الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهدف إجبار سكان القطاع على الهجرة باستهداف الأونروا.. القصة الكاملة لمزاعم إسرائيل ضد موظفي وكالة غوث اللاجئين في غزة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

سواء كان طوعيا، أو إلزاميا، فإن الاحتلال الإسرائيلي لا يتغير موقفه حتى الآن من إجبار سكان قطاع غزة على الخروج من غزة، والهجرة إلى خارج حدوده، سواء كان في الدول المحيطة، أو حتى في الدول الأوروبية، ويبدوا أن ذهنية الكيان الإسرائيلي قد استقرت على ضرب منظمة الأونروا، والتي تعد رئة الحياة للفلسطينيين، سواء كان في القطاع، أو في الضفة ومخيمات الفلسطينيين خارج فلسطين.

وتشهد وكالة الأمم المتحدة الرئيسية في غزة حالة من الاضطراب بعد أن اتهمت إسرائيل بعض موظفيها بالتورط في هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وقامت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بطرد عدد من موظفيها في أعقاب هذه المزاعم، التي لم يتم الإعلان عنها، وفي أعقاب مزاعم إسرائيل، أوقفت الولايات المتحدة، الجهة المانحة الرئيسية للأونروا، وعدد متزايد من الدول، تمويل المنظمة، التي توظف حوالي 13 ألف شخص في غزة، مع تصاعد الكارثة الإنسانية في القطاع الفلسطيني المحاصر، وهنا نرصد ما جاء بتقرير صحيفة CNN الأمريكية، وتفاصيل ما حدث في تلك الأزمة الكبرى.

 

 

ما هي الأونروا؟

تأسست الأونروا من قبل الأمم المتحدة بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 لتقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين النازحين، وتصف المنظمة اللاجئين الفلسطينيين بأنهم أي "أشخاص كان مكان إقامتهم الطبيعي هو فلسطين خلال الفترة من 1 يونيو 1946 إلى 15 مايو 1948، والذين فقدوا منزلهم ووسائل عيشهم نتيجة لحرب 1948"، ويبلغ عدد أولئك الذين ينطبق عليهم هذا التعريف  الآن 5.9 مليون نسمة، أغلبهم من أحفاد اللاجئين الأصليين، وقد رفضت إسرائيل إمكانية السماح للفلسطينيين المشردين بالعودة إلى ديارهم، بحجة أن هذه الخطوة ستغير الطابع اليهودي للبلاد.

 

ومنذ تأسيسها، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة ـ وهي هيئة التصويت التي تضم كافة الدول الأعضاء ـ بتجديد تفويض الأونروا بشكل متكرر، وقد قدمت الوكالة المساعدات لأربعة أجيال من لاجئي فلسطين، وفقا لموقعها على الإنترنت، والتي تغطي التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية للمخيمات والخدمات الاجتماعية والمساعدات الطارئة، بما في ذلك في أوقات الصراع، وخلال الحرب الحالية، فقد قتل ما لا يقل عن 152 من موظفي الأونروا في غزة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، وفقا للوكالة.

 

ما هي الادعاءات؟

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فالتفاصيل لا تزال ضئيلة، ولم تحدد إسرائيل ولا الأونروا طبيعة التورط المزعوم لموظفي الأونروا في أحداث 7 أكتوبر، وقد قال مسؤول إسرائيلي لشبكة CNN، إن إسرائيل شاركت معلومات حول 12 موظفًا يُزعم تورطهم في هجمات 7 أكتوبر مع الأونروا والولايات المتحدة، وقد التقى رئيس مديرية المخابرات العسكرية الإسرائيلية، اللواء أهارون هاليفا، مع كبار المسؤولين الأمريكيين، يوم الجمعة، وأعطاهم “أسماء محددة والمنظمات التي ينتمون إليها، سواء حماس أو الجهاد الإسلامي الفلسطيني أو غيرها، وما هي، وقال المسؤول الإسرائيلي: “لقد فعلوا ذلك بالضبط في 7 أكتوبر، وقد أظهرنا لهم أن لدينا معلومات استخباراتية قوية من مصادر مختلفة".

