في ظل التصعيد المتواصل في الأراضي الفلسطينية وما تشهده غزة من عدوان غير مسبوق، تتزايد محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتكريس واقع جديد يقوم على تهجير الفلسطينيين قسرا من أرضهم التاريخية، في تحد صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية.
ومع تكرار التصريحات الإسرائيلية الداعية إلى التهجير، بما في ذلك عبر معبر رفح، كان لا بد من موقف حاسم يضع النقاط على الحروف.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن الحديث الوقح الذي يصدر عن الاحتلال الإسرائيلي بشأن تهجير الفلسطينيين ليس بالأمر الجديد، بل هو امتداد لسياسته الاستعمارية المتجذرة.
وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن منذ السابع من أكتوبر، لم تتوقف التصريحات الإسرائيلية المتكررة عن "ضرورة" ترحيل الفلسطينيين، وقد صدرت هذه التصريحات بشكل واضح وصريح على ألسنة عدة وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، دون أي اعتبار للقوانين الدولية أو الحقوق الإنسانية.
وأشار الرقب: "لكننا، نحن الفلسطينيين، نرد على هذه التصريحات بكل وعي وصلابة، ونؤكد لنتنياهو ولحكومته أن الفلسطيني إذا خرج، فلن يكون إلى المنافي ولا إلى الشتات، بل إلى أرضه الأصلية التي أجبر على مغادرتها بفعل الاحتلال والنكبة".
وتابع: "تصر إسرائيل على تهجيرنا مجددا نحو المجهول، وتشريدنا في أرجاء الأرض، فهذا ما لن نقبله أبدا، ولن نرضخ له تحت أي ظرف، والعودة ليس شعارًا، بل هو التزام تاريخي وإنساني، لا يمكن التنازل عنه مهما حاول الاحتلال فرضه بقوة السلاح أو التهديد".
وأردف: "ما نراه اليوم من صمت دولي وتهاون في التعاطي مع ملف الاحتلال الإسرائيلي، وتجاهل للفظائع التي ترتكب بحق الفلسطينيين، هو أمر لم يعد مقبول. فهذه الوقاحة الإسرائيلية التي تتجلى في خطابها السياسي والميداني، تتطلب وقفة دولية حازمة ومسؤولة".
واختتم: "نحن نعلم تماما أن القوة القادرة على التأثير الفعلي على الاحتلال الإسرائيلي هي الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها للأسف، لا تمارس أي ضغط جاد عليه، ولا تبذل أي جهد حقيقي لوقف الحرب أو لجم التوحّش الإسرائيلي المستمر بحق المدنيين".
وأعربت جمهورية مصر العربية عن بالغ استهجانها ورفضها القاطع للتصريحات التي نسبت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والتي تحدث فيها عن تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، بما في ذلك عبر معبر رفح.
واعتبرت مصر أن هذه التصريحات تمثل حلقة جديدة في سلسلة محاولات الاحتلال الرامية إلى إطالة أمد التصعيد في المنطقة، وتكريس حالة عدم الاستقرار، هربا من مواجهة العواقب الداخلية والدولية لانتهاكاته في قطاع غزة.
وفي بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أكدت القاهرة إدانتها المطلقة ورفضها لأي مخطط يستهدف تهجير الشعب الفلسطيني تحت أي ذريعة، سواء كان ذلك قهريا أو طوعيا.
واعتبرت أن ما تقوم به إسرائيل من استهداف متواصل للمدنيين والبنية التحتية ومختلف جوانب الحياة ما هو إلا وسيلة مفضوحة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم.
وأضاف البيان أن هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية تُعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، بل وتصنف ضمن جرائم التطهير العرقي.
وطالبت مصر في هذا السياق المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الفاعلة، بـتفعيل آليات المحاسبة لمثل هذه الجرائم، التي باتت تتحول إلى أدوات للدعاية السياسية داخل إسرائيل، في ظل غياب العدالة الدولية وصمت المجتمع الدولي، وأكدت أن هذا الموقف يمثل خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو تغييره، مهما كانت الضغوط أو الظروف.
وفي هذا الإطار، دعت مصر إلى ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والبدء في خطوات عملية نحو انسحاب إسرائيل الكامل من القطاع.
كما شددت على أهمية تقديم الدعم الدولي لتمكين السلطة الفلسطينية الشرعية من استعادة دورها في غزة، بما يشمل إدارة المعابر، وخاصة معبر رفح من الجانب الفلسطيني، وفقا لاتفاقية الحركة والتنقل الموقعة عام 2005.
دعوة لتحرك دولي عاجل وموقف موحد وفي ختام بيانها، حملت مصر المجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مسؤولية حماية الشعب الفلسطيني، وضمان بقائه على أرضه في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
كما طالبت بممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، ووقف محاولاتها القسرية لدفع الفلسطينيين إلى القبول بمصير لا يليق بكرامتهم ولا بحقهم في وطنهم.
والجدير بالذكر، أن جاء الموقف المصري، الذي عبّرت عنه وزارة الخارجية، ليؤكد أن مصر لن تكون طرفًا في تصفية القضية الفلسطينية، ولن تسمح باستخدام أراضيها أو معابرها في أي مخطط يستهدف اقتلاع الفلسطينيين من وطنهم.
وفي هذا السياق، استنكرت مصر بشدة التصريحات المنسوبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبرة إياها محاولة مرفوضة لإدامة الصراع وزعزعة استقرار المنطقة.