الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سرقوا خيرات البلد.. هل تتجاوز الجابون أزمتها وتتخلص من قبضة فرنسا؟

الجابون
الجابون

حالة من التوترات تشهدها المنطقة بعد دخول الجابون على خط التحركات السياسية، حيث أعلنت مجموعة من ضباط الجيش في الجابون صباح الأربعاء، أنهم سيطروا على السلطة في البلاد، وألغوا نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي حقق فيها الرئيس علي بونجو الفوز، وحلوا جميع مؤسسات الدولة.

وطالبت المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا "إيكواس" بعودة النظام الدستوري سريعًا إلى الجابون، بعد الإطاحة بالرئيس على بونجو، أمس الأربعاء.

ونددت المجموعة، في بيان اليوم الخميس، باستخدام القوة لحل الخلافات السياسية والاستيلاء على السلطة، بحسب "رويترز".

الجابون

هل تنجح مجموعة إيكواس؟

ودعت المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، إلى عقد اجتماع طارئ للتكتل لبحث تطورات الأوضاع في الجابون عقب الإطاحة بالرئيس بونجو. 

من جانبها قرر مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الإفريقي، منذ قليل، تعليق مشاركة الجابون في كافة أنشطة الاتحاد ومؤسساته، بعد يوم من الانقلاب الذي وقع فيه، ويعد هذا الإجراء متوقعا من الاتحاد الإفريقي، الذي تنص المادة 30 من قانونه التأسيسي على تعليق مشاركة الدول الأعضاء التي تصل فيها الحكومات إلى السلطة بطرق غير دستورية، وجاء الإجراء بعد اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي في أديس أبابا، وهو مجلس يشبه في صلاحياته مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة.

وعبر الاتحاد الإفريقي وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا عن مخاوفهم المتعلقة بالانقلاب، لكنهم لم يوجهوا مناشدات مباشرة لإعادة بونجو إلى منصبه.

وبالفعل هذا ما قاله الدكتور أحمد سيد أحمد الخبير بالعلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية، والذي أشار إلى أن خيارات الإيكواس تبدو محدودة أمام الجابون لعدة اعتبارات؛ الاعتبار الأول يكمن في  أن الجابون ليست عضواً داخل مجموعة الإيكواس، وبالتالي المجموعة الاقتصادية لا تملك أي خيارات أو صلاحيات للتدخل عسكريا لإعادة النظام الدستوري وإنهاء الانقلاب في الجابون.

وأضاف سيد أحمد - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الأمر مرتبط بشكل أساسي بالاتحاد الإفريقي، وتحديداً مجلس الأمن والسلم الأفريقي، مشيراً إلى أن الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن يمكنهما اتخاذ إجراء بتعليق عضوية الجابون، كما حدث في الانقلابات السابقة في مالي وأفريقيا الوسطى وغينيا والنيجر وغينيا بساو.

وأكمل الخبير بالعلاقات الدولية، أن الإيكواس لم تستطع إنهاء الانقلاب في النيجر- عضو في الإيكواس- مع أنها قامت بالتهديد بأنها ستلجأ للتدخل العسكري، وبالتالي الإيكواس لن تستخدم التدخل العسكري في الجابون لأنه سيسفر عن نتائج خطيرة.

وأكد أنه يوجد انقسام داخل مجموعة الايكواس حول الخيار العسكري بين مؤيد ومعارض ومتحفظ على الخيار العسكري، فضلاً عن أن التدخل العسكري قد يؤدي إلى حرب أهلية إقليمية، وأيضاً من الممكن أن يحدث المزيد  من الفوضى في المنطقة، وبالتالي انهيار الدولة، والتعزيز من قوة الجماعات الإرهابية مثل داعش وبوكو حرام وتنظيم القاعدة وغيرها، فضلاً عن التداعيات السلبية الاقتصادية والتداعيات الإنسانية.

النيجر
النيجر

لماذا فشلت إيكواس بالنيجر؟

وأشار إلى أن النيجر والجابون إذا تم التدخل العسكري حيالهما فسيؤدي إلى فرار الملايين، وبالتالي ستكون هناك أزمة لاجئين، وبمن الممكن أن تسير الأمور كما سارت في الانقلابات التي سبقتها وهو إعلان مجلس انتقالي إلى حين إجراء انتخابات، فضلاً عن فرض عقوبات اقتصادية، وتعليق عضويتها في الاتحاد الإفريقي ثم عودتها بعد ذلك.

