قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

منال الشرقاوي تكتب: كليوباترا الرقمية تتصدر مهرجان الإسكندرية السينمائي

منال الشرقاوي
منال الشرقاوي

هذه الحكاية تبدأ من البحر...
حين تهدأ عربات الترام الأزرق ويخف ضجيج الكورنيش، تفتح الإسكندرية ستارها وتكشف بوستر الدورة الحادية والأربعين لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط (٢–٦ أكتوبر ٢٠٢٥) تحت شعار «السينما في عصر الذكاء الاصطناعي». هنا الماضي لا يُدفن؛ هنا يُدرب الحاضر على النجاح.

ولكن، بين الذهب الفرعوني وبريق البكسل، لم تكن كليوباترا الرقمية مجرد بوستر يعلن انطلاق المهرجان، وإنما إجابة بصرية على سؤال يتردد في أروقة الصناعة، أين يلتقي إبداع الإنسان مع ذكاء الآلة؟ لقد أثارت هذه التحفة التقنية أمواجًا من الحوار بين من رأوا فيها مغامرة جريئة تليق بعروس المتوسط، ومن تساءلوا عن حدود اللمسة البشرية في عصر الذكاء الاصطناعي. وهو حوار ضروري تستمتع به الإسكندرية، المدينة التي تعرف أن البحر لا يهدأ أبدًا، وأن الفن الحقيقي لا يخشى التيارات الجديدة.

المهرجان، برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة، يحاكي هذه المدينة حين تقرر الاحتفال بنفسها، افتتاح في مكتبة الإسكندرية، عروض في دور السينما داخل المدينة، وختام بين أشجار حديقة أنطونيادس.

تحت رعاية وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هنو ومحافظ الإسكندرية الفريق أحمد خالد حسن. وفي الخلفية جملة تشبه أخلاق البحر: إعفاء صناع السينما من ذوي القدرات الخاصة من رسوم التسجيل والمشاركة - لأن الأبواب هنا تفتح للجميع- على مصاريعها.

الإسكندرية لا تحب التقطيع؛ حين تقرر الحكي تجمع الخيوط في عقدة واحدة. ثماني مسابقات كاملة، سبع منها للأفلام وواحدة للسيناريو، تفتح شاشاتها لـ١٣١ فيلمًا قادمًا من ٤٦ دولة، فيأتي البحر بنفسه ليسلم الدعوات على العتبات. وفي قلب هذه العقدة تلمع «أفلام شباب مصر»؛ يفتح قسم المحترفين الباب لأصوات جديدة لتقول بثقة: «نحن هنا»، بينما يدفع قسم الطلاب بـ٣٧ فيلمًا من معاهد وكليات السينما -أحلام تصحو باكرًا وتحضر المحاضرة ثم تركض إلى شاشة كبيرة لتجرب ضوءها الأول. 

وتكتمل الخريطة بمسابقتي «الفيلم المتوسطي»؛ الطويل بعشرة أفلام، والقصير باثنين وعشرين فيلمًا، ليجتمع ٣٢ عملًا من دول المتوسط في قاعات الإسكندرية خلال أيام المهرجان. وعلى مقربة من كل هذا اللمعان تقف «مسابقة ممدوح الليثي» للسيناريو ذلك الدكان السحري الذي يبيع التذاكر الأولى لرحلة طويلة؛ من الورق إلى الشاشات، ومن جملة مكتوبة إلى حكاية تمشي في الشوارع.
على الهامش الذي ليس هامشيًا، ورشة تمثيل خاصة تقدمها الفرنسية ماريان بورجو؛ حيث تركز عمليًا على بناء الشخصية وتقنيات الأداء. أما قاعة المركز الصحفي، فصار لها اسم يحرس الذاكرة: «فاروق عبد الخالق». كاتب ومنتج وناقد جمع الحِرف كما يجمع طفل أصداف الشاطئ.

الإسكندرية بارعة في رد الجميل؛ تُضيء المسرح وتقول: الفنانة ليلى علوي نجم الدورة ٤١، عنوان الأناقة على شاشة المهرجان. ويأتي تكريم النجم رياض الخولي تأكيدًا لمسيرة ممتدة بين المسرح والسينما والتلفزيون منذ العام ١٩٧٦. وتمنح الراحلة فيروز تكريم الاسم تقديرًا لإرث مبكر أثر طويلًا في ذاكرة المشاهد العربي.

وتحتفي بالفنانة فردوس عبد الحميد تقديرًا لمسار ثابت وقدرة عالية على بناء الشخصية بصدق طوال سنوات. كما تكرم الفنانة شيرين لما راكمته من أدوار محببة وحضور واضح وتأثير متواصل لدى الجمهور المصري. ثم يأتي تكريم الفنان أحمد رزق لعطاءه المتنوع الذي يجمع اللمسة الكوميدية والقدرة الدرامية ضمن رصيد فني متجدد.

من ضفة المتوسط الأخرى، الإسبانية مرسيدس أورتيجا (مخرجة وكاتبة)، والمغربي حكيم بلعباس (مخرج وكاتب)، والفرنسي جان بيير آماريس (مخرج وسيناريست). تكريمات تقول إن البحر ليس حاجزًا وإنما بريدًا سريعًا للأحلام.

أيام قليلة وتنطلق الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط. الشاشات هنا نوافذ تطل على المتوسط، والبوستر بكليوباتراه الرقمية يعكس الإسكندرية تمسك بيد تاريخها وتصافح مستقبلها. ستخرج من العرض فتجد المدينة -بطلة الحكاية- تهمس لك: 
«هذا مهرجاني… وهذه قصتي.. كنت وسأظل عروس البحر المتوسط».