مع وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز 88 عامًا، يعود إلى الواجهة مصير "خاتم الصياد"، أحد أبرز الرموز البابوية، والذي لطالما ارتبط بمنصب الحبر الأعظم منذ القرن الثالث عشر.
مصير خاتم الصياد
سمي الخاتم بهذا الاسم نسبة إلى القديس بطرس، أول بابا للكنيسة الكاثوليكية وفق التقليد، والذي كان صيادًا.
وعلى مر 12 عاما من حبرية البابا فرنسيس، رافقه الخاتم في المناسبات الرسمية، وبحسب التقاليد الفاتيكانية، يُفترض أن يدمر الخاتم بعد وفاة البابا، أو يشوه بشكل لا يسمح باستخدامه.
للحد من تزوير الوثائق البابوية
هذا الطقس، الذي يعود إلى القرن السادس عشر، لا يقتصر على رمزيته، بل كان إجراء وظيفيا للحد من تزوير الوثائق البابوية، إذ كان الخاتم يُستخدم سابقا كختم رسمي، إلى جانب قلادة تعرف بـ"البولا".
ويشرح الصحفي المتخصص بشؤون الفاتيكان كريستوفر لامب أن كسر الخاتم يشبه "سحب بيانات تسجيل الدخول من حساب على وسائل التواصل الاجتماعي"، في خطوة تهدف لمنع أي انتحال للصفة البابوية.
مهمة تشويه الخاتم
ويتولى مهمة تشويه الخاتم تقليديا الكاردينال المكلف بشؤون الكرسي الرسولي (الكاميرلينجو)، بحضور مجمع الكرادلة، فور الإعلان الرسمي عن وفاة البابا.
ومع أن استخدام الخاتم كختم رسمي انتهى فعليا منذ منتصف القرن التاسع عشر، إلا أن هذا الطقس لا يزال قائما كجزء من الإرث الرمزي للكنيسة.
تغير هذا التقليد مع استقالة البابا بندكتوس السادس عشر عام 2013، حين تم الاكتفاء بنقش صليب على الخاتم بدلا من تدميره، وهو ما يتوقع أن يطبق على خاتم البابا فرنسيس، وفقًا للتوجه الذي يتبعه الكاردينال الأيرلندي كيفن جوزيف فاريل، المعين في هذا المنصب منذ عام 2023.
بين السلطة والتواضع رمزية متغيرة
رغم رمزيته المرتبطة بسلطة البابا، إلا أن استخدام خاتم الصياد شهد تحولات بين الباباوات، فبينما كان بندكتوس السادس عشر يضعه يوما، اختار البابا يوحنا بولس الثاني بدائل رمزية كصليب، أما فرنسيس فاقتصر استخدامه على المناسبات الرسمية، مفضلا خاتما فضيا بسيط في حياته اليومية.
وأثارت لقطات التُقطت في عام 2019 جدلا واسعا، بعد أن ظهر البابا فرنسيس وهو يسحب يده مرارا لتفادي تقبيل الخاتم من قبل المصلين.
خاتم مستعمل وقيمة رمزية مضافة
من ناحية التصميم، لا تفرض الكنيسة قواعد صارمة على شكل الخاتم، باستثناء احتوائه غالبا على نقش للقديس بطرس ومفاتيح الكرسي الرسولي، رمزا لمنح بطرس مفاتيح الجنة، إلا أن البابا فرنسيس خرج عن التقليد المعتاد بعدم طلب صنع خاتم جديد.
واستخدم البابا خاتما سابقا يعود لسكرتير البابا بولس السادس، الأسقف باسكوال ماكي، المتوفى عام 2006.
الخاتم مصنوع من الفضة المطلية بالذهب، في انسجام مع بساطة وتواضع البابا الراحل، الذي اختار ألا يُثقل رمزيته بذهب جديد، بل أن يستثمر في إرث سابق يحمل بعدا إنسانيا وروحي.