بينما يفترض أن العطلة حق مستحق وفرصة للراحة والتجديد، يعيش كثير من الموظفين الأمريكيين صراعًا نفسيًا كلما اقترب موعد إجازتهم السنوية، حيث يتسلل إلى قلوبهم شعور بالذنب... نعم، الذنب من مجرد قضاء عطلة، وفق تقرير نشره موقع ذا كونفرزيشن.
في دراسة حديثة أجرتها الباحثة كارين تان، الأستاذة المساعدة في إدارة السياحة والضيافة بجامعة ولاية تينيسي، تبين أن حوالي 20% من الموظفين الأمريكيين يشعرون بالذنب عند التفكير في أخذ إجازتهم، رغم أنهم حصلوا عليها رسميًا ضمن مزايا وظائفهم.
ثقافة الخوف من الإجازة
تقول كارين تان إن العديد من الموظفين الذين شاركوا في دراستها عبروا عن خشيتهم من أن ينظر إليهم على أنهم كسالى، أو غير ملتزمين، أو – الأسوأ – أنهم قابلون للاستبدال. بعضهم قال صراحة إن زملاءه أو مدراءه كانوا ينظرون بازدراء إلى فكرة التوقف عن العمل لفترة.
وتضيف الباحثة، وهي من سنغافورة، أنها فوجئت بعد انتقالها إلى الولايات المتحدة عام 2016، بأن مفهوم الإجازة كحق طبيعي لم يكن راسخًا في بيئات العمل الأمريكية كما كانت تتوقع، رغم أن الثقافة الأمريكية تركز كثيرًا على الصحة النفسية وجودة الحياة.
إجازة... ولكن مشروطة!
كشفت الدراسة أن البعض ممن يقررون قضاء عطلتهم يحاولون تقليل أيام الإجازة للشعور بالارتياح وتقليل الذنب. وقد يعتذرون عن الإجازة نفسها، أو يتجنبون الحديث عنها أمام زملائهم، وكأنها خطيئة.
الأسوأ أن هناك من شعر بالفعل أنه دفع ثمن إجازته في صورة تقييمات أداء سلبية بعد العودة إلى العمل، وكأن استحقاق العطلة لم يعد حقًا فعليًا، بل هو عبء قد يؤدي إلى عقوبة.
الولايات المتحدة استثناء عالمي
تؤكد الباحثة أن الولايات المتحدة تختلف عن غيرها من الاقتصادات الكبرى في العالم؛ فهي الدولة الوحيدة التي لا تفرض قانونيًا حدًا أدنى من أيام العطلة السنوية. بينما تضمن قوانين الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، حصول الموظف على 20 يومًا مدفوعة الأجر على الأقل، بخلاف الإجازات الرسمية مثل أعياد الميلاد ورأس السنة. وحتى اليابان، التي تشتهر بثقافة العمل المفرطة، تضمن للعاملين فيها 10 أيام عطلة سنويًا على الأقل.
في المقابل، يعتمد الموظف الأمريكي كليًا على "كرم الشركة"، وقد يواجه نظام "استخدمها أو تخسرها"، حيث لا يمكن ترحيل أيام العطلة غير المستعملة إلى العام التالي.
كيف يمكن تغيير هذه الثقافة؟
تقول كارين تان إن الحل لا يكمن في منح أيام إجازة إضافية فحسب، بل في بناء ثقافة عمل صحية تشجع الموظف على الاستفادة من إجازته دون خوف أو قلق، لأن الإجازة في جوهرها ليست رفاهية بل حاجة ضرورية للحفاظ على صحة الإنسان وإنتاجيته. فربما آن الأوان لتدرك بيئات العمل أن الموظف العائد من عطلته هو موظف أكثر عطاءً... وليس عبئًا يستحق العقوبة!