قال الدكتور هيثم شعبان، قائد الفريق البحثي بكلية الطب بجامعة جنيف، إن علم الجينوم لا يقتصر على دراسة الجينات فقط، بل يشمل أيضًا العناصر التنظيمية التي تتحكم في عمل الخلايا، وتكشف أسباب الأمراض وتفاوت الاستجابات الجسدية.
وفي حوار خاص، مع الإعلاميتين شروق وجدي ومنى صالح، ببرنامج "صباح جديد"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، أوضح شعبان أن علم الجينوم يختلف عن علم الوراثة التقليدي، مشيرًا إلى أن الجينات لا تشكل سوى 1-2% من الحمض النووي البشري، في حين أن النسبة الأكبر، والتي كانت تُعتبر سابقًا "غير مهمة"، تبيّن أنها تلعب دورًا أساسيًا في تنظيم وظائف الخلية وتحديد حالتها الصحية أو المرضية.
وحول رحلته العلمية، قال شعبان: "تخرجت من كلية العلوم في مصر، وكان لدي شغف كبير لفهم كيفية عمل الخلايا، لطالما أثار فضولي سؤال بسيط: كيف تكون خلايا الجسم المختلفة — كخلايا العين والجلد والعضلات — متمايزة، رغم أن لديها نفس المادة الوراثية؟ هذا ما دفعني إلى التخصص في علم الجينوم".
وأضاف: "بدأت رحلتي العلمية خارج مصر بالحصول على دكتوراه مزدوجة في الفيزياء والبيوفيزياء، ثم واصلت دراساتي ما بعد الدكتوراه في فرنسا، قبل أن أعمل كباحث زائر في جامعتي هارفارد وأكسفورد، لاحقًا، انتقلت إلى سويسرا، حيث شاركت في تطوير أدوات عالية الدقة لدراسة الخلايا الجذعية، ثم انتقلت إلى كلية الطب بجامعة جنيف".
وأكد أنه يعمل حاليًا ضمن فريق بحثي متعدد التخصصات بمركز "أجورا" لأبحاث السرطان، والذي يضم علماء من خمس جامعات سويسرية، قائلاً: "نهدف إلى تطوير أدوات تشخيصية وعلاجية فعالة للسرطان من خلال التعاون بين الأطباء والعلماء ومهندسي الحاسوب".
وحول آخر ما توصلت إليه الأبحاث في علاج السرطان، قال شعبان: "العلاج المناعي يُعد حاليًا من أكثر الأساليب العلاجية الواعدة، فبدلًا من استهداف السرطان بالعقاقير فقط، نقوم بتحفيز الجهاز المناعي للجسم كي يتعرف على الخلايا السرطانية ويقضي عليها".
وأشار إلى أن العلاج المناعي يستخدم غالبًا في الحالات المتأخرة من السرطان، وتبلغ كفاءته نحو 30 إلى 40%، مضيفًا: "نعمل حاليًا على رفع كفاءته إلى 50 أو حتى 80%، ليشمل عددًا أكبر من المرضى".
وكشف شعبان عن ارتباط وثيق بين الخلايا السرطانية والخلايا "المسنّة" التي تُعد علامة الشيخوخة في الجسم، موضحًا: "كلما تقدم الإنسان في العمر، زادت هذه الخلايا، وهي لا تستجيب للمحفزات ولا تنقسم، وتؤثر سلبًا على البيئة المحيطة بالسرطان، كما أنها تُقاوم العلاج".
وتابع: "بدأنا مؤخرًا بتطوير علاجات تستهدف هذه الخلايا المسنّة، تُعرف باسم (Senolytics)، ليس فقط لتحسين فاعلية علاج السرطان، بل أيضًا لمواجهة أمراض الشيخوخة مثل الزهايمر وتصلب الشرايين، بل وربما تأخير علامات التقدم في السن نفسها".