الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قرأت لك|

300000 عام من الخوف.. حينما يجتمع التاريخ والأدب والفلسفة في مؤلف واحد

الكاتب جمال أبوالحسن
الكاتب جمال أبوالحسن وكتابه 300000 عام من الخوف

على مدار العام لم تتوقف المكتبات عن تقديم العديد من الكتب الجديدة ما بين الأدب والتاريخ والفلسفة والعلوم وغيرها.. إلا أنه يعد كتاب  "300000 عام من الخوف.. قصة البشر من بداية الكون إلى التوحيد"، للكاتب والدبلوماسي جمال أبو الحسن، من بين أبرز ما قدم للمكتبة العربية خلال العقد الأخير، والذي يحكي فيه قصة البشرية مع الخوف الذي دفعها للتقدم نحو المستقبل، وما لعبه في مسار تطور الإنسان.


بطريقة سردية جمعت بين  الأدب والفلسفة التي تحاكي التاريخ، جاء الكتاب بصفحاته وحكاياته، حتى جاء مدرجا ضمن كتب التاريخ الجامع وهى أحدى المدارس الراقية في سرد التاريخ البشري، حتى أنه بدأ حكاياته منذ ما يعرف بالانفجار الكبير وهو الحدث الذي بدأ معه الزمن والمكان وقوانين الفيزياء، حتى قدم لنا "أبو الحسن" مؤلفه في نحو 378 تحاكي التاريخ بطريقة فلسفية مشوقة.

كتاب 300000 عام من الخوف 


وينتمى كتاب "300000 عام من الخوف"  إلى سلسلة كتب التاريخ الكبير الذي لا يبدأ بتاريخ البشر أو الحياة فحسب بل بتاريخ الكون أجمع، ويعتمد على سرد روابط خفية حدثت منذ ملايين السنين، كان الخوف فيها أجمع قاسم مشترك دفع البشرية للتقدم أو التأخر وكان حاضرا في كل الحضارات والعصور.


جاء الكتاب في صورة 10 رسائل، يجيب فيها عن أسئلة ابنته "ليلى" التي بداتها بسؤال عن الكوبونات التي اصابتها كما اصابت والدها، لتبدا بعدها رحلة من الأسئلة والبحث في العوالم عبر آلاف السنين، وصدر كل رسالة منها باقتباس لأديب كبير أو فيلسوف شهير أو أحد الأعلام، فكان من بينها اقتباسات للإمام علي بن أبي طالب،  ونجيب محفوظ وصلاح جاهين والفيلسوف الإنجليزي إدموند بيرك والجنرال الأمريكي روبرت لي والشاعر الفلسطيني محمود درويش والمؤرخ اليوناني ثيوسيديديس والشاعر الفارسي حافظ الشيرازي والشاعر الإسباني أنطونيو مخادو.

الكاتب والدبلوماسي جمال أبو الحسن 


كتاب "300000 عام من الخوف.. قصة البشر من بداية الكون إلى التوحيد" وإن كان من تسميته يدل على أنه قراءة في التاريخ إلا أن فيه من الفلسفة والعلوم ما يجعل عقل القارئ متشوقا لمتابعة قصصة وحكاياته وكيف تطور هذا الكون بداية من القلق وتكوين القرى والقبائل والدول وصولا للامبراطوريات، والكتابة واللغة باعتبارها أقوى شفرة عرفها الإنسان.


ومن بين الرسائل التي حملها الكتاب بطريقته الفلسفية فكرة القلق وكيف ولدت تلك الفكرة منذ ظهور أول كائن بشري قبل نحو 300000 عام، واعتبر القلق بأنه شعور بالتوتر والانزعاج بسبب حدث مستقبلي نتائجه غير مؤكدة، معتبرا قصة وجود البشر على الأرض هى قصة للحصول على طاقة أكبر لفعل أشياء أكثر، وبناء تكوينات أضخم وأكثر تعقيدا، حتى أن الكائنات الحية على وجه الأرض بداية من الخلية إلى الإنسان هدفها النهائي الحصول على طاقة من البيئة المحيطة من أجل البقاء.

جمال أبو الحسن وكتابه 300000 عام من الخوف 

كذلك من بين أبرز الرسائل التي حملها الكتاب "اللغة" وكيف أنها أقوى شفرة اخترعها الإنسان، لكونها تساعد في تحقيق أمرين: التواصل مع بعض لتحقيق العمل الجماعي، والتواصل عبر الأجيال بنقل الخبرة، والتعلم الجماعي الممتد، وكيفية غرس شفرة الجماعة داخل أفراد المجتمع، وذلك من خلال المبادئ الأخلاقية والأعراف والقواعد التي تميز بين المسموح والممنوع.


ومن أبرز الرسائل التي تناولها الكتاب فكرة تحول الإنسان من حياة الترحال بسبب الصيد إلى حياة الاستقرار بسبب الزراعة التي كانت نتيجة لتغير المناخ، معتبرا الزراعة بأنها "أم الثورات"، منتقلا إلى فكرة ظهور القرية ثم المدينة، فالدولة، ويخلص إلى أن السبب وراء ظهور المدينة هو تحقيق فائض من المحاصيل يسمح بأن يعيش قسم من السكان على أنشطة أخرى بخلاف الزراعة، مرجعا سبب قيام الدول إلى أن القبائل احتاجت إلى التحول حتى لا تبتلعها قبائل أخرى، لأن الدولة تستطيع تكوين قوة مقاتلة أشد ضراوة وفتكا من تلك التي تكونها القبيلة.