ورد سؤال إلى د. عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، يقول صاحبه: "تزوجت امرأة اشترطت عليّ في بداية الزواج أن أطلقها عند أول ولد تُرزق به من الله، فقبلت هذا الشرط على أمل أن تعدل عنه أثناء الحياة الزوجية، لكنها الآن بعد أن جاء الولد مصرة على طلب الطلاق، فهل عليّ إثم إن لم أنفذ لها شرطها؟".
وأجاب د. لاشين، قائلًا: الحمد لله رب العالمين، قال في محكم التنزيل "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله"، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وقد رُوي عنه في كتب السنة: “المؤمنون عند شروطهم، إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرّم حلالًا”.
وبيّن فضيلته أن الزواج شُرع لتحقيق أهداف سامية وأغراض نبيلة، منها: غض البصر، وإحصان الفرج لكل من الزوجين، كما أشار رسول الله ﷺ في قوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج..."، إضافة إلى إشباع الغريزة الجنسية بالحلال، وتواصل الأجيال عبر الذرية الصالحة، والمساهمة في تكوين مجتمع مسلم صالح، وانصهار الأسرتين في بوتقة واحدة تقوّي روابط المجتمع.
وبخصوص واقعة السؤال، أوضح لاشين أن الشروط المقترنة بعقد الزواج أو بغيره من العقود متعددة، ومنها ما يتنافى مع مقصود العقد، كشرط هذه الزوجة، لأن مقصود الزواج هو الاستمرارية، بينما شرطها يجعل الزواج عقدًا مؤقتًا، فيصبح باطلًا.
وأشار إلى أن الفقهاء اختلفوا في تأثير الشرط الباطل على العقد، فذهب جمهور العلماء إلى أن بطلان الشرط يُبطل العقد، بينما رأى الأحناف أن البطلان يقتصر على الشرط فقط ويظل العقد صحيحًا.
وأضاف: "نفتي السائل بما ذهب إليه الأحناف من بقاء العقد صحيحًا، واقتصار البطلان على الشرط وحده، وذلك تفاديًا لما قد يترتب على بطلان العقد من مفاسد جسيمة ومآلات خطيرة|.
واختتم د. عطية لاشين فتواه قائلًا: "بناءً على ما سبق، فإن شرط الزوجة لا يجب الوفاء به، وليس على الزوج إثم في عدم الاستجابة لطلبها الطلاق، فلا يُعد ذلك إخلالًا بالوعد المؤثم شرعًا، وعليه، لا تطلقها، واترك القرار بيدها، فإن أرادت إنهاء العقد فلها أن تسلك السبل الشرعية لذلك، لكنها تتحمل الوزر إن فعلت ذلك دون سبب شرعي، لقول النبي ﷺ: “أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة”.