في تطور لافت في السياسة الدولية، كشفت تقارير غربية مؤخرًا عن عرض روسي مفاجئ قدمه الرئيس فلاديمير بوتين إلى إيران، يقضي بوقف كامل لتخصيب اليورانيوم مقابل اتفاق نووي شامل برعاية أمريكية.
الصفقة، التي تحمل طابعًا جريئًا وغير مسبوق، تأتي وسط محاولات موسكو لإعادة ترتيب أوراقها في الشرق الأوسط، على وقع الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية المتصاعدة.
قال سعيد الزغبي، أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن تقارير دولية كشفت مؤخرًا عن تحول مفاجئ في موقف موسكو، حيث عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إيران صفقة جريئة تقوم على أساس “صفر تخصيب” مقابل اتفاق شامل مع الولايات المتحدة.
وأوضح الزغبي أن مصادر سياسية مطلعة أفادت لبعض مراكز الفكر في الولايات المتحدة بأن موسكو، التي لطالما دعمت حق طهران في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، باتت ترى أن خفض منسوب التوتر مع الغرب في الشرق الأوسط يخدم أولوياتها الحالية.
وأضاف من وجهة نظري، روسيا لا تريد بالفعل أن تتخلى إيران عن التخصيب، لكنها تستخدم فكرة (الصفر تخصيب) كورقة ضغط تساوم بها الغرب حتى تكسب:
1- تخفيف العقوبات عنها بسبب أوكرانيا.
2- إعادة هيكلة النفوذ في الشرق الأوسط وفقًا لما تريده.
وتابع الزغبي بوتين الآن لا يقول لإيران (توقفي)، هو يتحدث إلى الغرب: (ما هو المقابل بالنسبة لروسيا وأنا أجعل إيران تتوقف).
ومن وجهة نظري، فإن إيران لن تقبل بسهولة، لكنها سوف تستفيد، حيث إنها تعلم تمامًا أن روسيا تحتاج إيران كورقة ضغط، ولذلك سيتم استخدامها في دور (الممنوع مرغوب)”.
وأشار إلى أن السيناريو سيسير كالتالي:
“1- ستقول إيران (لا) في الأول.
2- ستطلب ضمانات وحوافز ضخمة (رفع العقوبات، فك تجميد أرصدة، وحتى صفقات سلاح).
3- وهكذا تطلع إيران بمكاسب حتى لو لم تصل لاتفاق نووي شامل.”
واستكمل الزغبي لا روسيا ستسمح بسلاح نووي إيراني، وروسيا تؤيد إيران قوية لكن ليست نووية بالكامل، حتى تظل إيران محتاجة إلى حماية موسكو، وحتى لا تصبح إيران (فرس نووي منفلت).
وفي نفس الوقت، تريد موسكو تقييد إسرائيل ومنعها من كسر اللعبة، بحيث تظل روسيا هي من تمسك بـ(صمام الأمان)”.
وأكد الزغبي أن موسكو تمسك العصا من النصف تعطي إيران دعمًا نوويًا مدنيًا وغطاء دبلوماسي، وتساوم الغرب بورقة (الصفر تخصيب)، وتردع إسرائيل بالتهديد غير المعلن”.
وأضاف هي لعبة توازن معقدة جيوسياسيًا، لكن الكل يفهم إن أي خطأ صغير ممكن أن يؤدي المنطقة الى حرب أكبر من توقعات الجميع.
وأوضح من هنا أرى أن السيناريو الأفضل هو تفادي الحرب عبر صفقة كبرى، حيث تنجح روسيا في إقناع إيران بقبول تجميد التخصيب عند مستوى منخفض، مقابل حزمة تحفيزات اقتصادية وضمانات أمنية يتم التفاوض عليها عبر رعاية روسية – أوروبية.
ومن ثم تحصل إسرائيل على تطمينات أمنية واضحة بأن إيران لن تصل أبدًا إلى العتبة النووية.
وهكذا يخفف الغرب بعض العقوبات عن موسكو وإيران، فتتراجع أسعار الطاقة، ويهدأ الشرق الأوسط مرحليًا.
واستدرك الزغبي قائلًا: “هذا السيناريو محتاج تنازلات مؤلمة من إيران، وضمانات حقيقية للغرب، وتحركات ذكية جدًا من روسيا لتقديم نفسها كـ(ضامن موثوق فيه)، وهي كلمة السر (الضمانة)”.
أما بخصوص السيناريو الأسوأ، فقال الزغبي:“هو الانزلاق إلى حرب مفتوحة، حيث تواصل إيران التخصيب بسرعات قياسية، وتبدأ في تركيب أجهزة طرد متقدمة بشكل معلن.
ومن ثم، تنفذ إسرائيل ضربة استباقية واسعة ضد المنشآت النووية، فترد إيران بقصف مدن وقواعد إسرائيلية بالصواريخ والطائرات المسيرة .
ثم يفتح حزب الله جبهة لبنان، والمليشيات في العراق وسوريا تشتعل، فيتوسع الصراع إقليميًا.
ولا تتدخل روسيا عسكريًا بطريقة مباشرة، لكنها تدعم إيران بأسلحة دفاعية متقدمة، أنظمة دفاع جوي متطورة، وحرب إلكترونية، مما يزيد كلفة أي تصعيد.
وأكد أن “هذا السيناريو ممكن أن يدفع أسعار النفط فوق الـ200 دولار للبرميل، ويعيد تشكيل أمن الخليج، لأن روسيا تمسك المسرح بخيوطه: تطمئن الغرب لتكسب تنازلات، وتدعم إيران لتضمن حاجتها إليها، وتردع إسرائيل كي لا تكسر اللعبة.”
واختتم الزغبي تصريحاته قائلًا: “أرى أن الحرب الكبيرة ليست مرجحة غدًا، لكنها ممكنة في أي وقت، والشرق الأوسط يظل رهن توازن دقيق جدًا… قابل للانفجار عند أول شرارة، لا يدفع ثمنها إلا أبناء المنطقة العربية”.