في اليوم الـ684 من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يتواصل نزيف الدم الفلسطيني وسط تصعيد غير مسبوق من جانب الاحتلال، حيث استشهد 35 فلسطينيا منذ ساعات الفجر الأولى نتيجة القصف الإسرائيلي المكثف الذي طال مناطق متفرقة من القطاع، بينهم 10 مدنيين كانوا ينتظرون الحصول على المساعدات الإنسانية قرب ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" في وسط وجنوبي القطاع.

ظروف إنسانية كارثية
ويأتي ذلك في ظل ظروف إنسانية كارثية يعيشها السكان الذين يواجهون نقصا حادا في الغذاء والدواء والمياه، مع استمرار استهداف مناطق الإيواء ومراكز توزيع المساعدات.
عسكرياً، أقرت وزارة الدفاع الإسرائيلية خطة جديدة أطلقت عليها اسم "عربات جدعون الثانية"، وتهدف إلى السيطرة الكاملة على مدينة غزة. وقد أعلنت الوزارة عن استدعاء 60 ألف جندي احتياط استعداداً للعملية المرتقبة، إلى جانب تمديد فترة خدمة نحو 20 ألفاً من الاحتياط الموجودين بالفعل على الجبهات.
وأشارت مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أن هذا القرار جاء بعد نقاشات معمقة حول حجم القوات المطلوبة لمواصلة العمليات العسكرية، وجرى التصديق عليه من قبل وزير الدفاع يسرائيل كاتس. ومن المتوقع أن يوافق الكابينت الإسرائيلي في غضون أيام على الخطة التي تشمل اجتياح مدينة غزة، الأمر الذي قد يدفع بمئات الآلاف من المدنيين للنزوح جنوباً وسط قصف جوي ومدفعي عنيف يطال الأحياء السكنية.
سياسياً، ما تزال الحكومة الإسرائيلية تتجاهل رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي قُدِّم عبر الوسطاء قبل أكثر من 24 ساعة بشأن مقترح جديد لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً. ووفقاً لمصادر دبلوماسية، فإن إسرائيل تصر على الإفراج عن جميع الرهائن الخمسين المحتجزين في غزة قبل الموافقة على أي اتفاق، وهو ما يثير الشكوك حول إمكانية القبول بالمبادرة التي طرحتها قطر ومصر، والتي وصفتها الدوحة بأنها "مطابقة تقريباً" لاقتراح أمريكي سبق أن وافقت عليه إسرائيل.
وفي المقابل، يواصل نتنياهو تشديد موقفه بأن أي وقف لإطلاق النار لن يتم إلا بإطلاق سراح جميع الرهائن، في إشارة إلى تغيير أولويات حكومته بعد فشل جولات التفاوض السابقة، بينما يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية المكثفة، ما يفاقم معاناة المدنيين ويدفع بأعداد متزايدة منهم للنزوح تحت النار.
وفي ظل ما يعيشه قطاع غزة من عدوان غير مسبوق، وما تتعرض له القضية الفلسطينية من استهداف وجودي يهدد بتصفية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، ناشدت الهيئة العليا لشؤون العشائر في فلسطين – قطاع غزة الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، للمبادرة بشكل عاجل والدعوة لعقد لقاء وطني فلسطيني للم الشمل وانهاء الفرقة الفلسطينية.
وقالت الهيئة في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”: إنه "في أحلك اللحظات التي تمر بها قضيتنا المقدسة، ومع وصول العدوان الصهيوني إلى مستويات غير مسبوقة من الوحشية، فإننا، ومن عمق الجرح الفلسطيني النازف، نرفع إلى فخامتكم هذا النداء المصيري، لا كبيان سياسي، بل كصرخة أخوة واستغاثة تاريخية".
وأضافت أن: "إننا نتوجه إليكم مباشرة، يا سيادة الرئيس، وأنتم تحملون على عاتقكم أمانة التاريخ والجغرافيا، وقيادة الدولة التي كانت على الدوام قلب العروبة النابض والملاذ الآمن للشعب الفلسطيني.
إن الانقسام الفلسطيني لم يعد ترفاً سياسياً يمكن احتماله، بل تحول إلى طعنة نجلاء في ظهر صمودنا وسلاح فتاك يستخدمه عدونا لتمزيق ما تبقى من جسد وطننا".
وتابعت: "من هنا، ومن قلب غزة المكلومة، نضع بين أيديكم هذه الأمانة التاريخية، بأن تبادروا شخصياً وبشكل عاجل إلى الدعوة لعقد لقاء وطني فلسطيني عاجل، لا غالب فيه ولا مغلوب، على أرض الكنانة المباركة، وتحت رعايتكم الكريمة والمباشرة، من أجل وضع حد لهذا الانقسام المدمر الذي أهلك قضيتنا ومزق شعبنا".
وأكدت الهيئة أن الهدف من هذه المبادرة يتمثل في تحقيق ما يلي بشكل فوري وملزم:
- الاتفاق على استراتيجية كفاح وصمود وطني موحدة لمواجهة مخططات الإبادة والتهجير ودرء الأخطار الوجودية التي تهدد قضيتنا.
- إنهاء الانقسام الفلسطيني بشكل كامل ونهائي عبر تشكيل حكومة إنقاذ وطني من الكفاءات المستقلة، تكون مهمتها الأولى توحيد المؤسسات فوراً، وقيادة جهود الإغاثة وإعادة الإعمار، والإعداد لانتخابات حرة تنهي حالة الشرعيات المنقسمة.
- إعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية كإطار وطني جامع يضم كافة القوى والتيارات تحت راية فلسطين الواحدة، لتقود المرحلة المقبلة من نضالنا الوطني.
وختمت الهيئة بالقول: "فخامة الرئيس، كلنا يقين بأنكم، بحكمتكم وغيرتكم على فلسطين، لن تسمحوا بسقوط هذه الراية. إن دعوة حاسمة من سيادتكم قادرة على جمع الشمل ووقف نزيف الدم والانقسام. الأمانة في أعناقكم، والأمل معقود عليكم بعد الله. حفظ الله مصر، وحفظكم سنداً وذخراً لفلسطين وللأمة العربية".