الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل الدعاء عند البرق والرعد مستجاب .. وماذا قال الرسول وقت حدوثهما؟

الدعاء عند البرق
الدعاء عند البرق والرعد

هل الدعاء عند البرق والرعد مستجاب؟.. سؤال يشغل ذهن كثير من الناس خاصة مع تكرار حدوثه على مدار الـ 24 ساعة الماضية، وهل النظر إلى البرق يذهب بالأبصار كما ذكر القرآن الكريم، وماذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند حدوثهما؟

هل الدعاء عند البرق والرعد مستجاب؟

تقول دار الإفتاء في بيانها الدعاء عند البرق والرعد مستجاب، إن المطر نعمة من الله تبارك وتعالى يسقي به البلاد والعباد والحرث وينبت به الزرع؛ قال سبحانه: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى: 28]، وقد كان لسيدنا النبي صلى ٱللهُ عليه وآله وسلم سنن أثناء نزول المطر وبعده وعند اشتداده فيستحب للمكلف الحرص عليها؛ ومن هذه السنن:
أولًا: الدعاء عند نزول المطر؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى ٱللهُ عليه وآله وسلم كان إذا رأى المطر يقول: «اللَّهُم صَيِّبًا نَافِعًا» رواه البخاري في "صحيحه"، وفي لفظٍ لأبي داود في "السنن" أنه كان يقول: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا».
كما ورد عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى ٱللهُ عليه وآله وسلم قال: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» متفق عليه. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى ٱللهُ عليه وآله وسلم يُوَاكِئُ فقال: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ» رواه أبو داود في "سننه".

وتابعت: يستفاد من مجموع ألفاظ الأحاديث السابقة استحباب الدعاء عند نزول المطر، فيسأل الإنسان ربه أن يجعله مَطَرًا نافعًا للعباد والبلاد، وليس مَطَرَ عَذابٍ أو هَدمٍ أو غَرَقٍ، كما أهلَكَ اللهُ قَومَ نوحٍ بالسُّيولِ الجارفةِ.

قال العلامة ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 518، ط. دار المعرفة): [الدعاء المذكور يستحب بعد نزول المطر للازدياد من الخير والبركة مقيَّدًا بدفع ما يحذر من ضرر] اهـ. وقال الإمام ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 186، ط. دار الفكر): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث] اهـ.

كما قال العلامة ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (1/ 224، ط. دار الحديث): [أجمع العلماء على أنَّ الخروج إلى الاستسقاء، والبروز عن المصر، والدعاء إلى الله تعالى والتضرع إليه في نزول المطر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

ويقول الإمام النووي في "المجموع" (5/ 91، ط. دار الفكر): [السنة أن يدعوا عند نزول المطر بما سبق في الحديث، ويستحب أن يجمع بين روايتي البخاري وابن ماجه فيقول: "اللهم صيبا هنيًا وصيبًا نافعًا"] اهـ.

وقال العلامة البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 337، ط. عالم الكتب): [يستحبّ التشاغل عند نزول المطر بالدعاء للخبر، وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: كان إذا رأى المطر قال: «اللَّهُمَّ صَيبًا نَافِعًا» رواه أحمد والبخاري] اهـ.

ثانيًا: استحباب التَّعرُّض له، بأن يقف الإنسان تحت المطر ويَحسر عن شيءٍ من ملابسه ليصيبه المطر رجاء البركة؛ لما ثبت عن أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مطر، قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثوبه، حتى أصابه من المطر. فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: «لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تعالى» رواه مسلم في "صحيحه".
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (6/ 195، ط. دار إحياء التراث العربي): [معنى حسر: كشف، أي كشف بعض بدنه، ومعنى: «حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ»، أي: بتكوين ربه إيَّاه، ومعناه أنَّ المطر رحمة، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها، وفي هذا الحديث دليل لقول أصحابنا أنَّه يُستحبُّ عند أول المطر أن يكشف غير عورته ليناله المطر] اهـ.

ثالثًا: من السنن الواردة عند اشتداد المطر أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول الدعاء بصيغة: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» وهي من صيغ الدعاء المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد رواها الشيخان في "صحيحهما". قال العلامة العدوي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 406، ط. دار الفكر): [وممَّا ورد في رفع المطر إذا كثر وخيف منه الضرر ما رواه الشيخان من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ»] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "منحة الباري بشرح صحيح البخاري" (3/ 101، ط. مكتبة الرشد): [قال الإمام الشافعي في "الأم": وإذا كثرت الأمطار، وتضرَّر الناس، فالسنة أن يُدعَى برفعها: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا»، ولا يشرع لذلك صلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصلِّ لذلك] اهـ.

رابعًا: من السنن الواردة بعد نزول المطر: شكر الله تعالى على هذه النعمة؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ» لحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه المتفق عليه وفيه: «فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ».
قال العلامة الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 553) عند تعداده الأعمال المستحبة عند نزول المطر: [ويقول: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، لا بنَوْءِ كذا؛ للنهي عنه] اهـ.
وقال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 95، ط. المكتب الإسلامي): [ويستحب أن يقول بعد المطر: (مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ)] اهـ.