فيما قال مسؤول إسرائيلي مطلع على كيفية جمع المعلومات الاستخبارية إنها مأخوذة من أجهزة كمبيوتر ووثائق تابعة لحماس تمت مصادرتها خلال العمليات في غزة، ومن استجواب المعتقلين والإرهابيين المزعومين، ويوضح مسؤولون إسرائيليون، أن بعض المهاجمين الذين قتلوا أو اعتقلوا في 7 أكتوبر، كانوا يحملون هويات الأونروا، في المقابل قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إنه تلقى معلومات حول تورط مزعوم لعدد من الموظفين، ولحماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدة الإنسانية في غزة، قرر إنهاء عقود هؤلاء الموظفين على الفور وفتح تحقيق من أجل التوصل إلى الحقيقة، بحسب ما جاء في بيان، وأضاف أن أي موظف في الأونروا متورط في أعمال إرهابية يتعرض للمساءلة، بما في ذلك من خلال الملاحقة الجنائية.

هذا ما قامت به الأمم المتحدة

ووفقا لذات الصحيفة، ففي بيان صدر يوم الأحد، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن تسعة من موظفي الأونروا الـ 12 الذين كانت محور الاتهامات قد تم فصلهم من العمل، ولقي شخص آخر حتفه وما زالت هوية اثنين آخرين "قيد التوضيح"، وقال غوتيريس: "أي موظف في الأمم المتحدة متورط في أعمال إرهابية سيخضع للمحاسبة، بما في ذلك من خلال الملاحقة الجنائية"، مضيفا أن هناك مراجعة مستقلة وشيكة.

وذلك بالإضافة إلى تورط الموظفين المزعوم في 7 أكتوبر، زعم الجيش الإسرائيلي يوم السبت في بيان لشبكة CNN أن منشآت الأونروا استخدمت "لأغراض إرهابية"، وردا على سؤال حول هذا الادعاء، قالت الوكالة لشبكة CNN: "ليس لدينا المزيد من المعلومات حول هذا في هذه المرحلة، وسيقوم مكتب خدمات الرقابة الداخلية (هيئة الرقابة الداخلية للأمم المتحدة) بالنظر في كل هذه الادعاءات كجزء من التحقيق الذي طلب منهم المفوض العام للأونروا إجراءه”، فيما انتقدت حماس، في بيان لها، السبت، قرار إنهاء عقود الموظفين، واتهمت إسرائيل بمحاولة تقويض الأونروا وغيرها من المنظمات التي تقدم الإغاثة الإنسانية في غزة.

كيف هي علاقة إسرائيل بالأمم المتحدة؟

وفقا للصحيفة الأمريكية، فقد تدهورت علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة إلى أدنى مستوى تاريخي في الأشهر الأخيرة، وقد انتقد مسؤولون كبار في الأمم المتحدة بشدة سلوك إسرائيل الحربي في غزة، والذي أودى بحياة أكثر من 26 ألف فلسطيني، وفي الوقت نفسه، غضب الدبلوماسيون الإسرائيليون من دعوات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، وفي ديسمبر، انتقد دبلوماسيون إسرائيليون  بشدة عندما استخدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أداة دبلوماسية نادرا ما تستخدم لعرض الصراع على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفي رسالة إلى المجلس المؤلف من 15 عضوا، حث جوتيريش المجلس على "الضغط لتجنب كارثة إنسانية" والتوحد في الدعوة إلى وقف إنساني كامل لإطلاق النار.

