قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عطاء من سن 17.. قصة صمود الملك حسين على العرش لـ47 عاما

الملك حسين بن طلال
الملك حسين بن طلال

"كيف سيستمر في الحكم وهو في سن الـ17 .. هذا تاريخه قصير في الحكم" ... هكذا كان لسان حال جميع المراقبين للشئون المملكة الأردنية الهاشمية في خمسينات القرن الماضى، مع الإعلان عن تولي الملك حسين بن طلال، الملك السابق للملكة الأردنية الهاشمية، في ظل توترات خطيرة بالبلاد بعد اغتيال جده الملك عبد الله، ولكن التاريخ يرصد قصة صمود هذا الشاب في الحكم لمدة 47 عاما، والذي يحل موعد تاريخ ميلاده هذا الشهر، حيث ولد في نوفمبر 1935.

وتعد فترة حكم الملك عبد الله من 1952 إلى 1999، هى الفترة الأصعب في تاريخ الأردن الحديث، بل وتاريخ الشعوب العربية، حيث كانت تتواكب مع ثورات التحرر من الاحتلال البريطاني، والحروب مع إسرائيل، وغيرها من القضايا الوطنية، فهنا نرصد تاريخ أحد أهم زعماء العرب في القرن العشرين.

من هو الملك حسين صاحب الـ17 عاما

ولد الملك الحسين في عمان نوفمبر عام 1935، وكان المولود الأول لكل من ولي العهد الأمير طلال والأميرة زين الشرف، والأخ الأكبر بين اخوته، ثلاثة اخوة وشقيقتين – الأميرة أسماء والأمير محمد والأمير حسن والأمير محسن والأميرة بسمة - تلقى تعليمه الأولي في عمان ثم الإسكندرية ثم سافر إلى بريطانيا عام 1950 للالتحاق بكلية ساند هيرست العسكرية، وتوفي عام 1999 عن عمر 64 عاما.

وشهد الأردن خلال فترة حكمه التي بدأها في عمر الـ17 عام، وامتدت إلى 47 عاما - تولى الحكم من أغسطس 1952 إلى فبراير 1999 - الكثير من الأحداث التاريخية، كان أبرزها إنهاء الانتداب البريطاني وتثبيت دعائم الملكية وهزيمة 1967، وحرب أيلول الأسود مع المقاومة الفلسطينية، وانتقال البلاد من طور البداوة إلى التحضر والأخذ بأسباب الدولة العصرية، كما لعب العاهل الأردني الراحل دورا بارزا في القضية الفلسطينية، سواء في زمن الحرب أو في المسيرة السلمية حيث اختتم حياته بالتوقيع على معاهدة سلام بين بلاده وإسرائيل.

الحسين ملكا خلفا لجده

ولعبة الصدفة دورا في تولى الملك حسين الحكم رغم صغر سنه حيث كان في في سن الـ17، وكانت البداية بعد اغتيال جده الملك عبد الله، في عام 1951 في القدس وكان برفقته، فتولى الملك والده الملك طلال بن عبد الله، ولكنه أعفي من منصبه بناء على تقرير طبي يقرر عدم قدرته على إدارة المملكة، وأصدر مجلس الأمة قرارا بتولية الأمير حسين بن طلال ملكا على الأردن مع تعيين مجلس وصاية على العرش إلى حين بلوغ الملك الجديد سن الرشد حيث كان في الـ17 من عمره.

عمل الملك الأردني الشاب على تخليص الجيش من العناصر الأجنبية، فأبعد الجنرال البريطاني غلوب قائد الجيش الأردني عام 1955، وأعلن عام 1957 إنهاء الانتداب البريطاني على الأردن استنادا إلى معاهدة 1948، وبعد ذلك أنشأ الملك الحسين عام 1958 مع ابن عمه الملك فيصل بن غازي ملك العراق اتحادا عرف آنذاك بالاتحاد العربي الهاشمي، لكنه لم يستمر طويلا فقد انهار فور قيام ثورة يوليو 1958 في العراق.

