قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كييف تخنق الخرطوم .. قمح أوكرانيا يتحول لسلاح في معركة النفوذ

القمح
القمح

بينما يشهد الصراع الإقليمي والدولي تعقيدات عدة، تصاعدت حدة الجدل في السودان عقب قرار أوكرانيا المفاجئ بوقف تصدير القمح إلى الخرطوم، في خطوة اعتبرها مراقبون “تسييسًا” لقوت الشعب السوداني.


 

القرار الذي جاء في ظل أزمة اقتصادية خانقة وصراع عسكري داخلي متصاعد، فتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول أهداف كييف ودورها المتنامي في الصراع الدائر بالبلاد.
 

وبين ذلك المشهد يجد السودان نفسه أمام أزمة غذائية تهدد ملايين المواطنين، وسط تحذيرات من تداعيات كارثية تمتد آثارها إلى دول أفريقية تعتمدعلى القمح الأوكراني.
 

وعلق المتخصص والباحث في الشئون الدولية، أحمد إبراهيم، بأن قمح دولة أوكرانيا احتل خلال الأيام القليلة الماضية المساحة الأكبر من التغطية الصحفية في الوسط الإعلامي السوداني، متابعا أن وسائل الإعلام السودانية ضجت في الآونة الأخيرة بالقرار الأوكراني حول إيقاف تصدير القمح للسودان.
 

تحليلات حول خلفيات القرار

وتابع إبراهيم، أنه من بين التحليلات لخلفيات وانعكاسات القرار الأوكراني على لقمة عيش المواطن السوداني، شكلت الأسباب السياسية والضغوط الغربية على الحكومة السودانية المحور الأساسي لهذا القرار حسب ما ذكرت وسائل الإعلام، مضيفا أنه وفقاً للتقارير، فإن أوكرانيا رسمياً أصبحت تعتبر طرف أساسي متورط بالصراع الدائر في السودان لصالح الدعم السريع، عبر دعمها بالمقاتلين والخبراء والمسيّرات بإشراف وتنسيق غربي،قائلا: “في الآونة الأخيرة تمت إضافة القمح الأوكراني كأحد أنواع الأسلحة التي تستخدمها كييف في المعركة”.

 قرار مفاجئ يهدد الأمن الغذائي

 وأوضح إبراهيم، أن الحكومة الأوكرانية قررت في خطوة مفاجئة، إيقاف صادرات القمح إلى السودان اعتباراً من أغسطس 2025، وهو قرار يُعتبرتهديدًا مباشرًا للأمن الغذائي في بلد يواجه تحديات إنسانية ومعيشية خطيرة، وأن هذا القرار تزامن مع اتهامات رسمية لكييف بدعم قوات “الدعم السريع” عسكريًا، إذ يأتي كل ذلك، وسط اتهامات سودانية وأفريقية رسمية لكييف بالتورط في الحرب السودانية إلى جانب قوات الدعم السريع، عبر دعم عسكري ولوجيستي يشمل مقاتلين وخبراء وطائرات مسيّرة، تحت إشراف وتنسيق جهات غربية.

اعتماد كبير على القمح الأوكراني

 وأكد إبراهيم، أن السودان يعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية، خاصة القمح، لتلبية احتياجات شعبه، حيث تعد أوكرانيا أحد الموردين الرئيسيين لهذه السلعة الاستراتيجية، إذ تستورد كميات كبيرة من القمح الأوكراني لدعم مخزونها الغذائي، وأنه مع تدهور الأوضاع الاقتصاديةوتفاقم الصراع الداخلي، أصبحت أي تقلبات في توريد القمح تهديداً مباشراً للأمن الغذائي السوداني، وهو السلاح الذي قررت كييف استخدامه لتحقيق أجنداتها.
 

أزمة إنتاج محلي متفاقمة


 وتابع إبراهيم أن القمح يمثل العمود الفقري للمواطن السوداني، وأن السودان لديه مشكلة أساساً في القمح، والدولة غير قادرة على اتخاذ قرار فيه،لأن هناك ضغط من شركات الدقيق التابعة لدول غربية على الحكومة، موضحا أن إنتاج القمح في السودان انخفض بمعدل مخيف، حيث تقلص بنسبة 20% في 2023، وبنسبة 46% مقارنة بمتوسط السنوات الـ5 الماضية، وفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو).

