قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

من ثقافة الشراء إلى عقلية الإدخار.. كيف يواجه المصريون موجة غلاء السلع؟

أسعار السلع الغذائية
أسعار السلع الغذائية

في ظل موجات الغلاء المتتابعة وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وجدت الأسر المصرية نفسها أمام واقع اقتصادي ضاغط دفعها إلى رفع شعار «الاستغناء بدل الإنفاق».

لم يعد الأمر مجرد سلوك فردي بل تحول إلى ظاهرة اجتماعية واسعة، غيّرت من أنماط الاستهلاك اليومية، حيث تخلّى المواطنون عن الكماليات واكتفوا بالضروريات، في محاولة للتكيف مع الأوضاع المعيشية الصعبة. وبينما يحاول المستهلكون إيجاد بدائل أقل تكلفة، تكشف التقارير الاقتصادية عن توقعات متباينة بين النمو المحدود والضغوط التضخمية المستمرة.

عادات جديدة على الموائد المصرية

انعكست الضغوط المعيشية بوضوح على موائد المصريين، إذ أصبحت أطباق الفول والطعمية والكشري وجبات أساسية متكررة، بديلاً عن اللحوم والدواجن باهظة الثمن. 

وهذه التحولات جاءت نتيجة تآكل القدرة الشرائية، ما دفع كثيرًا من العائلات إلى البحث عن حلول مبتكرة للتوفير، مثل شراء الخضروات والفواكه بالتقسيط، أو الاعتماد على المواصلات العامة بدلًا من السيارات الخاصة.

توقعات النمو والإنفاق الاستهلاكي

بحسب تقرير معهد «ماستركارد» للاقتصاد السنوي «التوقعات الاقتصادية 2025»، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر بنسبة 4٪، مقابل 3.2٪ عالميًا، وبزيادة طفيفة عن 3.1٪ في 2024. كما رجّح التقرير ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 1.8٪، مع انخفاض معدل تضخم أسعار المستهلك إلى 19.3٪. ورغم ذلك، يتوقع أن يتجه المستهلكون إلى شراء بدائل أقل تكلفة للسلع غير الأساسية، فيما تبقى المشتريات الأساسية مستقرة نسبيًا.

وفي السياق ذاته، توقعت شركة «BMI» للأبحاث التابعة لـ«فيتش»، أن يرتفع الإنفاق الأسري الحقيقي في مصر بنسبة 3.1٪ على أساس سنوي خلال 2025، ليصل إلى 2.1 تريليون جنيه، مقارنة بـ7.5٪ في 2024. وعزت الشركة هذا التباطؤ إلى تراجع أثر الزيادات الكبيرة في الدعم وشبكات الأمان الاجتماعي التي وصلت لنحو 50٪ في الميزانية الحالية.

تفاصيل القطاعات الرئيسة للإنفاق

قسّمت «BMI» توقعاتها لقطاعات الإنفاق كالتالي:

  • الأغذية والمشروبات: نمو متوقع 22.3٪ في 2025 ليبلغ 5.2 تريليون جنيه، مقابل 8.2٪ في 2022، مدفوعًا بارتفاع الأسعار رغم تباطؤ تضخم الغذاء لستة أشهر متتالية.
  • الملابس والأحذية: نمو بنسبة 20.1٪ في 2025 إلى 819.6 مليار جنيه، منخفضًا عن 34.9٪ في 2024، بفعل ضعف المكاسب الحقيقية في الدخل وارتفاع تكاليف الاستيراد، ما يدفع المستهلكين أكثر نحو المنتجات المحلية.

الضغوط التضخمية وتغير أنماط الإنفاق

أوضح خبراء أن الضغوط التضخمية دفعت المستهلكين إلى تقليص إنفاقهم على السلع غير الأساسية أو البحث عن بدائل أرخص. ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 16.5٪ في مايو 2025، مقارنة بـ13.5٪ في أبريل، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار الأغذية. فقد زادت أسعار الفاكهة بنسبة 13.4٪، والخضروات 2.1٪، والأسماك والمأكولات البحرية 2.4٪، بينما سجلت اللحوم والدواجن زيادة بـ1.2٪. كما ارتفعت أسعار الملابس الجاهزة والأحذية والأقمشة بنسب تراوحت بين 1.2٪ و2.9٪، فضلًا عن زيادات ملحوظة في تكاليف السكن والطاقة والنقل.

إشارات تباطؤ التضخم

رغم ذلك، أظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء أن التضخم تراجع في يوليو 2025 إلى 13.9٪ بعد أن كان 14.9٪ في يونيو، وهو ما اعتبره البعض مؤشرًا على بداية استقرار نسبي. وأوضح الجهاز أن التراجع جاء بدعم من انخفاض أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 4.9٪، والفواكه 11٪، والخضروات 7٪، رغم استمرار ارتفاع أسعار منتجات أخرى مثل الألبان والخبز والمشروبات.

هكذا، يظل المشهد الاقتصادي المصري محكومًا بمعادلة دقيقة بين مؤشرات النمو من جهة، وضغوط التضخم والقدرة الشرائية من جهة أخرى. وبينما تواصل الأسر المصرية التكيّف برفع شعار «الاستغناء بدل الإنفاق»، يضع المحللون هذه الظاهرة أمام صناع القرار كجرس إنذار، يفرض إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية لضمان تخفيف الأعباء وتحقيق توازن حقيقي في الأسواق.

الاستغناء بدل الإنفاق

ومن جانبه، قال المحلل الاقتصادي، إسلام أمين إن الأسر المصرية باتت تعيش واقعًا اقتصاديًا ضاغطًا، دفَعها إلى رفع شعار الاستغناء بدل الإنفاق فى مواجهة موجات الغلاء وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية. 

وأوضح أن هذا التحول لم يعد مجرد سلوك فردى بل أصبح ظاهرة اجتماعية شاملة، غيّرت من عادات الاستهلاك، حيث تخلّت الأسر عن الكماليات واكتفت بالضروريات فقط.

وأضاف الأمين في تصريحا ت لـ “صدى البلد”، أن هذا السلوك تجلى بوضوح على موائد المصريين التى أصبحت تعتمد بشكل متكرر على أطباق الفول والطعمية والكشرى بدلاً من اللحوم والدواجن باهظة الثمن، لافتًا إلى أن كثيرًا من العائلات لجأت إلى حلول مبتكرة للتوفير من بينها الاعتماد على المواصلات العامة بدلًا من السيارات الخاصة.

وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن الاستغناء تحوّل إلى أسلوب حياة، ليس فقط فى الغذاء بل فى الملبس والدواء وحتى المناسبات الاجتماعية، ما يعكس مرونة المصريين وقدرتهم على التكيّف مع الأزمات الاقتصادية، غير أن استمرار هذه الظاهرة يفرض على الدولة والقطاع الخاص إعادة النظر فى السياسات الاقتصادية لتخفيف الضغوط على المواطنين وضمان بقاء الأسواق فى حالة توازن.