هزيمة 1967 والاشتباك مع إسرائيل

بدأ الملك حسين الاشتباك المباشر مع إسرائيل، بعدما وقع على إنشاء حلف دفاعي مع مصر أوائل عام 1967 بعد أن طلب رئيسها آنذاك جمال عبد الناصر سحب القوات الدولية المتمركزة على الحدود المصرية الإسرائيلية، وتصالح مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن الأحداث تتابعت بسرعة مذهلة، فشنت إسرائيل هجوما على مصر وسوريا والأردن أسفر عن ضياع سيناء المصرية والجولان السورية والضفة الغربية من الأردن بما فيها القدس، ونجم عن تلك الهزيمة تدفق مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن.

وقبل حرب التحرير في 1973، أعلن الملك حسين مشروعا للسلام مع إسرائيل عرف فيما بعد بمشروع النقاط الستة، ففي إبريل 1969، اقترح أمام نادي الصحافة الوطني في واشنطن خطة من ست نقاط، وذكر في ذلك اللقاء بأنه لا يطرحها باسمه فحسب وإنما أيضا باسم الرئيس المصري جمال عبد الناصر وبتفويض منه.

وتستند الخطة إلى قرار مجلس الأمن 242 الصادر في 22/11/1967 وتهدف إلى إقامة سلام عادل ودائم على أساس انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في يونيو 1967 وتنفيذ جميع بنود قرار مجلس الأمن الأخرى.

وبعد إعلان الملك حسين مشروعه بيومين رفضته رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير، وأصدرت معظم المنظمات الفدائية الفلسطينية بيانا مشتركا في نفس الشهر، أعلنت فيه رفضها لمشروع السلام بعد أن رفضت إسرائيل قرار 242.

أحداث أيلول الأسود تاريخ دموي ومقترح ضم فلسطين

وربما من الأحداث التى تمحى من تاريخ الملك حسين، هو الاشتباك الدموي الي عرف بـ"أيلول الأسود"، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الأردني والمنظمات الفلسطينية التي كانت تتخذ لها من الأردن قواعد عسكرية ومكاتب إدارية وسياسية وإعلامية عرفت، تلك الأحداث التي كانت عام 1970، أدت إلى خروج المقاومة الفلسطينية المسلحة من الأردن إلى لبنان.

بعدها بعامين أعلن الملك حسين في 1972، عن مشروع بإقامة المملكة العربية المتحدة، وذكر في ذلك المشروع أنه يعتزم تغيير اسم المملكة الأردنية الهاشمية إلى المملكة العربية المتحدة على أن تتكون من قطرين: الأول فلسطين ويضم الضفة الغربية وأي أراض فلسطينية أخرى يتم تحريرها ويرغب أهلها في الانضمام إلى المملكة المقترحة، والثاني هو الأردن ويتكون من الضفة الشرقية.

ووفقا لما أعلنه ملك الأدرن حينها، فتكون عمان عاصمة مركزية للمملكة والقدس عاصمة لفلسطين، ورئيس الدولة هو الملك، ويتولى السلطة القضائية محكمة عليا مركزية وقوات مسلحة واحدة قائدها الأعلى هو الملك، ويتولى السلطة التنفيذية في كل قطر حاكم عام من أبناء القطر نفسه، وينتخب أهالي كل قطر مجلسا تشريعيا.

وقد رفضت منظمة التحرير الفلسطينية هذا المشروع واعتبرته مؤامرة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة لسلب المنظمة أهليتها باعتبارها ممثلا للشعب الفلسطيني. وقد تميزت علاقة الملك حسين بمنظمة التحرير الفلسطينية بالتوتر، فلم يعترف بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني كما نص قرار القمة العربية عام 1964، وظلت هذه الحالة حتى عام 1974.

فك الارتباط مع الضفة ومعاهدة السلام مع إسرائيل

ولكن فك الارتباط التام عن الفصائل الفلسطينية والضفة الغربية كان في عام 1988، وذلك حينما أصدر العاهل الأردني قراره التاريخي بفك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية تمهيدا لإعلان الدولة الفلسطينية.

وبعدها بثلاثة أعوام، شارك الأردن في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 والذي انبثقت عنه مفاوضات متعددة الأطراف، وتوصل الطرفان الأردني والإسرائيلي إلى التوقيع على معاهدة سلام بين الدولتين عرفت باسم اتفاقية وادي عربة عام 1994 التي نصت على اعتراف الأردن رسميا بإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية وأمنية واقتصادية بينهما، وتخطي الحواجز النفسية وصولا إلى تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و338.

