلحة النووية الإيراني، ويحاول الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن الدولي (بالإضافة إلى ألمانيا) تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها كل من إيران وخصمها إسرائيل.

نشت صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية تقريرا بعنوان "هل تباع لبنان من أحل صفقة نووية مع إيران؟"، وجاء به أن ملحمة الأسلحة النووية الإيرانية ملحمة غريبة. عندما اشتبه في امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، شرع المجتمع الدولي في نزع سلاحه، ووضعه تحت نظام مراقبة صارم ومطالبته بتقديم الدليل المستحيل على عدم حيازة الأسلحة البيولوجية - التي دمرها لتجنب الاعتراف بامتلاكها. علاوة على ذلك، سعت القوى التي تقودها الولايات المتحدة إلى "ترويض وتدمير" العراق لجرأته على الحصول على أسلحة الدمار الشامل في المقام الأول. ومع ذلك، يتم التعامل مع إيران بشكل مختلف.

وأضاف التقرير أن الواقع أن ابتزاز طهران النووي قوبل بالاستسلام إن لم تكافأه القوى العالمية. وفي الوقت نفسه، غض كل من الشرق والغرب الطرف عن حيازة إسرائيل للأسلحة النووية. وهكذا، اليوم، أصبحت كل من إسرائيل وإيران دولتين نوويتين بدرجات متفاوتة من التقدم. وأيا كان ما تقوله القوى العالمية فيما يتعلق ببرنامج الأسلحة الإيراني، فإن هذه الأخيرة هي بالفعل دولة نووية. وهذا هو بالضبط السبب في أن طهران لا تريد السماح بالتدقيق الدولي في منشآتها النووية.

وتابع:"الواقع أن السبب الرئيسي في أن المفاوضات الجارية لم تسفر بعد عن اتفاق هو المسألة الشائكة المتمثلة في رصد هذه المفاعلات النووية وتفتيشها. وحتى في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى فرض ضوابط صارمة، ترفض طهران المراقبة الشاملة. وينظر إلى الأوروبيين على أنهم يقدمون تنازلات، على حساب الولاية القضائية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يشكل سابقة خطيرة".

وقالت إسرائيل بشكل قاطع إنها سترفض أي اتفاق يفشل في معالجة مخاوفها الوجودية. وأمنها في الوقت الحالي ليس في صدارة اهتمامات مسؤولي إدارة بايدن، نظرا لتركيزهم على الحرب الأوكرانية، ولكن مع احتمال أن تكون إسرائيل نقطة نقاش في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية هذا العام، فإن السؤال هو ما إذا كانت الإدارة ستنتهي بإبرام صفقة مع قادتها لضمان عدم عرقلة التوصل إلى اتفاق مع إيران.

ويبدو أن القوى الأوروبية في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، المعروفة باسم "E3"، تشعر بالقلق إزاء الخطوط الحمراء الإيرانية أكثر من تلك التي وضعتها إسرائيل. وهم يعتقدون أنهم قادرون، إلى جانب واشنطن، على تهدئة مخاوف إسرائيل. من ناحية أخرى، هم في حاجة ماسة إلى طاقة إيران نظرا لعلاقاتهم المتصدعة مع روسيا بسبب حرب الأخيرة المستمرة مع أوكرانيا. إن مجموعة E3، وكذلك روسيا، واثقتان من التأثير على إسرائيل من خلال الضمانات الأمنية والأعمال والتجارة. ولكن إذا رفضت إسرائيل الاتفاق رفضا قاطعا، فمن المرجح أن يحتملوا جيشها الذي يضرب المواقع النووية الإيرانية أكثر من استعدادها للمخاطرة بسيناريو عدم التوصل إلى اتفاق.

