الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أزهري: الإسراء والمعراج أعظم معجزات النبي محمد بعد القرآن الكريم

الشيخ صفوت عمارة
الشيخ صفوت عمارة

قال الشيخ صفوت عمارة، من وعاظ الأزهر الشريف، إنَّ اللَّه كرَّم نبيه صلَّي اللَّه عليه وسلَّم، بمكافأة إلهية ومنحة ربانية هي رحلة الإسراء والمعراج أعظم رحلة في تاريخ البشرية، تسريةً عن قلبه الحزين وفؤاده الجريح، بعد أنّ تعرَّض لعدة محن وابتلاءات؛ فتعرَّض لحصار خانق لمدة ثلاث سنوات، ثم فقد السند عمه أبو طالب، وزوجه خديجة بنت خويلد، اللَّذين كانا يُؤانسانه ويُؤازرانه، فلقِّب هذا العام بعام الحزن، وبعد ما لاقاه من أذى أهل الطائف عندما توجه اليهم لنشر دعوته إلا أنهم كانوا أكثر غلظة فطردوه وسلطوا عليه صبيانهم وغلمانهم يرمونه بالحجارة فآذوه أذى شديد حتى سال الدم من قدمه الشريف.

وتابع «عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنَّ معجزة الإسراء والمعراج معجزة زمانية ومكانية لا تخضع للقوانين الكونية، إنما هي استثناء، لأن الذي خلق المكان والزمان اختصرهما وطواهما لسيد الأنام، وتُعتبر معجزة الإسراء والمعراج أكبر الآيات وأعظم المعجزات الحسيّة التي كرَّم اللَّه بها نبيه محمدًا صلَّي اللَّه عليه وسلَّم، بعد معجزة القرآن الكريم.

وأشار «صفوت عمارة» إلى تعدّد آراءُ عُلماء السِّير في تحديد وقت معجزة الإسراء والمعراج، وأرجح هذه الأقول أنها وقعت في ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رجبٍ من السنة الثانية عشرة للبعثة قبل الهجرة إلى المدينة المُنورة بسنة، وبعد معاناة النبي صلَّي اللَّه عليه وسلَّم في رحلته إلى الطائف، وهو المعتمد من أقوال العلماء سلفًا وخلفًا وحكاه كثيرٌ من الأئمة واختاره جماعةٌ من المحققين، وهو ما جرى عليه عمل المسلمين قديمًا وحديثًا.

وذكر «عمارة»، أنَّ دعاء النبي صلَّي اللَّه عليه وسلَّم، بعد أن أصابه من أذى قومه وغيرهم ما أصابه، سجله التاريخ في سطور من نور، حيث دعا ربه وقال: «اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين! أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى قريب ملّكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هى أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلى بك».

وأوضح «صفوت عمارة»، أنَّه للرد على منكرى الإسراء والمعراج نقول: إنّ العقل البشري محدود مهما كانت إمكاناته التأملية وطاقاته الفكرية وقدراته الذهنية، ومن ثمَّ فليس لعقولنا القاصرة أن تبحث البحث الجاري والمعتاد في قوانين الأرض بمقاييس وآليات البشر، لنحاول فهم قوانين اللَّه سبحانه وتعالى وأفعاله؛ فإذا جاء النص القرآني بحدث، فعلينا الإيمان به لأنه ورد من اللَّه، وقد بدأ اللَّه تعالى الكلام عن الإسراء بقوله: {سبحان}، وتعني التنزيه المطلق للَّه سبحانه وتعالى، فإذا صدر الفعل من اللَّه فيجب أن أنزهه عن فعل البشر، لأن العقل البشري محدود، مهما كانت إمكاناته التأملية، وطاقاته الفكرية، وقدراته الذهنية؛ فلا يستطيع العقل أن يفهم كل قضايا الكون من حوله، لأن هناك كثيرًا من الأمور والأحداث التي وقف فيها العقل ولم يفهم حقيقتها، ثم إنه مع مرور الزمن وتقدم العلوم رآها تتكشف له تدريجيًّا، فما شاء اللَّه أن يُظهره لنا من قضايا الكون يسَّر لنا أسبابه باكتشاف أو اختراع، ولأجل ذلك فإن كوكب الأرض الذي نعيش فيه هو كوكب «معلوم مجهول»، أي معلوم بما استطاع العقل البشري أن يصل إليه من علم ومعرفة، وهو أيضا كوكب مجهول بما لم نصل إليه بعد من خزائن الأسرار والمعارف والعلوم التي أودعها اللَّه في الكون.

وأضاف، أنه في ذلك قال الشيخ الشعراوي رحمه اللَّه: كل وسيلة إدراك لها قانونها، وكذلك العقل، وإياك أن تظن أن عقلك يستطيع أن يدرس كل شيء، ولكن إذا حُدثت بشيء فعقلك ينظر فيه، فإذا وثقته صادقًا فقد انتهت المسألة، وخذ ما حُدثت به على أنه صدق، وهذا ما حدث مع الصِّديق أبي بكر حينما حدثوه عن صاحبه سيدنا رسول اللَّه وأنه أُسري به من مكة إلى بيت المقدس، فما كان منه إلا أن قال: «إن كان قال فقد صدق»، فالحجة عنده إذن هي قول الرسول، وما دام الرسول قد قال ذلك فهو صادق، ولا مجال لعمل العقل في هذه القضية، ثم قال: «كيف لا أُصدقه في هذا الخبر، وأنا أصدقه في أكثر من هذا، أصدقه في خبر الوحي يأتيه من السماء».