الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إفريقيا والعرب الرابح الأكبر|الحرب الروسية الأوكرانية ترغم الدول الكبرى على تعديل سياساتها

صدى البلد

تغيرات عدة فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية على الساحة الدولية جعلت كثير من الدول تعيد التفكير في سياساتها الخارجية وتبحث عن شركاء جدد.

وبدأ الجميع يعيد ترتيب سياساته وتغيرها وفقا لاحتياجاته خاصة بعد الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على الدول محدودة الموارد.

وخلفت الحرب أزمة كبيرة في إمدادات الطاقة والغذاء وضعف في سلاسل التوريد، مما جعل الدول التي تعاني تبحث عن شركاء جدد في المنطقة العربية وداخل القارة الإفريقية.

وكشفت الزيارات والجولات والقمم المصغرة والكبرى المتعددة والمكثفة لقادة الدول الأوروبية، الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، والصين إلى منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية عن أن العالم لم يعد كما كان قبل 10 شهور، وأن هناك لاعبين جدد.

آخر هذه القمم، برهنت على إعادة التفكير في السياسات الخارجية والنظرة للشركاء الدوليين بصورة أكثر فاعلية، وتحديدا من جانب واشنطن، هي القمة الأمريكية الإفريقية، التي عقدت في الفترة من  13 إلى 15 ديسمبر الجاري، ومن قبلها القمة الصينية العربية في الرياض.

القمة الصينية العربية في الرياض

وعقدت القمة الصينية العربية بالرياض، على هامش زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينج، إلى المملكة العربية السعودية، من أجل تعزيز التعاون بين بكين والدول العربية.

وشدد البيان الختامي الصادر عن القمة الصينية العربية على المضي بالتعاون بين العرب وبكين وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين،  ودعم جهود إيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية بما يضمن المصالح الجوهرية لجميع الأطراف، دعم الجهود الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية و تعزيز الجهود لمكافحة الإرهاب 

وقال في هذا الصدد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: بعد الأزمة الروسية الأوكرانية أصبح هناك ضعف في سلاسل التوريد في العالم كله وليس بالدول النامية فقط، والتعاون مع الصين والدول العربية يمثل أهمية كبيرة ويخلق نوع من التوازن والمرونة خصوصاً أن الصين تتجه؛ لأن تكون أحد الأطراف المؤثرة في النظام الدولي وعلى الأرجح أنه سيحدث تعديل وتغيير في طبيعة النظام الدولي من الأحادية القطبية التي كانت مستمرة لمدة ثلاثة عقود سابقة، وبالتالي سيصبح هناك تعددية قطبية، وتكون الصين احد الأقطاب المؤثرة في هذا النظام، وذلك سيكون بعد انتهاء الأزمة الروسية الأوكرانية.

القمة الأمريكية الإفريقية الثانية 

عدد كبير من الملفات الهامة التي جرى مناقشتها على مدار ثلاثة أيام في القمة الأمريكية الإفريقية الثانية، التي استضافتها العاصمة الأمريكية واشنطن، بدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبمشاركة نحو خمسين وفدًا من القارة الأفريقية.

واختتمت أعمال القمة بعد مناقشة عدد من الملفات من بينها القضايا الأمنية والاقتصادية والتعافي من جائحة كورونا، والبحث في استثمارات جديدة، إضافة إلى بحث ملف الأمن الغذائي، الذي تراجع مع الحرب في أوكرانيا، وكذلك التغير المناخي، وأيضاً الديمقراطية والحوكمة، كما رحب بايدن بإنضمام الاتحاد الافريقي لمجموعة العشرين.

وفي هذا الصدد قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هذه القمة تأتي في إطار الاستراتيجية الأمريكية لتكريس الدور الأمريكي جنوب الصحراء، وتأتي في إطار سعي الولايات المتحدة الأمريكية لاحتواء النفوذ الصيني في أفريقيا، وكذلك التغلغل التركي والإيراني والروسي في إفريقيا جنوب الصحراء.

لماذا قارة إفريقيا في هذا التوقيت؟

كما قال الخبير الاقتصادي وعضو المجلس المصري الكندي للأعمال أحمد خطاب، إن مستقبل الاستثمار المستدام خلال الـ40 سنة القادمة سيكون متمركز في أفريقيا خاصة بعد انكماش حجم التجارة في أوروبا بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية؛ لذلك الرئيس بايدن يريد أن يضمن هيمنة الولايات المتحدة على اقتصاد العالم خاصة بعد صعود الصين في معدلات النمو، وجذب الاستثمارات الدولية المباشرة مع دول الخليج، وكل دول العالم.

