الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المولد النبوي 2022.. هل تجوز الصلاة والسلام على والدي سيدنا محمد؟

المولد النبوي 2022
المولد النبوي 2022

المولد النبوي 2022.. أيام قلائل ويحتفي المسلمون في شتى بقاع الأرض بذكرى المولد النبوي 2022، ويكثر التساؤل عن حكم الصلاة والسلام على والدي النبي. 

المولد النبوي 2022

وفي بيان حكم الصلاة والسلام على والدي النبي الكريمين،  قالت دار الإفتاء المصرية في فتوى سابقة لها، إن الأمر الإلهي بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن الاعتناءَ بإظهار شرفه، والإشادةَ باصطفاء أصله وطهارة نسله، وإحسان الصلاة عليه، وكمالُ الإحسانِ: الجمعُ بينه وبين الآل: من يؤول إليهم ويؤولون إليه.

وتابعت ردا على سائل يقول: في بعض الكتب صيغة (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى والديه وعلى آله وصحبه وسلم) فهل تجوز؟ وهل تجوز الصلاة على والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم استقلالًا؟ وهل يجوز السلام عليهما؟ ويكون بالاسم أم بالوصف؟ وما الرد على من يزعم أنه حرام لعدم وروده! وأنهما ماتا على الجاهلية! ويحرِّم الدعاء لهما! وما واجبنا تجاههما؟: والحق الذي يجب اعتقادُه ولا يجوز غيرُه: أن والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنان، وهما خلاصة أهل الاصطفاء والإيمان؛ لأن الله اختارهما لنور النبوة؛ فهما خير مستقَرٍّ ومستودَعٍ، وهما من الآل لغة وشرعًا فتشملهما الصلاة عليه، بل هما أَوْلَى دخولًا؛ لأنهما أقربُ أصوله إليه، فهما أصل النبي والآل، ونبع النور ومستودَعُ الكمال.
وأكملت: الصلاة عليهما تبعًا مستحبة شرعًا؛ لأن فيها امتثالًا للأمر بإحسانها؛ تمدحًا بشرف الأصل النبوي، وإشادةً بعظمة الاختيار الإلهي لأبويه، ولأنهما من الآل؛ ففي التصريح بذكرهما تفصيل بعد إجمال، وتعديد لجهات الكمال، ولاتفاق العلماء على جواز الصلاة على المؤمنين تبعًا، وهما خلاصة أهل الإيمان، ولقطع الألسنة الطاعنة في جنابهما، كما في استحباب التصريح بالصحابة تبعًا مع عدم وروده؛ قياسًا على الآل ودفعًا للطعن، فالتصريحُ بالوالدين أولى؛ لأنه أظهر للشرف وأبلغ لمقصود الصلاة، ولأنهما من الآل حقيقة، والدفاع عنهما مقدَّمٌ لعظيم مكانهما، والصيغة المذكورة استحبها علماء المدينة المنورة من غير نكيرٍ.
وبينت أن الصلاة عليهما استقلالًا: مستحبة كذلك؛ لأن مآلها للشرف النبوي؛ فالإفراد فيها لفظي لا معنوي؛ إذ الصلاةُ عليهما إشادةٌ باصطفاءِ أصولِه وطهارةِ منبتِه؛ لأن شرفَهما شرفٌ نبوي.
وأكدت: السلام عليهما جائز كذلك؛ تبعًا واستقلالًا؛ لهذا المعنى، ولأن الله سلَّم في كتابه على عباده الذين اصطفاهم، وهما مِن المصطفَيْنَ الأخيار، وسلَّم على آل ياسين، وهم آل البيت، حيث يتأكد القول باستحباب الصلاة والسلام عليهما: في موطن إثبات إيمانهما والرد على منتقصهما؛ إظهارًا لشرف الأصل النبوي وحذرًا من السقوط في مهلكة ابتذاله، وتقريرًا لاصطفاء آباء المصطفى وأنهم من آله، وإقرارًا لعينه صلى الله عليه وآله وسلم، ويستوي ذكرُهما بالاسم أو بالوصف، وإن كان الوصف مقدَّمًا؛ تشرفًا بذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولفتت إلى حق والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كل مؤمن أعظم من حق والديه عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى بكل مؤمن من نفسه، فوالداه كذلك، والسيدة آمنة عليها السلام أعظم النساء تحققًا بأمومة المؤمنين وزيادة؛ لاختصاصها بأمومة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويجب على كل مكلف الذبُّ عن جنابهما، والردُّ على الطاعنين في إيمانهما، المستهينين بأصْلَيْه الشريفين عليهما السلام.

