رفضت المحكمة الجنائية الدولية، الأربعاء، العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة ضد أربعة من أعضائها، معتبرة أنها تمثل "هجومًا صارخًا على استقلال القضاء الدولي وإهانة للدول الأطراف في نظام روما الأساسي".
وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فقد استهدفت العقوبات القاضية الكندية كيمبرلي بروست، والقاضي الفرنسي نيكولا جيلو، إضافة إلى نائبتي المدعي العام نزهة شميم خان من فيجي ومامي ماندياي نيانج من السنغال. وتأتي هذه الإجراءات في إطار حملة أمريكية متجددة ضد المحكمة، سبق أن شملت أربعة قضاة آخرين والمدعي العام ذاته.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في بيان إن المحكمة "تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي وأداة للحرب القانونية ضد الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل". في المقابل، أكدت المحكمة أنها ستواصل عملها "بلا ردع أو ضغط"، داعية الدول الأطراف وجميع المدافعين عن العدالة إلى دعم جهودها في مواجهة الجرائم الدولية الكبرى.
وتتخذ المحكمة من لاهاي مقراً لها، وهي مسؤولة عن التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والعدوان، بموجب نظام روما الأساسي لعام 1998 الذي صادقت عليه 125 دولة، في حين امتنعت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل عن التوقيع عليه.
التصعيد الأمريكي
تأتي العقوبات الأمريكية في أعقاب قرارات مثيرة للجدل صدرت عن المحكمة، أبرزها أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، إلى جانب قيادي سابق في حركة حماس، على خلفية النزاع في غزة.
كما يواصل المدعون في المحكمة تحقيقاتهم بشأن الانتهاكات المزعومة التي ارتكبتها القوات الأمريكية في أفغانستان منذ عام 2003، وهو ما أثار غضب واشنطن ودفعها لتصعيد مواجهتها مع المؤسسة القضائية الدولية.
موقف الأمم المتحدة والدول الأعضاء
عبّر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك عن قلق المنظمة من الخطوة الأمريكية، مؤكدًا أن "الاستقلال القضائي مبدأ أساسي يجب احترامه"، وأن العقوبات "تقوض أسس العدالة الدولية".
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع حلفائها الأوروبيين الذين يدعمون المحكمة ويمولون جزءًا كبيرًا من عملها.
انعكاسات على النظام الدولي
يرى خبراء القانون الدولي أن استمرار الولايات المتحدة في فرض عقوبات على القضاة وأعضاء المحكمة قد يفتح الباب أمام أزمة ثقة دولية أوسع، ويضعف مساعي تحقيق العدالة للضحايا في مناطق النزاع.
كما أن هذا التوتر يعكس الصراع بين منطق "السيادة الوطنية المطلقة" الذي تتبناه واشنطن، وبين "النظام القائم على القواعد الدولية" الذي تحاول المحكمة تكريسه منذ تأسيسها.