وسط مشهد ميداني متقلب وهدنة أعلنتها السلطات السورية، تتصاعد التساؤلات حول مستقبل الأوضاع في سوريا، في ظل تقارير صادمة عن انتهاكات دامية وجرائم بحق المدنيين.
وفي قراءة تحليلية للمشهد، حذر الباحث والمحلل السياسي سعيد الزغبي من الوقوع في وهم التهدئة، مؤكدًا أن ما يجري على الأرض ينذر بانفجار واسع النطاق، يعيد إلى الأذهان مقدمات الحروب الأهلية الكبرى.
سعيد الزغبي: نحن أمام مشهد يحاكي ما قبل الحروب الأهلية الكبرى
قال الدكتور سعيد الزغبي الخبير في الشؤون السياسية، انه بينما أعلنت السلطات السورية وقفًا شاملًا وفوريًا لإطلاق النار، أرى أن الساحة السورية لا تزال تعج بتقارير مرعبة عن عنف ميداني غير مسبوق، من بينها مقاطع فيديو توثق رمي مدنيين من الشرفات وعمليات تصفية على الهوية، هنا، لا نتحدث عن هدنة، بل عن مشهد متفجر يحاكي ما قبل الحروب الأهلية الكبرى، فهل نحن أمام تهدئة فعلية؟ أم أمام إعادة تموضع للنار؟.
تصعيد غير مسبوق في الجنوب.. وخشية من انفجار شامل
وأوضح الزغبي في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد ان الهدنة جاءت عقب أسبوع دموي في محافظة السويداء، حيث اندلعت اشتباكات بين قوات النظام وميليشيات محلية، تزامن ذلك مع غارات إسرائيلية على مواقع عسكرية سورية، ومن وجهة نظري، هناك خشية متصاعدة من انزلاق الجنوب السوري إلى فوضى واسعة النطاق، قد تؤدي إلى موجات لجوء جديدة وتهديد مباشر للأردن وإسرائيل.
وتابع قائلاً هذه الهدنة ليست نتاج قناعة سياسية بضرورة الحل، بل جاءت كرد فعل على تصعيد ميداني وإعلامي يهدد صورة النظام واستقراره.
أشار الزغبي إلى ان النظام يخشى تكرار سيناريو درعا عام 2018، حين تحولت المدينة إلى نقطة انطلاق لعصيان مسلح، ولهذا يسعى إلى احتواء الموقف، وقف إطلاق النار جاء متزامنًا مع زيارة دبلوماسية لمسؤول روسي، ما يشير إلى رغبة دمشق في توجيه رسائل تهدئة لحلفائها وشركائها.
3 سيناريوهات محتملة لما بعد الهدنة
قال سعيد يمكننا التكهن بعدة سيناريوهات لما بعد الهدنة:
- السيناريو الأول: فشل كامل للهدنة
تصاعد المواجهات مجددًا، خاصة بعد أي حادث دموي جديد، مع عودة الغارات الإسرائيلية وتوسع الفوضى نحو درعا والسويداء والبادية. - السيناريو الثاني: تهدئة هشة ومؤقتة
استمرار وقف العمليات الكبرى، لكن مع خروقات متفرقة، واستخدام النظام للهدنة لإعادة بناء تمركزه. - السيناريو الثالث: تدخل دولي مفاجئ
إدخال مراقبين دوليين أو مبعوث خاص للجنوب السوري، مع اتفاق هدنة أوسع يشمل أطرافًا إقليمية مثل الأردن أو روسيا كضامن.”
وسوريا على أعتاب جولة دموية جديدة
واختتم تصريحاته قائلاً أعتقد أن الهدنة كما هي الآن لا تحمل أي مقومات للاستدامة، بل تبدو كمحاولة لتقليل الخسائر الإعلامية والدبلوماسية، الواقع الميداني لا يزال مشتعلاً، والشارع فقد ثقته في أي حلول فوقية لا تضمن أمنه وكرامته، إذا لم تربط الهدنة بآلية تنفيذ فعلية وعدالة انتقالية حقيقية، فإن ما ينتظر سوريا ليس سوى جولة دموية جديدة قادمة لا محالة.