وقالت: أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالاعتناء بإظهار شرف نبيه المبين، وتعظيم شأن سيد المرسلين، صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم أجمعين، والإشادة بكرم أصله الشريف وطهارة فرعه المنيف، واستغراق الوسع في ذلك بالمدح وكثرة الثناء، وتمام المتابعة والاقتداء، وذلك كلُّه مضمَّن في الأمر الإلهي، بالصلاة والسلام على الجناب النبوي صلى الله عليه وآله وسلم.
فالله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، والصَّلاةُ: هي التعظيم؛ كما قال الإمام الحليمي (ت403هـ) في "شعب الإيمان" (2/ 133، ط. دار الفكر)، وهي: الدّعاء، والتّبريك، والتّمجيد، كما نقله العلامة الراغب (ت502هـ) في "المفردات" (ص: 490، ط. دار القلم) عن كثير من أهل اللغة.
قال الإمام البيضاوي (ت685هـ) في "تفسيره" بحاشية الشهاب الخفاجي (7/ 184، ط. بولاق 1283هـ): [﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ اعتنوا أنتم أيضًا؛ فإنكم أولى بذلك] اهـ.
وقال العلامة الشهاب الخفاجي (ت1079هـ) في حاشيته عليه "عناية القاضي وكفاية الراضي": [الصلاة بمعنى الدعاء تجوز بها عن الاعتناء بصلاح أمره وإظهار شرفه، والسلام: تسليمه صلى الله عليه وآله وسلم عما يؤذيه] اهـ بتصرف.
وقال الشيخ ابن القيم الحنبلي (ت751هـ) في "جلاء الأفهام" (ص: 168، ط. مجمع الفقه): [معنى الصلاة: هو الثناء على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والعناية به، وإظهار شرفه وفضله وحرمته، كما هو المعروف من هذه اللفظة] اهـ.

المولد النبوي 2022

كما قال الإمام البرهان البقاعي (ت885هـ) في "نظم الدرر" (15/ 406-408، ط. دار الكتاب الإسلامي): [﴿صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ بعدم الغفلة عن المبادرة إلى إظهار شرفه في حين من الأحيان؛ تصديقًا لدعواكم؛ ولأن الكبير إذا فعل شيئًا بادر كل محب له معتقد لعظمته إلى فعله ﴿وَسَلِّمُوا﴾ ولما كان المراد بكل من الصلاة والسلام إظهار الشرف، وكان السلام أظهر معنى في ذلك: أكدهما به فقال ﴿تَسْلِيمًا﴾ أي: فأظهروا شرفه بكل ما تصل قدرتكم إليه من حسن متابعته وكثرة الثناء الحسن عليه والانقياد لأمره في كل ما يأمر به.
فقد ظهر أن معنى الكل كما ترى ينظر إلى إظهار الشرف؛ نظر الملزوم إلى اللازم، ولذلك فسر البيضاوي ﴿يُصَلُّونَ﴾ بقوله: يعنتون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه] اهـ بتصرف.
وقال الإمام الخطيب الشربيني (ت977هـ) في تفسيره "السراج المنير" (3/ 268، ط. بولاق 1285هـ): [أي: حيوه بتحية الإسلام وأظهروا شرفه بكل ما تصل قدرتُكم إليه؛ من حسن متابعته، وكثرة الثناء الحسن عليه، والانقياد لأمره في كل ما يأمر به] اهـ.
وجاءت السنة بتأكيد الأمر بالاعتناء بإظهار الشرف النبوي:
فجاء الأمر بإحسان الصلاة على الجناب النبوي، وأن ذلك مطلوب شرعي مرعي:
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَأَحْسِنُوا الصَّلَاةَ عَلَيْه؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْه، قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ، وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، إِمَامِ الْخَيْرِ، وَقَائِدِ الْخَيْرِ، وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ المقَام المحمود يَغْبِطُهُ بِهِ الأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ" رواه ابن ماجه في "السنن"، وعبد بن حُمَيد، وأبو يعلى، والشاشي في "مسانيدهم"، وغيرهم، وهو أثر صحيح له حكم الرفع؛ لأنه مما لا يقال بالرأي، وحسّنه جماعةٌ من المحدِّثين، وصححه الحافظ مغلطاي في "شرح سنن ابن ماجه"، ورواه الديلمي في "مسند الفردوس" مرفوعًا بلفظ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَأَحْسِنُوا الصَّلَاةَ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعرَضُ عَلَيَّ».

