الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإمام والبابا يجددان الأخوة الإنسانية وحوار العقل الشرقي الغربي.. والطيب يدعو لمواجهة التغيرات المناخية والانحرافات الأخلاقية .. وإطلاق استراتيجية تعليم عربية تناسب احتياجات المجتمعات

شيخ الأزهر وبابا
شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان

الإمام والبابا يجددان حوار الشرق والغرب من المنامة

  • الطيب يدعو لمواجهة التغيرات المناخية والانحرافات الأخلاقية.. واطلاق استراتيجية تعليم عربية تناسب احتياجات المجتمعات 
  • شيخ الأزهر في لقاء مع بابا الفاتيكان: هدفنا إنقاذ الإنسانية من الصراعات
  • بابا الفاتيكان: علاقتنا مع شيخ الأزهر ومجلس الحكماء تمثل مرحلة مهمة
  • الإمام الأكبر يشدد على دور المناهج الدراسية في مواجهة التغيرات المناخية 

 

لقاءات حوارية وتفاعلية أجراها فضيلة الإمام الأكبر أ. د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، على مدار يوم أمس السبت، بمقر إقامته بالعاصمة البحرينية المنامة على خلفية ملتقى البحرين لحوار الشرق والغرب، والتي بدأت بلقاء الأخوة الإنسانية مع قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية.

شيخ الأزهر والبابا فرنسيس

"الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"

أعرب فضيلة الإمام الأكبر عن تقديره لأخيه البابا فرنسيس، واللقاء مجددًا في إطار العلاقات الأخوية بينهما، وسعيهما معًا لإحلال وإرساء قيم السلام والعيش المشترك وقبول الآخر، مؤكدًا أنَّ وثيقة الأخوة الإنسانية، أضحت أنموذجًا ونهجًا  يمثل أساسًا للبناء من أجل السلام والوئام والاحترام المتبادل والتسامح بين الناس.

من جانبه، رحَّب قداسة البابا فرنسيس، بفضيلة الإمام الأكبر، معربًا عن تقديره لجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في دعم وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان ونشر ثقافة الأخوة الإنسانية وتعزيز السلام العالمي، مؤكدًا أهمية تضامن قادة وزعماء الأديان من أجل خير البشرية وإعلاء صوت الدين لخدمة الإنسانية، مؤكدًا أيضًا على أهمية الحوار في إنهاء الحروب والصراعات والحد من انتشار العنصرية والكراهية.

استراتيجية تعليم عربية تواجه الانحرافات الأخلاقية

وفي لقاء وفد رؤساء وعمداء وأساتذة الجامعات البحرينية، برئاسة ماجد بن علي النعيمي، وزير التربية والتعليم بمملكة البحرين؛ تناول الإمام الأكبر دور المناهج التعليمية في تعزيز القيم الإنسانية.

كما أكد شيخ الأزهر ضرورة إطلاق إستراتيجية تعليم عربية، تتناسب مع احتياجات المجتمعات العربية، وتواجه الانحرافات الأخلاقية التي تحاول بعض التيارات الغربية فرضها على عالمنا العربي والإسلامي، تحت لافتة الحقوق والحريات، مطالبًا القائمين على الأنظمة التعليمية في عالمنا العربي والإسلامي باليقظة والحذر من استهداف ترويج هذه الانحرافات من خلال المناهج الدراسية، وضرورة تضمين مقررات تعليمية لرفع الوعي بضرورة الحوار وزرع قيم الأخوة وتقبل الآخر، وبث القيم الدينية والأخلاقية خاصة لدى النشء في سن مبكرة.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن المناهج الأزهرية ساعدته وأبناء جيله على تقبل الآخر، وأحيت فيهم قيمة الانفتاح على مختلف المذاهب والآراء؛ حيث كانوا يدرسون مختلف المذاهب الفقهية والعقدية في المعاهد الأزهرية في سن مبكرة، ما أتاح لهم فرص التعرف والاطلاع على مختلف آراء كبار العلماء من مختلف المذاهب، الأمر الذي ساعدهم على تبني منهج المناقشة والتحليل، وقبول مختلف الأفكار.

ونبه شيخ الأزهر على أهمية توعية النشء بالقضايا البيئية ومواجهة التغيرات المناخية، من خلال المناهج والمقررات الدراسية؛ نظرًا لما يشهده عالمنا من تحديات وتداعيات خطيرة تهدد مستقبل الإنسان المعاصر والأجيال القادمة.

من جانبهم، أعرب وفد رؤساء وعمداء وأساتذة الجامعات البحرينية، عن سعادتهم بزيارة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، لمملكة البحرين، وتقديرهم الشديد لدوره في تعزيز التعايش العالمي والأخوة الإنسانية، مشيدين بكلمة فضيلته في الجلسة الختامية في ملتقى البحرين للحوار؛ التي نادت بتعزيز الحوار الإنساني ووقف الحروب ومواجهة خطاب الكراهية.