كيف واجه مؤامرات أعدائه رغم الإصابة

ربما يتذكر أبناء هذا الجيل محاولة الانقلاب الفاشلة على ملك الأردن الحالي الملك عبد الله بن حسين، الذي تولى الحكم خلفا لوالده الملك حسين، وذلك في 2021 وذلك عندما أعلنت المملكة عن محاولة انقلاب على السلطة لصالح ولي العهد السابق، الأمير حمزة بن الحسين، ولكن الباحث في التاريخ يجد أن هذا الملك حسين وجاه العديد من المؤامرات من أعدائه للإنقلاب عليه، ورغم خطورتها على حياته، إلا أنه استطاع أن يصمد في وجهها بذكاء وحنكة سياسية.

وخلال الـ47 عاما فترة حكم الملك حسين، شهدت الأردن عدة محاولات انقلابية على حكم الملك حسين، ونجح حسين في معظمها في الاستمرار في الحكم، وذلك رغم إصابته إصابات بليغة في إحدى تلك المحاولات.

أولى تلك المحاولات كانت، محاولة الانقلاب العسكرية الأردنية عام 1957، والتى أدت مواجهات عنيفة في أبريل 1957، في ثكنات الجيش في الزرقاء بين وحدات بدوية معظمها موالية للملك حسين ووحدات عربية قومية ضد النظام الأردني إلى محاولة انقلاب عسكرية في الأردن.

وحينها ذهب الحسين - البالغ من العمر 21 عاما - لإنهاء العنف بين الوحدات الملكية والعربية بعد أن نشر العرب شائعات بأن الحسين قد قُتل، وبدأت قوة سورية قوامها 3 آلاف فرد بالتحرك جنوبا لدعم محاولة انقلابية، لكنهم استداروا بعد أن أظهرت وحدات الجيش ولاءهم للملك.

والثانية كانت في نوفمبر 1972، وهى أخطر محاولة للانقلاب على حسين، لما بها من تفاصيل مثيرة في ما يتعلق بالمحاولة الانقلابية التي وقعت في الأردن، حيث كشفت الأنباء الواردة أن الملك حسين أُصيب بشظية صاروخ في فخذه وأدخل إلى المستشفى العسكري في عمان أثناء محاولة جرت لاغتياله.

وحينها أشرف الملك حسين شخصيا على اعتقال الضباط الذين تجاوز عددهم أكثر من ثلاثين ضابطاً سيقوا جميعا إلى سجون القصور الملكية، حيث أشرف الملك على التحقيق لأن كل الضباط هم من أبناء الضفة الشرقية ومن أبناء العشائر.

ومن محاولات الانقلاب عليه ما حدث في 1974، وذلك عندما ترأس الملك حسين اجتماعا عقد في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية في عمان ولم يعلن حينها عن الموضوعات التي تمت مناقشتها في الاجتماع، فيما اجتمع مستشار الملك حسين عبدالمنعم الرفاعي مع السادات في أسوانبغية التنسيق استعداداً للمرحلة المقبلة، ولكن تم الكشف لاحقا أن هذا الاجتماع جاء بعد محاولة انقلابفاشلة في الأردناكتشف في نهاية شهر ديسمبر الماضي وإن 15 شخصاً من قادة الانقلاب قد أعدموا.

المرض والوفاة

أصيب الملك حسين بمرض السرطان عام 1992 وكان يتلقى العلاج بانتظام في الولايات المتحدة، وقد اشتد عليه المرض عام 1998 وأمضى فترة طويلة في الولايات المتحدة للعلاج، وقبيل وفاته عاد إلى عمان عام 1999 ليصدر قرارا بعزل أخيه الأمير الحسن بن طلال من ولاية العهد التي ظل محتفظا بها منذ عام 1965 وعهد بها إلى ابنه الأكبر الأمير عبد الله، وتوفي الملك حسين بن طلال في السابع من فبراير 1999 عن عمر يناهز 64 عاما قضى منها 47 عاما ملكا للأردن.