قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ريهام العادلي تكتب.. الرئيس السيسي قائد الأمة ورسائل الحسم في قمة الدوحة

ريهام العادلي
ريهام العادلي

في كل مرحلة يمر بها عالمنا العربي، يظهر قادة يكتبون التاريخ بمواقفهم لا بخطبهم.، وفي القمة العربية-الإسلامية الطارئة بالدوحة، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي هو الصوت الأعلى دفاعًا عن الكرامة العربية، والدرع الحامي لسيادة الأمة في مواجهة اعتداءات إسرائيلية تجاوزت كل حدود المنطق والقانون

لم تكن القمة العربية–الإسلامية الطارئة التي استضافتها الدوحة مجرد لقاء سياسي روتيني يُضاف إلى سلسلة مؤتمرات لم تغيّر من واقع الأمة كثيرًا، بل كانت محطة فارقة تكشف المواقف وتفرز القادة عن غيرهم.
في لحظة تاريخية مضطربة، حيث تتزايد الاعتداءات الإسرائيلية وتتصاعد التوترات في المنطقة، برزت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتشكل حدثًا في حد ذاتها، إذ حملت رسائل واضحة لا تعرف المواربة، ورسّخت صورة القائد الذي يتحدث باسم شعبه وأمته في آن واحد.

مصر لم تغب يومًا عن ساحة الدفاع عن القضايا العربية. فمنذ ثورة يوليو 1952 وهي تمثل حجر الزاوية في صياغة الموقف العربي من القضية الفلسطينية. واليوم، مع تولي الرئيس السيسي قيادة البلاد، تعود القاهرة لتؤكد أنها لم ولن تتراجع عن مبادئها الثابتة. ما قاله الرئيس السيسي في الدوحة لم يكن خروجًا عن هذا السياق التاريخي، بل كان استكمالًا لدور ممتد، ولكنه أتى أكثر وضوحًا وحزمًا، في وقت يتطلب فيه العرب قيادة رشيدة تعيد الاعتبار لقضيتهم المركزية.

الميزة الجوهرية في خطاب الرئيس السيسي تكمن في قدرته على الجمع بين الواقعية السياسية والموقف المبدئي ، فهو لم يتحدث بلغة انفعالية عاطفية قد تُفرح الجماهير لحظة وتخبو بعدها، بل تحدث بلغة المسؤول الذي يعرف أبعاد المشهد الدولي وتشابكاته ، ومع ذلك، لم يفرّط في الثوابت، بل أكد أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي وفرض سياسة الأمر الواقع لن يقود إلى سلام ولا استقرار ، هنا تبرز قوة الخطاب: وضوح الرؤية، ودقة التحليل، وصلابة الموقف.

في ظل ما تشهده المنطقة من أزمات اقتصادية وصراعات داخلية، خُيّل للبعض أن القضية الفلسطينية فقدت بريقها وتراجعت أولويتها على الأجندة العربية ، لكن كلمة الرئيس السيسي جاءت لتكذّب هذه التصورات، إذ أكد أن القضية لا تزال هي جوهر الصراع، وأن أي محاولة لتجاوزها أو الالتفاف عليها محكوم عليها بالفشل أعاد الرئيس  وضع فلسطين في قلب النقاش، وأكد أن العرب لن يقبلوا بتصفية قضيتهم المركزية تحت أي مسمى.

لم يكن خطاب الرئيس السيسي موجهًا فقط إلى الزعماء العرب الحاضرين، بل كان رسالة مباشرة إلى إسرائيل والقوى الكبرى ، الرسالة الأولى إلى إسرائيل: أن مصر والعرب لن يقبلوا استمرار العدوان أو التوسع، وأن أمن المنطقة خط أحمر. والرسالة الثانية إلى العالم: أن ازدواجية المعايير لم تعد مقبولة، وأن تجاهل الحقوق الفلسطينية سيظل مصدرًا للفوضى والاضطراب، ليس في الشرق الأوسط وحده، بل في النظام الدولي كله.