خامسًا: يستحب إذا سمع الإنسان صوت الرَّعد أن يقول: سُبْحَانَ الَّذِى يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ؛ لما في حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: "سُبْحَانَ الَّذِى يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ". ثم يقول: "إنَّ هذا لوعيدٌ لأهل الأرض شديد". رواه الإمام مالك في "الموطأ".
قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 186) عند تعداده الأعمال المستحبة عند نزول المطر: [وأن يقول عند سماع الرَّعد: "سُبْحَانَ الَّذِى يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ"، وأن يقول: "اللَّهُمَّ لاَ تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ وَلاَ تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ"] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 93): [يُستحبُّ لسامع الرَّعد أن يُسبِّح؛ لما روى مالك في "الموطأ" بإسناده الصحيح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: "سُبْحَانَ الَّذِى يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ"] اهـ.
وقال الإمام البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 338): [وإذا سمِعَ الرَّعد ترك الحديث، وقال: "سُبْحَانَ الَّذِى يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ"، ولا يُتبِع بصره البرق؛ للنهي عنه] اهـ.

سادسًا: كما يُستحبُّ أن يقول الإنسان إذا عصفت الريح: اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرِّها، وشرِّ ما فيها، وشرِّ ما أُرسلَت به؛ لما ورد في "صحيح مسلم" من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا عصفت الريح قال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»، قالت: وإذا تخيَّلَت السماء، تغيَّر لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت، سُرِّيَ عنه، فعرفت ذلك في وجهه، قالت عائشة رضي الله عنها: فسألته، فقال: «يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: 24]».

قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (2/ 95): [ويُكرَه سبُّ الرِّيح، فإن كرهها، سأل الله تعالى الخير، واستعاذ من الشر؛ وفي "صحيح مسلم" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا عصفت الريح قال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»] اهـ.
 

هل وقت نزول الأمطار يُعدُّ من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟

وبينت دار الإفتاء أن الدُّعاءَ عند نزول المطر من الأوقات التي يُستَجَاب فيها الدعاء، لأنَّها أوقات مِنَّةٍ وفَضْلٍ ولُطْفٍ ورحمة من الله على عباده كما دَلَّت على ذلك السنة النبوية المشرفة، حيث اصطفى الله تعالى بعض المواطن والأوقات وجعلها مظنَّةً لإجابة الدعاء رحمةً منه وتفَضُّلًا على عباده؛ ومن هذه الأوقات: الدعاء عند نزول المطر؛ لأنَّها أوقات مِنَّة وفضل ولطف ورحمة من الله على عباده، كما في الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم بلفظه عن سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ثنتان ما تُرَدَّان: الدُّعاء عند النداء، وتحت المطر» أي: عند نزوله.

قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (3/ 340، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أي: دعاء من هو تحت المطر لا يُرَدُّ أو قلَّمَا يُرَدُّ، فإنَّه وقت نزول الرحمة، لاسِيَّمَا أول قطر السنة، والكلام في دعاءٍ متوفر الشروط والأركان والآداب] اهـ.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» أخرجه البيهقي في "المعرفة"، والطبراني في "الكبير".

وروى الإمام الشافعي في "الأم" عن عبد العزيز بن عمر عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اُطْلُبُوا إجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَنُزُولِ الْغَيْثِ».

كما استدل الفقهاء بالآثار التي تدُلُّ على استحباب الدعاء أثناء نزول المطر على أنَّ الدعاء حال نزول المطر مستجاب؛ من ذلك: حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رأى المطر يقول: «اللهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» رواه البخاري. وفي لفظ لأبي داود أنه كان يقول: «اللهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا».

قال الإمام الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (1/ 553، ط. دار الكتب العلمية): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث؛ لما ورد من استجابة الدعاء عنده] اهـ.

وقال العلامة ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (1/ 224، ط. دار الحديث): [أجمع العلماء على أنَّ الخروج إلى الاستسقاء، والبروز عن المِصْر، والدعاء إلى الله تعالى والتَّضرُّع إليه في نزول المطر سُنَّة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 96، ط. دار الفكر): [قال الشافعي: وحفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "شرح منهج الطلاب" (2/ 126، ط. دار الفكر): [(و) أن (يقول عند مطر: اللهم صيّبًا) بتشديد الياء، أي: مطرًا (نافعًا) للاتباع، رواه البخاري، (ويدعو بما شاء)؛ لخبر البيهقي: «يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة، ورؤية الكعبة»] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 327، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث؛ لما رُوِي أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اطلبوا استجابة الدعاء عند ثلاث: عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث»] اهـ.

وشددت بناء على ما سبق: فإنَّ الدُّعاءَ عند نزول المطر من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، لأنَّها أوقات مِنَّةٍ وفَضْلٍ ولُطْفٍ ورحمة من الله على عباده كما دَلَّت على ذلك السنة