الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وصفة اليابان .. كيف تفلت من ضربات الدولار بحيلة بسيطة؟

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي والين الياباني

لم يترك التضخم وارتفاع سعر الدولار على مستوى العالم دولة تنجو من آثاره، وحتى اليابان التي لطالما ظلت بنظر الكثيرين نموذج العبقرية الاقتصادية القادرة على الصمود في وجه أي أزمة بدت عليها التأثر بالأزمة الاقتصادية إلى درجة أجبرتها على اتخاذ خطوات استثنائية غير مسبوقة، على الأقل منذ سنوات طويلة.

أدت قرارات متتالية من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) بشأن رفع أسعار الفائدة إلى ارتفاع سعر الدولار أمام عملات العالم الرئيسية والوطنية، وبينها الين الياباني بطبيعة الحال، ونتيجة لذلك تكهن مراقبون بأن اليابان ستتدخل لدعم الين الذي تراجعت قيمته أمام الدولار إلى أدنى مستوى منذ 24 عامًا.

بنك اليابان يتدخل لدعم الين أمام الدولار

وفي منتصف سبتمبر، أجرى بنك اليابان (البنك المركزي الياباني) قد مراجعة نادرة لأسعار الفائدة، وهي خطوة غالبًا ما تعتبر مقدمة للتدخل الفعلي، وبعد أيام تدخل بنك اليابان بالفعل لدعم الين أمام الدولار للمرة الأولى منذ عام 1998، وكان هذا التحرك غير عادي بالمرة بالنسبة لدولة مثل اليابان، لطالما شكا منافسيها التجاريين من تعمدها إبقاء قيمة الين منخفضة لدعم قطاع التصدير، لكن الآن وقد مر أكثر من شهر على تدخل بنك اليابان لدعم الين، يبدو أن تحركاته آتت ثمارها.

وبحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية، لا يوجد مستوى معين لسعر الين أمام الدولار يقرر عنده بنك اليابان التدخل لدعم قيمة عملته الوطنية ومراجعة أسعار الفائدة أو تغييرها، فهو يتدخل في حالة التقلبات والهزات العنيفة فقط بغض النظر عن التقلبات اليومية في سعر الصرف، وآخر مرة أجرى فيها بنك اليابان مراجعة لأسعار الفائدة قبل سبتمبر الماضي كانت عام 2016.

سلاح التلميحات.. كيف تبني اليابان دفاعاتها أمام الدولار؟

وفي حالات سابقة تدخل بنك اليابان بخطوات بسيطة للغاية لدعم قيمة الين قليلا وبشكل لا يُعد تدخلا صريحًا أو سافرًا، إذ كان يدعو المستثمرين في سوق العملات إلى سؤاله مباشرة عن قيمة الين أمام الدولار، وكان فيذلك تحذير خفي للمتداولين من المغامرات المتهورة، وعادة ما كان بنك اليابان يفعل ذلك عندما يشعر بأن التحذيرات الشفهية الصادرة عن الوزراء والمسئولين المختصين غير كافية لتهدئة تقلبات أسعار الصرف.

وعادة ما تقرر وزارة المالية اليابانية ما إذا كان ضروريًا أن تتدخل الدولة لدعم قيمة الين أمام الدولار أو أي عملة أخرى، وبناءً على تقييمها يتحرك بنك اليابان لشراء أو بيع السندات الحكومية، وغالبًا ما يسبق ذلك تلميحات شفهية مدروسة من جانب المسئولين المختصين، فإذا قال هؤلاء إن الحكومة لا تستبعد أي خيارات أو أنها مستعدة لاتخاذ إجراءات حاسمة، يُفهم من ذلك أن تدخلها في الأسواق المالية صار وشيكًا.

وعندما تقرر الحكومة وبنك اليابان دعم الين، يستخدم البنك ما لديه من احتياطي الدولار لتحديد سعر الصرف جزئيًا، وفي نهاية أغسطس الماضي كان لدى بنك اليابان احتياطي بالدولار يقدر بمبلغ 1.17 تريليون دولار، وعندما قرر التدخل في سبتمبر الماضي لدعم الين كلفه ذلك نحو 20 مليار دولار.

ومع ذلك، فالتدخل لدعم العملة الوطنية لا يمكن أن يكون فعالًا إلا بصفة مؤقتة، والفائدة الكبرى له هو إرسال رسالة طمأنة للمضاربين في سوق العملات بأن الدولة لن تسمح بتراجع كبير في قيمة عملتها، لكنه لن يكون حلًا ناجعًا دون معالجة أي اختلالات هيكلية في اقتصاد الدولة، كما أن الغرض الأساسي لاحتياطي العملات الأجنبية هو حماية اقتصاد الدولة في حالة حدوث صدمة مالية كبيرة أو حدث غير متوقع، وليس دعم العملة الوطنية بتحديد قيمة غير واقعية لها.