الحوار مع الشباب البحريني 

كما عقد الإمام الأكبر حوارًا مفتوحًا مع شباب البحرين وشباب منتدى "صناع السلام"، بحضور الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة ملك البحرين للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، للحديث مع الشباب والاستماع إلى أسئلتهم واستفساراتهم وتطلعاتهم وما يشغل بالهم، ومعرفة ما يواجههم تحديات في حياتهم اليومية، ونقل الخبرات إليهم وتوجيه النصائح بما ينفعهم ويجعلهم فاعلين في نشر سماحة الدين في أخلاقهم وتعاملاتهم.

وقال إن ما رآه من همة الشباب واستقبالهم لفضيلته بحفاوة وإقبال نحو النقاش المفتوح، دفعه إلى إلغاء كلمته المكتوبة، والحديث معهم من قلبه دون أي قيود في أسئلة أو استفسار، داعيًا الشباب إلى الحديث بكل أريحية في كل ما يشغلهم من قضايا واستفسارات.

وعبَّر الشباب الحاضرين عن شكرهم لقيادتهم الرشيدة على إعطائهم فرصة اللقاء مع قامة دينية ورمز إسلامي كبير لطالما أحبوه وتابعوا لقاءاته وكلماته في المحافل الدولية، وأنهم لديهم شغف كبير لهذا اللقاء والحوار مع شيخ الأزهر، معربين عن حب شعب البحرين وشبابه لمؤسسة الأزهر الشريف وعلمائها، وتحدَّث الشباب عن شعورهم بالأمل والحماس وتطلعهم لمستقبل أكثر إشراقًا وأملًا والتزامًا.

وتوجَّه شباب البحرين بمجموعة من الأسئلة إلى شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين حول تعامل الشباب مع المجتمعات الغربية؛ من حيث اختلاف الثقافات، وكيفية العمل في ظل التحديات التي يواجهها الشباب العربي، وفي ظل الصراعات وانتشار الأفكار المتطرفة والجماعات المتشددة، كما سأل الشباب عن تعاليم الإسلام في كيفية تقديم النموذج الأمثل للشاب المسلم، وخصوصًا وسط انتشار موجات الانفلات الأخلاقي.

وأجاب فضيلة الإمام الأكبر على أسئلة واستفسارات الشباب، ووجه لهم مجموعة من النصائح، جاءت كما يلي:
- أود لفت انتباه الشباب إلى قيمة العمل في الإسلام، فالعمل في الإسلام واجب وليس حقًّا، وهو واجب على الإنسان حتى آخر نفس في أنفاس المؤمن، والرسول ﷺ يقول: (إن قامتِ الساعةُ و في يدِ أحدِكم فسيلةً، فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها)، وهذا حديث عظيم يبين قيمة العمل وفعل الخير وأهمية الحفاظ على البيئة والمجتمع، ولو اهتدت مجتمعاتنا بهذا الحديث في كل حياتنا لكان لنا وضع آخر.

- لابد وأن يتثقف أولادنا وبناتنا بالثقافة الإسلامية التي هي العاصم من الاهتزاز يمينًا أو شمالًا في ظل هذه الظروف الصعبة، وأن يعلموا أن دينهم دين يسر لا عسر، وألا ينشغلوا بالحكم على غيرهم، بل عليهم أن يطبقوا الإسلام في حياتهم وتعاملاتهم.

- أدعو الشباب العربي إلى التسلح بالأمل، وألا يتوقف الإنسان إذا أخفق، بل عليه أن يواصل الأمل والعمل، ورسول ﷺ يقول: (إذا اجتَهَد فأصاب فله أجرانِ، وإن اجتَهَد فأخطَأَ فله أجرٌ)، وهذا الحديث يجب أن يكون منهج حياة للجميع، وأن يقترن الاجتهاد والأمل بكل شيء في حياة الإنسان، فلولا الأمل ما كان العمل.

-لا وجود للحياة الوردية، فالحياة مليئة بالتحديات، وقد أخبرنا القرآن الكريم بذلك في قوله تعالى {لقد خلقنا الإنسان في كبد}، وخلقنا الله وهو الأعلم بطبيعتنا وحالنا، وخلق الشهوات والمغريات، وزودنا بالقدرة على التغلب على كل هذه التحديات إذا وعى الإنسان بدوره الحقيقي.

-نحن مستخلفون في الأرض لخلافة الله ولإعمار الكون، فدورنا الحقيقي هو تمثيل الله في عفوه وصفحه وكرمه وحمايته للضعيف، ونشر قيم الخير.

-عليكم بالتحلي بالقيم الإيجابية تجاه وطنكم وأمتكم وعدم الاستهانة بدور الفرد في تغيير حال المجتمع والأمة بل والعالم كله، ولكم في رسولنا الكريم القدوة والمثل.

-تحيطكم مغريات ودعوات شيطانية، من فكر متشدد ومتطرف آخذة في الانتشار، تستهدف تجييش عقولكم ومشاعركم، وإساءة استخدامها، وإبعادكم عن دينكم وإقصاء دوره وتوجيهاته الحكيمة وتعاليمه النبيلة من واقع حياتكم، فاحذروا من الاستماع لتلك الأصوات، وحصنوا أنفسكم بالقيم الدينية والأخلاقية القادرة على احتواء تنوعكم واختلافكم.