كلمة الرئيس السيسي لم تكن مجرد نص سياسي، بل كانت انعكاسًا لوجدان الأمة العربية والإسلامية. فهو تحدث بلسان كل مواطن عربي يشعر بالغضب من الانتهاكات الإسرائيلية، وباسم كل أم فقدت ابنًا أو عائلة شُرّدت من بيتها. هذه اللغة الإنسانية الصادقة جعلت خطابه يتجاوز حدود القاعة ليصل إلى الشارع العربي، وليعيد للمواطن العادي شيئًا من الثقة في أن هناك قادة ما زالوا يحملون همومه على أكتافهم.

اختيار الدوحة لاستضافة القمة أضفى على المشهد بعدًا خاصًا، إذ تحولت العاصمة القطرية إلى منصة لإعادة صياغة الموقف العربي ، وفي هذا السياق، كان خطاب السيسي حجر الأساس الذي بنى عليه المؤتمر توجهاته ، لقد دعا إلى خطوات عملية، إلى تفعيل القرارات الدولية، إلى توحيد الصف العربي، وإلى مواجهة السياسات الإسرائيلية لا بالاكتفاء بالبيانات، بل بالفعل الملموس. بهذا، تحولت القمة من مناسبة بروتوكولية إلى حدث سياسي يمكن أن يؤسس لمرحلة جديدة.

لم تكن كلمة الرئيس السيسي مجرد أداء لواجب دبلوماسي، بل أرى فيها لحظة قيادة حقيقية ،  اختار أن يرفع الصوت عاليًا، وأن يضع إسرائيل أمام مسؤوليتها، وأن يطالب المجتمع الدولي بتحمل تبعات مواقفه المتخاذلة. وهذا ما يميز القائد: القائد يصنع الموقف 
إن ما أعلنه الرئيس السيسي في الدوحة يعكس إدراكًا عميقًا لدور مصر ومسؤوليتها التاريخية فمصر  ليست مجرد دولة كبقية الدول، بل هي مركز ثقل حضاري وسياسي. ودورها في الملف الفلسطيني ليس خيارًا تطوعيًا، بل واجب يفرضه موقعها الجغرافي وتاريخها العريق ، لقد كان الرئيس السيسي في خطابه يُعبّر عن هذا الإدراك، وعن استعداد مصر لتحمل عبء القيادة في وقت قد تراجعت فيه أصوات أخرى.

لا شك أن كلمات السيسي ستترك أثرًا يتجاوز القاعة التي أُلقيت فيها ، فالقمة قد تشكل بداية لمرحلة عربية أكثر جدية إذا ما استجابت بقية الدول لنداء مصر المستقبل لن يُكتب بالبيانات فقط، بل بالأفعال، لكن ما قدّمه السيسي هو الشرارة التي يمكن أن تشعل وعيًا عربيًا جديدًا، يرفض الاستسلام للواقع المفروض ويسعى لبناء موقف موحّد.

لقد أثبتت قمة الدوحة أن المواقف تصنع التاريخ أكثر مما تصنعه التحالفات والاتفاقيات ، وكان موقف الرئيس عبد الفتاح السيسي درسًا في القيادة والصلابة والصدق. لقد أعاد القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام، ووضع إسرائيل أمام حقيقة أن العرب ما زالوا قادرين على رفع صوتهم، وذكّر العالم بأن تجاهل العدالة لن يجلب إلا المزيد من الأزمات.

أن الرئيس السيسي لم يكن في تلك اللحظة مجرد رئيس لدولة كبرى، بل كان ضمير أمة بأسرها لقد قال ما عجز كثيرون عن قوله، وأثبت أن العروبة لا تزال حية في قلوب قادتها الكبار ومن هنا، فإن خطابه في الدوحة لن يُسجل في محاضر القمة فقط، بل سيظل علامة فارقة في تاريخ المواقف العربية، ودليلًا على أن مصر ما زالت — وستظل — حامية للكرامة والحق والسيادة .