وأردف : أما فيما يخص الرد الفعل الغربي على ما يحدث في الجابون فإن فرنسا أدانت ما حدث في النيجر والجابون لأن فرنسا لديها مصالح اقتصادية مهمة مع البلدين حيث إنها تستورد اليورانيوم من النيجر، والنفط والكاكو والمنجنيز والمعادن المهمة من الجابون.

وأشار إلى أنها تدافع أيضاً عن نفوذها السياسي لأنهم كانوا مستعمرات فرنسية في السابق،  وفرنسا خسرت مالي والتشاد وبوركينا فاسو والنيجر، والآن تخسر الجابون في مقابل تعاون هذه الدول مع روسيا والصين.

ولفت: نلاحظ رفع الأعلام الروسية في النيجر والجابون، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تمسك العصا من المنتصف وتحاول أن تحل محل فرنسا وأن تتواجد بقوة لمحاربة الإرهاب ودعم النفوذ السياسي والاقتصادي.

من جانبه قال محمد عز الدين، الباحث المتخصص فى الشأن الإفريقي بجامعة القاهرة ورئيس مؤسسة النيل للدراسات الإفريقية والاستراتيجية، إن مجموعة الإيكواس لن تنجح في ما تقوله بخصوص التدخل العسكري في الجابون، حيث إنها "لم تنجح في النيجر".

وأضاف عز الدين في تصريحات لـ"صدى البلد" أن الانقلابات السياسية تحدث بسبب الإطاحة بالمؤيدين في دولهم لفرنسا، مشيراً إلى أن معظم الانقلابات السياسية مؤيدة للمعسكر الشرقي مثل روسيا والصين أو النظام الاشتراكي والشيوعي.

ولفت إلى أن الايكواس لن تنجح حيث إن مطالبهم كانت عودة الرئيس وليس عودة النظام الدستوري، وأعتقد أن المسألة في غرب إفريقيا أخذت أبعادا كثيرة لأنهم ينظرون لمستقبل بلادهم خارج الهيمنة  الفرنسية.

صورة أرشيفية

الجماعات الإرهابية الرابح

من جانبه أوضح أحمد سلطان، الباحث المتخصص في الحركات الجهادية المسلحة ومكافحة الإرهاب، أن الفوضى التي تحدث داخل القارة الإفريقية تخدم مصالح التنظيمات الجهادية بشكل عام، لا سيما المجموعات المرتبطة بتنظيم داعش وتنظيم القاعدة.

ولفت سلطان: من الملاحظ الفترة الأخيرة وجود حالة ثورة وزخم للتنظيمات الموجودة في أفريقيا سواء في الغرب أو الساحل والصحراء، كما أن هناك تمدد وتوسع لنشاط الجهاديين في النيجر، وهناك نشاط أيضا لهم في بوركينا فاسو وهناك معاقل تقليدية لهم مثل مالي ونيجريا وغيرها من الدول، وبالتالي هذه الأحداث مؤشر قوي لتنامي التهديد الجهادي.

وأضاف الباحث المتخصص في الحركات الجهادية المسلحة ومكافحة الإرهاب، أن الجماعات الجهادية تستغل دائما الفوضى والاضطرابات لخدمة مصالحها وانعدام الأمن لزيادة نفوذها، وبالتالي تستطيع أن تستقطب أفراد جدد والحصول على مصادر للتمويل.

وأشار إلى أن جزءا من نشاط الجماعات الإرهابية يعتمد في الأساس على التمدد في مناطق الفوضى وإدارتها لصالح هذه التنظيمات فيما يعرف بــ"إدارة التوحش"، وحدث هذا من قبل في سوريا ومن قبلها العراق وسيتم استنساخه الآن في القارة الإفريقية.

وأكمل: خلال الـ 3 سنوات الماضية كان تنظيم داعش يوسع من نشاطه في أفريقيا سواء في الساحل  والصحراء والجنوب ناحية موزمبيق، وبالتالي المشهد الأمني في أفريقيا في حال تدخل الإيكواس سيكون فرصة ذهبية للتنظيمات الجهادية وستكون هي المستفيد الأول، مختتما: "حالة الفوضى الأمنية تغريهم بتوسعة نشاطهم وكسب مساحات جديدة".