المولد النبوي 2022

وإحسان الصلاة: البيان فيها والإفصاح عن الشرف النبوي، وفي ذلك إذنٌ باستحداث ما يستطيعه المسلم من الصيغ الفصيحة المعبرة عن ذلك؛ بما يشمل الإشادة بكل ما فيه طهارة أصوله وفروعه صلى الله عليه وآله وسلم، على وسع ما تصل إليه بلاغة المرء في التعبير اللائق عن خير الخلائق صلى الله عليه وآله وسلم من غير تقيد بالوارد؛ كما عليه المحققون سلفًا وخلفًا:
قال الإمام ابن مُسْدِي (ت663هـ): [وذهب جماعة من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم: إلى أن هذا الباب لا يوقف فيه مع المنصوص، وأن من رزقه الله بيانًا فأبان عن المعاني، بالألفاظ الفصيحة المباني، الصريحة المعاني، مما يعرب عن كمال شرفه صلى الله عليه وآله وسلم وعظيم حرمته، كان ذلك واسعًا] اهـ من "القول البديع" (ص: 146، ط. الريان).
وجاءت السنة بأكمل مظاهر هذا الإحسان: في مشروعية الجمع في الصلاة بينه وبين آله، وهي كيفية الصلاة عليه التي علَّمها الأمةَ؛ كما في حديث كعب بن عُجْرَةَ رضي الله عنه قال: قلنا: يا رَسُول اللهِ، قد عَلِمْنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» متفق عليه، وتواتر ذلك في السنة النبوية عن ثلاثةَ عشر صحابيًّا؛ إعلامًا لأمته أنه وآلَه في الصلاة شيءٌ واحد، وورد النهيُ عن ترك الآل، ووُصِفَت بالبتراء؛ أي: ناقصة الكمال؛ ولذلك أوجب جماعةٌ مِن العلماء ذكرَ الآلِ.
وسِرُّ ذلك: أن الصلاة على الآل تدل على كمال الشرف أصلًا ونسلًا؛ فلفظ الآل في اللغة يدل على المآل بدءًا ومنتهًى؛ فيشمل من يؤول إليهم المرءُ ومَن يؤولون إليه، يقول الإمام ابن فارس في "مقاييس اللغة" (1/ 160، ط. دار الفكر): [والهمزة والواو واللام: أصلان: ابتداء الأمر وانتهاؤه، ومن هذا كان آل الرجل هم أهل بيته؛ لأنه إليه مآلهم وإليهم مآله] اهـ، وأحق الناس بوصف آله صلى الله عليه وآله وسلم: مَن آلوا إليه مِن أهل العباء، ومَن آل إليهم من الأمهات والآباء، لينتظم شرف النسب والنسل. 

