الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يصح وصف النبي بأنه بشر مثلنا ؟ علي جمعة يجيب

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن المحظور هو نفي البشرية عن النبي؛ لأن هذا مخالف لصحيح القرآن فقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ }.

وأضاف علي جمعة، في منشور له، أن السلامة في ذلك أن تثبت كل ما أثبت الله لنبيه، فتثبت أن النبي كان نورًا ومنيرًا ولا يزال، وأنه بشر مثلنا، دون تفصيل وتنظير، وإثبات النور الحسي له لا يتعارض مع كونه بشرًا، فالقمر طبيعته صخرية، ومع ذلك هو ضياء وله ضوء حسي، والنبي خير من القمر، وخير من خلق الله كلهم.

وتابع: وليس هناك ما يتعارض مع أن النبي كان نورا  ومنيرًا، وأن النبي له نور حسي مع أصل العقيدة، كما أنه لا يعارض طبيعته البشرية التي أخبر بها القرآن.

وذكر علي جمعة، أنه ينبغي أن نذكر فائدة هنا وهي حديث «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر» فقد حكم المحدثون بأنه حديث منكر وذهبوا إلى وضعه. قال العلامة عبد الله بن الصديق الغماري : «وعزْوه إلى رواية عبد الرزاق خطأ لأنه لا يوجد في مصنفه ولا جامعه ولا تفسيره، وقال الحافظ السيوطي في الحاوي في الفتاوى : «ليس له إسناد يعتمد عليه» اهـ، وهو حديث موضوع جزمًا ...... إلى أن قال :  وبالجملة فالحديث منكر موضوع لا أصل له في شىء من كتب السُّنّة [مرشد الحائر لبيان وضع حديث جابر، للسيد عبد الله بن الصديق الغماري].

ولقد حكم بوضعه أكثر المحدثين كالحافظ الصغاني ذكر ذلك في كتابه الموضوعات، وأقره الحافظ العجلوني على ذلك في كتابه كشف الخفاء.

والحكم بوضع الحديث وعدم صحة نسبته إلى النبي ليس دليلا على فساد معناه من كل وجه، فمعنى الحديث يمكن أن يكون صحيحًا إذا كانت الأولية في الأنوار فإن ذلك لا يبعد، وعلى أن الأولية مطلقة، فهي ثابتة للقلم وللعرش على الخلاف المشهور، وقد ذكر العجلوني ذلك فقال : «وقيل الأولية في كل شيء بالإضافة إلى جنسه، أي أول ما خلق الله من الأنوار نوري وكذا باقيها، وفي أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده أن النبي، قال : كنت نورًا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام‏.‏ انتهى ما في المواهب [كشف الخفاء].

وذكر العلامة الدردير المالكي إقراره لمعنى الحديث فقال : (ونوره) (أصل الأنوار) والأجسام كما قال النبي لجابر رضي الله عنه : «أول ما خلق الله نور نبيك من نوره» الحديث  فهو الواسطة في جميع المخلوقات [الشرح الصغير].

وقال علي جمعة، إن عوالم الله سبحانه وتعالى متعددة، فهناك عالم الملك وهو عالم الشهادة، وهناك عالم الملكوت وهو عالم الغيب، ومنه عالم الروح، وعالم الجن، وعالم الملائكة، وهناك أنوار خلقها الله سبحانه وتعالى، فليس هناك ما يمنع أن يكون النبي ﷺ أول الأنوار التي خلقها الله سبحانه وتعالى وفاضت منه الأنوار إلى البشرية في عالم الروح، فالحديث موضوع ولا يصح نسبته إلى النبي، ومعناه يمكن أن يكون صحيحًا كما بيناه.

وأوضح، أننا بهذا العرض قد فهمنا معنى نورانية النبي، وأن وصفه بالنور لا يتعارض مع وصفه بالبشرية، وكون أن بعض أصحابه رأوه نورا حسيا، أو رأوا منه نورا حسيا ولم يره البعض لا يوجد ما يمنع ذلك عقلا ولا شرعا كما بينا.

وذكر أن رسول الله نور بحاله، وبقاله، وأفعاله، وبذاته، ومنير لمن حوله ومن بعده، فهو الرحمة المهداة، والنعمة المزجاة نفعنا الله به في الدنيا والآخرة.