اعلموا أن الاختلاف سنة كونية، أرادها الله لتسيير الكون، ولو أراد الله لخلقنا جميعًا على نفس الدين والهيئة والفكر واللغة، ولكنه سبحانه يعلم ما لا نعلم، وأراد لنا نحن المسلمين أن تتعدد مذاهبنا وأخبرنا أن ديننا الحنيف يسعنا جميعًا.

-التنوع بيننا نحن المسلمين من سنة وشيعة ومدارس فكرية إسلامية أخرى، لا يعدو إلا أن يكون خلافًا فكريًّا، ولكن يجمعنا الاحترام والتقدير، وأود ان أخبركم أن مكتبتي الشخصية تحوي العديد من الكنوز التي كتبها كبار علماء الشيعة الذين أكن لهم تقديرًا واحترامًا كبيرين.

-بعض المغرضين يحاولون استخدام الاختلافات الفكرية بين مدارس الفكر الإسلامي لبث الفُرقة والطائفية خاصة في أوساط الشباب، فاحذروهم واستعدوا لمواجهتهم".


دور القضاء في استقرار المجتمعات

كما التقى الإمام الأكبر، الشيخ خالد بن علي آل خليفة، نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز، مشددا على دور السلطة القضائية في ترسيخ مبدأ العدالة كأحد المرتكزات الرئيسة لصون الحقوق ودعم جهود الدول والمساهمة في تحقيق النهضة والتنمية المستدامة من خلال استقرار منظومة العدالة، وأهمية ما يضطلع به المجلس الأعلى للقضاء من دورٍ مهم في تعزيز ثقة المجتمع في الحفاظ على الحقوق والحريات والممتلكات العامة والخاصة بمقتضى الدستور والقانون.

من جانبه، أعرب آل خليفة عن تقديره لجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين بقيادة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في نشر صحيح الإسلام الوسطي المستنير، وتعزيز السلام وقيم المواطنة التي ترسخ الاستقرار في المجتمعات، مشيدًا بكلمة فضيلة الإمام الأكبر في ختام ملتقى البحرين للحوار، ودعوات فضيلته البنَّاءة للحوار والسلام ودرء الفتن ونبذ الصراعات.

وزير إعلام البحرين

شريك فاعل ورئيس في الحوار 

كما استقبل فضيلة الإمام الأكبر أ. د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، بمقر إقامته بقصر الصخير بمملكة البحرين، الدكتور رمزان بن عبد الله النعيمي، وزير الإعلام البحريني، ويوسف بالخليل، الرئيس التنفيذي لمركز الاتصال الوطني البحريني؛ حيث تناول اللقاء دور الإعلام في تعزيز ثقافة التعايش وقبول الآخر، ودوره في تشكيل وعي وثقافة الشعوب.

وأعرب شيخ الأزهر عن تقديره للجهود التي قامت بها وزارة الإعلام البحرينية ومركز الاتصال الوطني البحريني، في متابعة وتغطية أعمال ملتقى البحرين للحوار بين حكماء الشرق والغرب، مؤكدًا أن الإعلام بدوره شريك فاعل ورئيس في الحوار والتعرف على الآخر من خلال تغذية المجتمع بالمعلومات والحقائق حول كل ما يحدث وما يفيد، لتشكيل رأي عام مستنير بعيدًا عن التزييف أو التشويه.

من جانبه، أعرب وزير الإعلام البحريني، عن تقديره لجهود شيخ الأزهر في إرساء مبادئ الأخوة الإنسانية؛ التي تحظى باهتمام عالمي وترقب واسع من جميع الجهات الفاعلة في هذا الشأن، وأنَّ زيارة شيخ الأزهر للمملكة يتابعها الشعب البحريني بترحاب وتقدير، وهي محطة تاريخية مهمة في مسيرة البحرين تجاه قضايا التسامح والحوار، وكذلك على الصعيد العالمي استمرارًا لنشاط شيخ الأزهر في خدمة السلام العالمي.

وأشاد الدكتور رمزان النعيمي بكلمة شيخ الأزهر في الجلسة الختامية لملتقى البحرين للحوار، مؤكِّدًا أن نداء فضيلة الإمام الأكبر للإعلاميين؛ الذي حثَّهم فيه على بذل مزيدٍ من الجهد لتربية النَّشء وتثقيف الشباب بمشتركاتِ الأديان وتحويلها إلى برامج عِلْميَّة وتربويَّة مُعاصرة، تساعد الشباب على تبني ثقافة الحوار وقبول الآخر، ويساعد على إثراء الحياة الإنسانية؛ لهو تأكيد على دور الإعلام في إعداد النشء والشباب، وتكليف من شخصية تحوز على احترام وتقدير الصحفيين والإعلاميين، مؤكِّدًا أن هذا النداء جاء في وقت يحتاج فيه العالم إلى تضافر جهود المخلصين لتبني ثقافة الحوار ونشر التعايش والأخوة الإنسانية.