ألقى الشيخ صفوت محمد عمارة، من وعاظ الأزهر الشريف، محاضرة دينية بعنوان «الحياء أهم القيم الأخلاقية» في إطار جهود الأزهر الشريف ورؤيته الدعوية والتوعوية نحو استعادة القيم المجتمعية والأخلاقية، فقال: إنّ خُلُق الحياء هو رأس القيم الأخلاقية، وعماد الشعب الإيمانية، كما ورد في الحديث : «... والحياء شعبة من الإيمان» [البخاري ومسلم]، والحياء رائد الإنسان إلى الخير؛ فعن عمران بن الحصين رضي اللَّه عنه، قال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «الحياءُ لا يأتي إلا بخيرٍ» [رواه البخاري ومسلم]، وفي حديث آخَر: «الحياءُ خيرٌ كله» [رواه مسلم]، وهذا يدل على أنه لا استثناء فيه، وأنه كله خير.
وأضاف «عمارة»، أنّ خُلُق الحياء يُعرَّف بأنه خُلُق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق من الحقوق، وهو خُلُق جميل يدعو إلى التحلي بالفضائل، والبعد عن الرذائل، ويُعرفه الإمام النووي بأنه انقباض وخشية يجدها الإنسان من نفسه عندما يُطلع منه على قبيح، وقد كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أشد الناس حياءً، يقول عنه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه".
وأكد «عمارة»، أنَّ القيم الأخلاقية تعتبر عنصرًا حاسمًا في تقدم الأمم أو تأخرها، وغياب القيم الأخلاقية أو تدهورها يؤدي بالضرورة إلى تصدع المجتمع وانهياره وتداعيه، وقد عبر أمير الشعراء أحمد شوقي عن العلاقة بين الحضارة والأخلاق بقوله: "إنّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت فإِن هُمُ ذهبت أخلاقُهُم ذهبُوا"؛ فالقيم الأخلاقية عُنصرًا حاسمًا في تقدم الأمم أو تأخرها، وإنَّ مناط تقدم الأمم أو تأخرها هو مدى تمسكها بقواعد الأخلاق.
وأشار إلى أنَّ القيم الأخلاقية وبخاصة خُلُق الحياء يجب أن يبدأ ترسيخه في نفوس الأبناء منذ الصغر، حيث أن التربية من الوالدين هي الجزء الهام والأساسي، والمؤثر في الأبناء؛ فالأسرة هي مدرسة القيم المجتمعية الأولى في المجتمع، وهي النواة التي تساعدنا على غرس جميع القيم والأخلاق، لأنها اللبنة الأولى في تكوين المجتمع، فإذا صلحت هذه اللبنة؛ صلح المجتمع وتحققت أولى عوامل نهضته وتقدمه، ثم يأتي دور المعلمين والمدرسة بمثابة الدور التكميلي لما يرسخه الآباء في نفوس أبنائهم، فإذا كان الحياءُ في الرجال جميلًا؛ فهو في النساء أجمل؛ لأنه لها أستر وأكمل، كما قال اللَّه تعالى: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: 25]. أي: مُستحيِية في مشيها، غير مُتبخترة، ولا مظهرة زينة، فهذا يدل على خُلقها الحسن؛ فإن الحياء من الأخلاق الحسنة، وبخاصة في النساء؛ فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهد لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئ الأخلاق لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.