ورد سؤال إلى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون، من أحد المتابعين عبر صفحته الرسمية، يسأل فيه عن تفسير قوله تعالى:
"وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ" [الأنعام: 153].
وأجاب الدكتور عطية لاشين عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، موضحًا أن هذه الآية الكريمة تُمثل دعوة صريحة للوحدة والاعتصام بطريق الله الواحد، محذرًا من التفرق والاختلاف الذي مزّق الأمم السابقة.
وأوضح أن الإسلام جاء مؤكدًا على أن سبيل الله واحد، وأن ما عداه سبل كثيرة تؤدي إلى الانقسام والضياع، مشيرًا إلى أن الله عز وجل قال:
"وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً"،
وأنه توعّد الذين شتّتوا دينهم بقوله:
"إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ".
وسرد الدكتور لاشين عدة تفسيرات وردت عن الصحابة والتابعين في تفسير هذه الآية، مشيرًا إلى قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، الذي أكد أن الأمر الإلهي فيها يدعو إلى الجماعة وينهى عن التفرق، وهو ما أورده ابن مسعود في الحديث الذي خط فيه النبي ﷺ خطًا مستقيما، ثم خطوطًا عن يمينه وشماله، مبيّنًا أن السبيل المستقيم هو طريق الله، وغيره سبل على رأسها شياطين تدعو إلى الضلال.
كما عرض تفسيرًا آخر للآية، مرتبطًا بالصراط الممدود فوق جهنم يوم القيامة، والذي وصفه ابن مسعود بأنه طريق يبدأ برسول الله ﷺ وينتهي بالجنة، وأن الانحراف عنه يؤدي إلى النار، وهو ما يدل على أن الصراط في الدنيا هو الطريق إلى النجاة في الآخرة.
وأشار إلى حديث رواه أحمد والترمذي والنسائي، عن النواس بن سمعان، يُبين أن الله ضرب مثلاً للصراط المستقيم، بسورين على جانبيه، فيهما أبواب محظورة، وعليها ستائر، وداعٍ على الصراط يدعو الناس للثبات عليه، وأن تلك الأبواب المفتوحة تمثل المحرمات، والواعظ الداخلي هو صوت الإيمان في قلب المؤمن.
وختم الدكتور عطية لاشين تفسيره بتأمل بلاغي في صيغة الآية، متسائلًا: لماذا وحَّد الله "صراطه" وأفرد ذكره، بينما جمع "السبل" المخالفة؟ وأجاب: "لأن الحق لا يتعدد، فهو واحد، أما الباطل فسُبل متفرقة ومتنوعة".