نفوذ أوكرانيا في القارة الأفريقية

وأوضح إبراهيم أن أوكرانيا حاولت تعزيز نفوذها في أفريقيا، مستغلة ورقة القمح وحاجة العديد من الدول له وللمساعدات الغذائية، حيث استغلت كييف الحرب التي تعصف بالبلاد منذ عام 2023 وتبرعت بالقمح للسودان عبر برنامج الأغذية العالمي، وذلك لتعزيز صورتها كداعم إنساني،وبالوقت نفسه لتمرير الدعم اللوجستي والعسكري لقوات “الدعم السريع” المتمردة، حيث اتضح لاحقاً أن هذه التبرعات جاءت للتوغل في السودان وإضعاف الجيش والحكومة السودانية.


 

اعتراف رسمي بالمشاركة في الصراع


 وأكمل إبراهيم، أنه ما يثبت ذلك اعتراف الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، في فبراير 2024، بأن “بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد بالسودان، إلى جانب قوات “الدعم السريع”، موضحا أن معظم المشاركين الأوكران هم من المتخصصين التقنيين.


 أضرار هجمات الطائرات المسيّرة

واستطرد إبراهيم: “هجمات الطائرات المسيرة التي تشنها القوات الأوكرانية المتخصصة هي التي تلحق الضرر الأكبر والرئيسي بقوات الجيش السوداني، وأنه مع تصاعد النزاع بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، وأمام تقدم الجيش في الأشهر القليلة الماضية، وخسائر “الدعمالسريع” لكثير من المناطق الاستراتيجية والهامة مثل الفاشر والخرطوم ومحيطها، إضافة لفشل الغرب بتحقيق أهدافه، سياسياً عبر ممثليه في السودان وعسكرياً عبر المرتزقة، بدأت كييف بالسعي لتجويع الشعب السوداني عبر قرار إيقاف توريد القمح، لتأجيج الشارع السوداني ضدالحكومة والجيش، وبالتالي إخضاع الحكومة السودانية بالقوة لمطالب بعض الدول الغربية.


 

ضغوط سياسية موجهة ضد الجيش

وأكد أنه بالنظر إلى حقيقة دعم كييف غير المعلن لـ”الدعم السريع” فإن أوكرانيا تستخدم هذه الخطوة لممارسة ضغوطات سياسية على الجيش،ولدفع السودان إلى تبني مواقف معينة، أو للحد من تعاون الخرطوم مع أطراف تعتبرها كييف معادية، مثل روسيا وإيران وغيرها من الدول، وأنه وفقاً لخبراء سودانيين، فإن أوكرانيا وبعد سعيها لتحسين علاقاتها مع دول القارة السمراء من خلال ملف القمح، بدأت من السودان باستخدامه كأداة للضغط السياسي على دول القارة، وهو أمر “خطير” وتلاعب بخبز سكان القارة، ومن المحتمل أن يدمّر علاقات كييف مع معظم الدول الأفريقية،  وأن  السياسة الأوكرانية تشكل تهديدا للأمن الغذائي ليس فقط للسودان وانما للمنطقة برمتها، بسبب اعتماد عدد كبير من الدول الأفريقية بشكل أساسي على القمح الأوكراني.


 

تحذيرات من خطورة الوضع


 وأشار إلى أنه من الضروري أن تتنبه الحكومة السودانية وحكومات دول المنطقة لهذه المخاطر وتتعامل مع القضية بطريقة مسؤولة أكثر وتحاول إعادة ضبط علاقاتها مع كييف ومن ورائها، موضحا أنه وفقاً لتقارير اقتصادية فإن أوكرانيا تزوّد عدد كبير من الدول الأفريقية بالقمح، وبالتالي فإن القمح الأوكراني مصدر أساسي لخبز شعوب القارة السمراء، وأنه تم فتح تحقيق حول تورط مجموعة من الأشخاص وعناصر الأمن في الاستخدام غير القانوني لأراضي زراعية ملوثة إشعاعياً منذ كارثة تشيرنوبيل بزراعة القمح والحبوب الأخرى، وأنه بحسب التقرير فإن الأراضي الملوثةبالإشعاع، والتي تبلغ مساحتها 3000 هكتار، تمت زراعتها بالقمح والحبوب منذ عام 2021 وبيعت لاحقًا لعدة دول.

فضيحة القمح الملوث إشعاعياً

ولفت إلى أنه وفقاً لمصادر محلية أوكرانية على اطلاع بالقضية، فإن قضية الحبوب الملوثة اشعاعياً، تمت بإشراف شبكة كبيرة من المسؤولين الفاسدين في النظام الأوكراني الحالي بالتواطؤ مع جهات خارجية، وتصدير القمح الملوث يعتبر بمثابة جريمة حرب دولية، إذ يجب معاقبة كل المتورطين فيها كدول وأشخاص، وأنه من المحتمل أن يكون السودان أحد الدول الأفريقية التي حصلت على دفعات من القمح الأوكراني الملوث.