فتحصل من ذلك: أن الأمر الإلهي بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن الاعتناءَ بإظهار شرفه، والإشادةَ باصطفاء أصله وطهارة نسله، وأكدت السنة ذلك: بالأمر بإحسان الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم بما يتضمن الإذن باستحداث الصيغ اللائقة بالجناب النبوي فيها من غير تقييد، وكمالُ الإحسانِ: الجمعُ بينه وبين الآل: من يؤول إليهم ويؤولون إليه؛ فهو خلاصة شرف أصله، ومنبع شرف نسله، وهذا أوفى بإظهار الشرف.
وشددت الحق الذي يجب اعتقادُه ولا يجوز غيرُه: أن والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنان، وهما خلاصة أهل الاصطفاء والإيمان؛ لأن الله اختارهما لنور النبوة؛ فهما خير مستقَرٍّ ومستودَعٍ، وهما من الآل لغة وشرعًا فتشملهما الصلاة عليه، بل هما أَوْلَى دخولًا؛ لأنهما أقربُ أصوله إليه، فهما أصل النبي والآل، ونبع النور ومستودَعُ الكمال.
والصلاة عليهما تبعًا: مستحبة شرعًا؛ لأن فيها امتثالًا للأمر بإحسانها؛ تمدحًا بشرف الأصل النبوي، وإشادةً بعظمة الاختيار الإلهي لأبويه، ولأنهما من الآل؛ ففي التصريح بذكرهما تفصيل بعد إجمال، وتعديد لجهات الكمال، ولاتفاق العلماء على جواز الصلاة على المؤمنين تبعًا، وهما خلاصة أهل الإيمان، ولقطع الألسنة الطاعنة في جنابهما، كما في استحباب التصريح بالصحابة تبعًا مع عدم وروده؛ قياسًا على الآل ودفعًا للطعن، فالتصريحُ بالوالدين أولى؛ لأنه أظهر للشرف وأبلغ لمقصود الصلاة، ولأنهما من الآل حقيقة، والدفاع عنهما مقدَّمٌ لعظيم مكانهما، والصيغة المذكورة استحبها علماء المدينة المنورة من غير نكيرٍ.
والصلاة عليهما استقلالًا: مستحبة كذلك؛ لأن مآلها للشرف النبوي؛ فالإفراد فيها لفظي لا معنوي؛ إذ الصلاةُ عليهما إشادةٌ باصطفاءِ أصولِه وطهارةِ منبتِه؛ لأن شرفَهما شرفٌ نبوي.
والسلام عليهما جائز كذلك؛ تبعًا واستقلالًا؛ لهذا المعنى، ولأن الله سلَّم في كتابه على عباده الذين اصطفاهم، وهما مِن المصطفَيْنَ الأخيار، وسلَّم على آل ياسين، وهم آل البيت.
ويتأكد القول باستحباب الصلاة والسلام عليهما: في موطن إثبات إيمانهما والرد على منتقصهما؛ إظهارًا لشرف الأصل النبوي وحذرًا من السقوط في مهلكة ابتذاله، وتقريرًا لاصطفاء آباء المصطفى وأنهم من آله، وإقرارًا لعينه صلى الله عليه وآله وسلم، ويستوي ذكرُهما بالاسم أو بالوصف، وإن كان الوصف مقدَّمًا؛ تشرفًا بذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وحق والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم على كل مؤمن أعظم من حق والديه عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى بكل مؤمن من نفسه، فوالداه كذلك، والسيدة آمنة عليها السلام أعظم النساء تحققًا بأمومة المؤمنين وزيادة؛ لاختصاصها بأمومة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويجب على كل مكلف الذبُّ عن جنابهما، والردُّ على الطاعنين في إيمانهما، المستهينين بأصْلَيْه الشريفين عليهما السلام.