وتعمل روسيا من موقع نفوذ مع كل من الحكومتين الإيرانية والإسرائيلية، مستفيدة من المحادثات النووية لاستعادة أي مكانة عالمية فقدتها بسبب الحرب الأوكرانية. والواقع أنها تنظر إلى الشرق الأوسط باعتباره مرحلة لإعادة تأكيد هيبتها. ووفقا لأحد المصادر الروسية، وجدت موسكو في إيران "غرورا سياسيا متغيرا"، خاصة في سوريا حيث استعانت بمصادر خارجية لمهمتها في طهران.

والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت القوى العالمية تدرس تداعيات الاتفاق النووي على الأمن الجماعي للدول العربية. ويبدو أن الكرملين حذر طهران من "خلق مشاكل" في المنطقة، على الأقل على المدى القصير، وإلا فلن يكون هناك اتفاق.

لبنان بين إيران وإسرائيل

لكن موسكو تعتقد أن نفوذ إيران وأفعالها في الشرق الأوسط – سواء كانت مباشرة أو من خلال حزب الله، وكيل طهران في لبنان – لا يمكن وقفها. وقال مصدر أنه لا يمكن كبح الأنشطة الإيرانية في لبنان "من وجهة نظرنا، إيران مسؤولة عن لبنان، ودورها هناك تاريخي. لبنان قضية أمنية بالنسبة لإيران ... هذا شأن إيران، وليس شأننا، ولا شيء في لبنان يمكن تغييره بدون إيران".

ويشاطر الغرب موسكو وجهة نظرها بأن أولويتها الجماعية يجب أن تكون منع الأنشطة العسكرية العابرة للحدود من قبل إيران أو حزب الله ضد إسرائيل. وبالنظر إلى مثل هذا الإجماع، يمكن أن يشمل الاتفاق المرتقب مع إيران التنازل لطهران عن أولويتها في لبنان، في مقابل تأكيدها الحفاظ على السلام على حدود الأخيرة مع إسرائيل. غير أن مثل هذا الاتفاق سيكون قصير النظر. إن السماح لطهران بتحويل لبنان إلى قاعدة عسكرية لنفسها من شأنه أن يفيد الترويكا الاستراتيجية بين إيران وروسيا والصين، ناهيك عن تقويض سيادة دولة مستقلة والمخاطرة بحرب أهلية. علاوة على ذلك، من الصعب تخيل أنه لن يكون هناك صدام عسكري في المستقبل على أي حال.

وهكذا، يتعين على السفراء الغربيين في بيروت أن يشرحوا لحكوماتهم عواقب مثل هذا الاتفاق. وينبغي للبنان أن يضغط على سفرائه لدى البلدان المعنية للعمل الدبلوماسي. يحتاج الشعب اللبناني إلى التنظيم والتعبئة، وضمان ألا ينظر إليه على أنه يستسلم بصمت لمثل هذا الأمر الواقع. يجب أن يعترضوا على اتفاق نووي يحتوي على مثل هذه المحليات للنظام الإيراني.

وأكد المقال أن استمرار القيادة العالمية للولايات المتحدة يعني أن واشنطن تتحمل المسؤولية الرئيسية عن أي صفقة مع إيران. قد يكون حماس إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق مدعوما بتصميمها على تجنب حرب في المنطقة. وقد تكون حريصة أيضا على إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، التي كان ينظر إليها على أنها إنجاز من عهد أوباما كانت إدارة ترامب التي خلفته قد أجهضته. لكن هذا لا يعني أنها يجب أن تعمي نفسها عمدا عن الآثار المترتبة على الصفقة.

وحذر المقال من أن "إهداء لبنان وهو بلد مستقل، إلى طهران لاستخدامها كقاعدة عسكرية متقدمة هو أمر ستندم عليه واشنطن. علاوة على ذلك، ما لم تفهم الولايات المتحدة الحاجة إلى معالجة سلوك إيران الإقليمي في لبنان وسوريا والعراق، فإنها سترتكب خطأ استراتيجيا فادحا. لأنها ستترك المنطقة مفتوحة فعليا أمام تأثير منافسيها".