وانتقد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، الذي قال إن وقف إطلاق النار "يعزز سيطرة حماس على غزة"، غوتيريش على هذه الخطوة، مشيراً إلى أن الحروب الأخيرة في أوكرانيا واليمن وسوريا لم تثير نفس الرد، وجاءت الاتهامات الإسرائيلية ضد الأونروا يوم الجمعة في نفس اليوم الذي أمرت فيه المحكمة العليا للأمم المتحدة إسرائيل بالتحرك الفوري لمنع الإبادة الجماعية في غزة، ولطالما كانت الأونروا هدفا للانتقادات الإسرائيلية، فقد اتهمت إسرائيل الوكالة التابعة للأمم المتحدة بالتحريض ضد إسرائيل، وهو ما تنفيه الأونروا، وفي عام 2017، سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تفكيك الهيئة التابعة للأمم المتحدة، قائلاً إنه يجب دمجها مع وكالة اللاجئين الرئيسية التابعة للأمم المتحدة.

 

وفي نوفمبر، ادعى صحفي إسرائيلي على منصة التواصل الاجتماعي X أن أحد محتجزي الرهائن في غزة كان مدرسًا في مدرسة تديرها الأونروا، وقد التقطت  وسائل الإعلام الإسرائيلية هذا التقرير، مما دفع وكالة الأمم المتحدة إلى دعوة إلى "وقف فوري" لنشر "الادعاءات التي لا أساس لها" حول المنظمة، وقد نفت الأونروا مرارا وتكرارا  المزاعم القائلة  بأن مساعداتها يتم تحويلها إلى حماس أو أنها تقوم بتدريس الكراهية في مدارسها، وشككت في "دوافع أولئك الذين يطلقون مثل هذه الادعاءات". وأدانت الوكالة هجوم حماس في 7 أكتوبر ووصفته بأنه “بغيض”.

 

 

كيف كان رد فعل العالم؟

وبحسب الـCNN، فقد أعلنت عدة دول غربية تعليق تمويل الأونروا في أعقاب هذه الاتهامات، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة إنها "أوقفت مؤقتا التمويل الإضافي" للوكالة، فيما حذت حذوها أستراليا وكندا والمملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا وسويسرا وفنلندا وهولندا، وقالت اليابان يوم الاثنين إنها علقت التمويل "في الوقت الحالي"، لكن دولا أخرى، بما في ذلك أيرلندا والنرويج، قالت إنها ستواصل تمويل الأونروا، وقالت الحكومة النرويجية يوم السبت إن “الوضع في غزة كارثي، والأونروا هي أهم منظمة إنسانية هناك… هناك حاجة إلى الدعم الدولي لفلسطين الآن أكثر من أي وقت مضى”.

وفي بيان صدر يوم الأحد، حث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الدول التي علقت تمويل الأونروا على إعادة النظر، وقال عباس، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، إن “مثل هذه المواقف، إذا استمرت، ستعاقب بشكل غير متناسب الملايين من أبناء شعبنا دون سبب عادل”، واتهم عباس إسرائيل بالتصرف من منطلق العداء لوكالة الأمم المتحدة، قائلا: “أعرب المسؤولون في الحكومة الإسرائيلية صراحة عن أنه لن يكون هناك أي دور للأونروا، وكشفوا عن الدافع الحقيقي وراء هذه الحملة”.

 

 

ما هو المستقبل بعدد تلك الأزمة؟

 اقترح وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الجمعة، أن إسرائيل ستسعى إلى منع الأونروا من العمل في قطاع غزة ما بعد الحرب، بينما وصف المدير العام للأونروا لازاريني تعليق التمويل بأنه “صادم” وحث الدول المانحة على إعادة النظر، وحذر من أن مثل هذه القرارات تهدد الإغاثة الإنسانية التي تقدمها المنظمة لملايين الأشخاص.

وشكل التمويل منذ فترة طويلة تحديا للأونروا، كما أن تعليق التمويل من قبل الداعمين الرئيسيين - مهما كان قصيرا - يثير تساؤلات حول كيف ستتمكن الوكالة من الاستمرار في مساعدة الناس في غزة وسط مخاوف متزايدة من المجاعة، وقد سبق للولايات المتحدة أن قطعت دعمها بالكامل  للأونروا في عهد دونالد ترامب قبل أن يتم استعادته في عهد جو بايدن.


-