الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أستاذ بكلية الشريعة والقانون يُحيي ذكرى سيدي ابن عطاء الله السكندري

د.مهنا
د.مهنا

أحيا الدكتور محمد مهنا أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ورئيس مجلس أمناء البيت المحمدي ذكرى العالم الصوفي سيدي ابن عطاء السكندري بمجلس علم في مسجده بالمدرسة المنصورية  بسفح المقطم

وقال الدكتور مهنا في درسه الأسبوعي لشرح كتاب ( تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس) إن سيدي ابن عطاء الله السكندري، كان فقيها عالما ينكر على الصوفية، ثم جذبته العناية إلى اتباع طريقتهم الرضية، فصحب شيخ الشيوخ أبا العبّاس المرسي، وانتفع به، وفُتِحَ له على يديه بعد أن كان من المنكرين عليه، وسيرته معه، وقد جرت بينه وبين أصحاب أبو العباس المرسي قبل صحبته إياه مقاولة، حكاها  في كتابه "لطائف المنن"، فيقول: "وكنت أنا لأمره- يعني أبو العباس المرسي- من المنكرين، وعليه من المعترضين، لا لشيء سمعته منه ولا لشيء صحّ نقله حتى جرت بيني مقاولة وبين أصحابه، وذلك قبل صحبتي إياه، وقلت لذلك الرجل: "ليس إلا العلم الظاهر"؛ وهؤلاء القوم يدّعون أمورا عظيمة وظاهر الشرع يأباها...، وكان سبب اجتماعي به أن قلت في نفسي بعد أن جرت المخاصمة بيني وبين ذلك الرجل: "دعني أذهب أنظر إلى هذا الرجل فصاحب الحق له أمارات لا يخفي شأنه، فأتيت إلى مجلسه، فوجدته يتكلم في الأنفاس التي أمر الشارع بها، فقال الأول إسلام، والثاني إيمان، والثالث إحسان. وإن شئت قلت الأول شريعة، والثاني حقيقة، والثالث تحقق...، قال: "وعلمت أن الرجل إنما يغترف من فيض بحر إلهي، ومدد رباني، فأذهب الله ما كان عندي...، وصار رحمه الله تعالى من خواص أصحابه، ولازمه اثني عشر عاما حتى أشرقت أنواره عليه وفُتِح له على يديه ثم استقر في الأزهر يدرّس الفقه والتصوف".

وقد قال له مرة شيخه أبو العباس المرسي: "إلزم فو الله لئن لزمت لتكون مفتيا في المذهبين، يريد مذهب أهل الشريعة أهل العلم الظاهر، ومذهب أهل الحقيقة أهل العلم الباطن".

وأضاف د. مهنا لقد ذكر ابن حجر في كتابه، أن الذهبي قال عن ابن عطاء الله : "كانت له جلالة عجيبة، ووقع في النفوس، ومشاركة في الفضائل، وكان يتكلم بالجامع الأزهر فوق كرسي بكلام يروح النفوس، ومزج كلام القوم بآثار السلف وفنون العلم، فكثُر أتباعه، وكانت عليه سيما الخير، ويقال: "إن ثلاثة قصدوا مجلسه، فقال أحدهم: "لو سَلِمتُ من العائلة لتجرّدت". وقال الآخر: "أنا أصلي وأصوم ولا أجد من الصلاح ذرّة". وقال الثالث: "أنا صلاتي ما تُرضيني فكيف تُرضي ربي"، فلما حضروا مجلسه، قال في أثناء كلامه: ومن الناس من يقول... فأعاد كلامهم بعينه".

واستكمل د. مهنا موضحًا أن سيدي ابن عطاء الله السكندري ترك عدة مصنفات في التصوف، وحكم سيمتد أثرها ليوم الدين منها:

- "الحكم العطائية": وقد نالت شروحها الداني والبعيد، وقرأها الكبير والصغير، وما زالت مرجعا وافيا في لون متميز من ألوان السلوك الإنساني، والمعراج إلى حضرة القدس الأعلى. عالج في كتابه هذا، مختلف الموضوعات التي تحدث عنها الصوفية، ولعل أهمها: "كيف نستدل على الله، صلتنا بالله، التجريد والأسباب، الشهرة والخمول، دقائق الرياء....

-"لطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس المرسي وشيخه الشاذلي أبو الحسن": وهو عبارة عن مقدمة وعشرة وأبواب وخاتمة، المقدمة في تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على جميع بني آدم، وذكر أقسام الولاية، وما تبقى تعريف بشيخه أبي العباس وبعلمه ومجرباته وما فسره من الآيات والأحاديث، وما ذكره من كلام أهل الحقائق ودعائه وشعره...، "ولهذا المؤلف قيمة كبرى في التعريف بآداب الطريقة الشاذلية، وقد حفظ ابن عطاء تراث الشاذلية الروحي من الضياع.

وأوضح د. مهنا أن حكم سيدي  ابن عطاء الله السكندري لها وقع في النفوس فمن كلامه رضي الله عنه: ليس عمرك من اليوم الذي ولدت فيه إنما عمرك من اليوم الذي عرفت الله فيه، وكذا قوله: ربما فتح لك باب الطاعة ولم يفتح لك باب القبول وربما قضى عليك بالخير فكان سببًا للوصول

يذكر أن ابن عطاء الله السكندري  "أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن عيسى بن الحسين بن عطاء الله، الجذامي نسبا، المالكي مذهبا، الإسكندري دارا، القرافي مزارا، الصوفي حقيقة، الشاذلي طريقة، كان أعجوبة زمانه، ونخبة عصره وأوانه، الجامع لأنواع العلوم من تفسير، وحديث، وفقه، وتصوف، ونحو، وأصول، وغير ذلك"، وجرت العادة الاحتفال بذكرى مولده في مثل هذا اليوم النصف من شعبان على أرجح الأقوال.