الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تخوف كبير للجاليات المسلمة.. ماذا يعني وصول اليمين إلى حكم إيطاليا؟

ماذا يعني وصول اليمين
ماذا يعني وصول اليمين إلى حكم إيطاليا؟

تطغى أحاسيس القلق والترقب على بعض المهاجرين وجاليات مسلمة بإيطاليا، بعد وصول ائتلاف اليمين المتطرف إلى الحكم بإيطاليا، متسائلين عما إذا كانت الخطابات العنصرية التي ترفعها هذه الأحزاب، ستتحول إلى سياسات وإجراءات، أم ستبقى مجرد شعارات للاستهلاك الانتخابي، وستركز عملها على الأولويات الاقتصادية والسياسية.

وحقق ائتلاف اليمين المتشدد الذي يضم أحزاب "إخوة إيطاليا" و"الرابطة" و"فورزا إيطاليا"، نتائج تاريخية في الانتخابات التي جرت الأحد، بحصوله على نسبة 44.1% من الأصوات، عادت أغلبها لحزب "فراتيلي ديتاليا" الذي تتزعمه جورجيا ميلوني، والتي ينتظر أن تكون رئيسة الوزراء الجديدة في البلاد.

وأظهر فرز الأصوات حصول حزب ميلوني على 26 بالمئة من الأصوات، وحزب "الرابطة"، بزعامة ماتيو سالفيني، على 9 بالمئة، فيما حاز "فورزا إيطاليا" بقيادة سيلفيو برلسكوني على ثقة 8.3 بالمئة من الناخبين.

وينظرُ بعض أفراد الجاليات المسلمة بتوجس كبير إلى وصول الأحزاب اليمينية إلى السلطة بإيطاليا، بالنظر إلى مواقفها، التي توصف بأنها "عنصرية وعدائية"، والتي عبّرت عنها في قضايا متعلقة بالإسلام والهجرة واللجوء.

رغم أن حدة تصريحاتها حول هذه المواضيع، خفّت، خلال فترة الحملة الانتخابية، إلاّ أن مسلمي إيطاليا، يسترجعون بقلق كلمات المرشحة لرئاسة الحكومة أمام أنصارها في أكتوبر من 2019، بروما، حين قالت: "سنحارب أسلمة أوروبا، لأننا لا نعتزم أن نصبح قارة مسلمة".

وأضافت ميلوني: "إذا شعرت بالإهانة من الصليب، فهذا ليس المكان الذي يجب أن تعيش فيه. العالم شاسع ومليء بالدول الإسلامية حيث لن تجد صليبًا لأن المسيحيين يتعرضون للاضطهاد والكنائس تُهدم هناك. لكن هنا سندافع عن هذه الرموز وسندافع عن هويتنا. سندافع عن الله والوطن والعائلة.. اتخذوا قراراتكم"، موجهة الكلام للجاليات المسلمة بإيطاليا.

بدوره يحمل سالفيني رئيس حزب "رابطة الشمال"، الراغب في العودة إلى حمل حقيبة الداخلية، مواقف لا تقلّ قساوة تجاه الجاليات المسلمة ببلاده، حيث سبق له التصريح بأن "الإسلام لا يتوافق مع القيم الأوروبية"، داعيا بلدان الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تقييم سياسة الهجرة، بحسب ما نقلت "بوليتكو".

وتكشف أرقام مكتب الإحصاء الوطني الإيطالي لسنة 2022، بأن عدد الأجانب بالبلد الأوروبي يبلغ 5.2 مليون، بينهم نسبة مهمة من المسلمين، ويمثل هذا العدد نسبة 8.3 بالمئة من إجمالي سكان البلد الأوروبي الذي يضمّ 59 مليون نسمة،

وتشير معطيات رسمية إيطالية، بأن أكثر من 690 ألف مهاجر وصلوا بالقوارب منذ عام 2013، معظمهم أفارقة، قلة منهم فقط تمكنت من الحصول على وثائق الإقامة أو اللجوء، فيما ما تزال أعداد كبيرة بدون وثائق.

وأوردت المعطيات ذاتها، بأن 500 ألف شخص يعيشون بإيطاليا بشكل غير قانوني، من بينهم طالبو لجوء رفضت طلباتهم، وأشخاص تجاوزوا مدة صلاحية تأشيراتهم.

وخلال السنة الجارية وحتى نهاية الشهر الماضي، وصل إلى جزيرة لامبيدوزا 26 ألف شخص، حيث تشكل الجزيرة بوابة عابري المتوسط نحو "الحلم الأوروبي".

ومع وصول التحالف اليميني إلى السلطة، وتوفّره على أغلبية مريحة في مجلسي النواب والشيوخ، تبدو مخاوف المهاجرين واللاجئين الراغبين في الوصول إلى إيطاليا مشروعة حيث يرتقب أن تتراجع أعداد العابرين، بعد أن وعدت الأحزاب الثلاثة، خلال حملاتها الانتخابية، بتشديد القيود على سياسة الهجرة في إيطاليا، وإغلاق السواحل الإيطالية أمام قوارب المهاجرين بالبحر الأبيض المتوسط.

وسبق أن اعتبر تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، بأن فوز حزب "إخوان إيطاليا" اليمني المتشدد "سيشكل كابوسا للمهاجرين الحالمين بالوصول إلى قارة أوروبا عن طريق البحر المتوسط".

وفيما تتحدث ميلوني عن "فرض حصار بحري"، تعهد سالفيني الذي يرتقب أن يشغل منصب وزير الداخلية، بمنع القوارب التي تحمل المهاجرين من وصول إيطاليا، كما فعل ذلك سابقاً عندما كان في المنصب ذاته بين سنتين 2018 و2019؛ "لقد قمت بذلك من قبل ولا أطيق الانتظار للقيام بذلك مرة أخرى"، يقول رئيس حزب "الرابطة"،  في تجمع انتخابي في روما، وفق التايمز.

العضو السابق بالبرلمان الإيطالي ومدير  "الشبكة الإيطالية للدبلوماسية"، خالد شوقي، يقول إن الجاليات المسلمة عاشت قبل الانتخابات على وقع الترقب والتخوف من وصول اليمين المتطرف إلى الحكم بإيطاليا، خصوصاً حزب جورجيا ميلوني، الذي طالما دعا إلى سياسات أكثر تشدّدا في استقبال اللاجئين والمهاجرين بصفة عامة.

ويورد شوقي في تصريح لموقع الحرة، بأن شكوكاً تعتري الجاليات والأقليات المسلمة بإيطاليا، حول ما إن كانت الشعارات الشعبوية والتمييزية التي يرفعها اليمين المتطرف، ستتحول إلى قوانين جديدة تزكّي سلوكيات التمييز العنصري وعدم احترام الحقوق الدينية، بحسب تعبيره.

ويتابع البرلماني الإيطالي السابق، بأن المهاجرين والمسلمين بإيطاليا، يترقبون ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، لأنها وحدها، الكفيلة بكشف مدى توجّه اليمين المتطرف الحاكم لتطبيق خطاباته على أرض الواقع، لافتاً إلى أن هذا الأمر يبقى أيضاً، رهين الوزراء الذين ستختارهم ميلوني في الحكومة المقبلة.

ويوضح في هذا السياق، بأن الأسماء التي سيتم اختيارها في تشكيل الحكومة ستكشف توجهاتها مستقبلا، حول ما إن كانت ستركز على خطاباتها الشعبوية أم على أولويات أخرى ترتبط بمواضيع الأزمة الاقتصادية والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي وملف الحرب الروسية على أوكرانيا.