وأضاف خطاب - أن أمريكا تحاول أن تبحث عن بديل اقتصادي متوازن يجعلها تظل القوة العظمى الاقتصادية حول العالم، مشيراً إلى أن الاستثمار في قطاعات (الذهب ،البترول، الألماس، الغاز، الزراعة، القمح، الذرة، فول الصويا، غيرهم) خاصة في ظل هذا التوقيت الذي يعاني فيه العالم من تحديات بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية، وبالتالي تريد أمريكا ضم الاتحاد الأفريقي لمجموعة العشرين لضمان تبادل أمريكي أفريقي.

من جانبها قالت الدكتورة أماني الطويل، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والخبيرة في الشئون الأفريقية، إن الملعب الإفريقي ساحة تنافسية للقوى الدولية، وكل قوى تحاول استقطاب إفريقيا تجاهها مثل الصين ودول البريكس والولايات المتحدة، مشيرة إلى أنها  أطر للتفاعل مع الاتحاد الافريقي والتأثيرعلى سياسته وهذه خطوة اتخذتها دول البريكس مبكراً عند اجتماعها في الاتحاد الافريقي عام 2013، وكل هذه الخطوات تعبير على التنافس الدولي على أفريقيا، وتابعت أن الرغبة في انضمام الاتحاد الافريقي ما هي إلا للصالح الأمريكي ورفع تكلفة الوجود الصيني في أفريقيا وليس لصالح أفريقيا.

فرنسا والاهتمام بالدول العربية 

وأعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن القمة الإقليمية الثانية حول العراق ستعقد في عمان في 20 ديسمبر الجاري، متوقعاً مشاركة إيران وتركيا فيها.

وأعلن قصر الإليزيه عقد قمة إقليمية في الأردن "قبل نهاية السنة"، تجمع العراق والدول المجاورة بمشاركة فرنسا على غرار مؤتمر بغداد في 28 اغسطس 2021، في ظل التوتر مع إيران وتركيا.

وأضاف الإليزيه أن ماكرون الذي دعا السوداني إلى زيارة فرنسا في مطلع العام 2023، "ذكر مرة جديدة بأنه بإمكان العراق أن يعول على دعم فرنسا في مواجهة الانتهاكات التي تطال سيادته واستقراره وفي مكافحته الإرهاب".

زيارة مرتقبة من ماكرون إلى لبنان 

وحسب "سبوتنيك" قال مصدر لبناني واسع في تصريحات لـ"سبوتنيك"، إن "السفارة الفرنسية في بيروت أبلغت الحكومة اللبنانية بأن ماكرون قرر زيارة بيروت في 24 ديسمبر، على أن يلتقي عددا من المسؤولين اللبنانيين بينهم رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي".

من جهة ثانية، قال المصدر إن الرئيس الفرنسي، وعلى هامش "قمة بغداد 2" التي ستعقد لدول الجوار العراقي في العاصمة الأردنية في 20 ديسمبر ، "سيثير الملف اللبناني من زاوية الإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة تلتزم بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتوفير المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني".

زيارات فرنسية إلى القارة السمراء 

في يوليو 2022  وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الكاميرون في أول محطة له ضمن جولة أفريقية وقام بزيارة أيضا بنين وغينيا بيساو وكانت تأتي هذه الزيارة في وقت تراجع فيه نفوذ فرنسا القوة الاستعمارية السابقة في أفريقيا أمام الصين والهند وألمانيا، لا سيما في القطاعين الاقتصادي والتجاري.

كما أنه في يوليو 2022 توجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى الجزائرلتعزيز التعاون الفرنسي الجزائري في مواجهة القضايا.

في هذا الصدد قال الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية إن هناك تكالب كبير على هذه القارة الأفريقية لما تتمتع به من مقومات،  والغرب  يعتبرونها موطن الفرص الواعدة و المنطقة الأكثر ثروات طبيعية و الاكثر وفرة بالايدي البشرية.

وأضاف خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هذا التصارع الكبير عليها يأتي في مصلحة افريقيا، مشيراً إلى أن هناك دول تحاول إقامة علاقات استراتيجية وتحالفات كبيرة مع الدول الافريقية مثل الصين والهند و روسيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وهذا يأتي في صالح القارة الافريقية.