كشف الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك عن مواقف تبين حب الكائنات لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال: من شواهد محبة الكائنات لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استجابة الكائنات له، وتأييدها له بأمر ربها سبحانه وتعالى، ومن هذا ما حدث من انشقاق القمر لإشارته المباركة ﷺ عندما طلبت قريش منه ذلك. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: « أن أهل مكة سألوا رسول الله ﷺ أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر » ، وفي حديث ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال لأصحابه: «اشهدوا، اشهدوا» .
وقد ذكر القرآن الكريم معجزة انشقاق القمر لإشارته المباركة صلى الله عليه وآله وسلم فقال عز وجل: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الأَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ﴾.
وتابع: ولم تكن استجابة القمر هي الشهادة الوحيدة على محبة الكائنات واستجابتها لسيدنا رسول الله ﷺ، بل استجاب السحاب له ﷺ وتجمع من كل مكان محبةً وطاعةً له بأمر ربه سبحانه وتعالى، ثم تساقط مطرًا فسقى الناس. وهذا ما رواه أنس رضي الله عنه قال: « أصاب الناس سنة على عهد رسول الله ﷺ، فبينما رسول الله ﷺ يخطب على المنبر يوم الجمعة، قام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع لنا أن يسقينا. قال: فرفع رسول الله ﷺ يديه، وما في السماء قزعة - قطعة من سحاب-، قال: فثار سحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته، قال: فمطرنا يومنا ذلك، وفي الغد، ومن بعد الغد، والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي، أو رجل غيره فقال : يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا. فرفع رسول الله ﷺ يديه وقال : « اللهم حوالينا لا علينا». قال: فلما جعل يشير بيده إلى ناحية من السماء إلى تفرجت، حتى صارت المدينة مثل الجوبة -أن السحاب انكشط عن المدينة وبقي على ما حولها-، حتى سال الوادي وادي قناة شهرًا، قال: فلم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود -المطر الغزير-». فها هو السحاب يستجيب إشارته الشريفة ويتفرج لها كما كان حال القمر كذلك.
واضاف: وقد استجاب التراب كذلك لرغبته وقصده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم، عندما حمل النبي ﷺ كفًا من التراب أو من الحصباء، ورمى بها في وجوه الكفار، فلم يبق منهم واحد إلا دخل التراب في عينيه وفمه، فانهزموا جميعًا. فعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: « غزونا مع رسول الله ﷺ حنينًا، فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلو ثنية، فاستقبلني رجل من العدو، فأرميه بسهم فتوارى عني، فما دريت ما صنع. ونظرت إلى القوم، فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة النبي ﷺ، فولى صحابة النبي ﷺ، وأرجع منهزمًا، وعليَّ بردتان، متزرًا بأحدهما، مرتديًا الأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما جميعًا، ومررت على رسول الله ﷺ منهزمًا ـ أي سلمة بن الأكوع ـ وهو على بغلته الشهباء. فقال رسول الله ﷺ: لقد رأى ابن الأكوع فزعًا. فلما غشوا رسول الله ﷺ نزل عن البغلة، ثم قبض قبضة من تراب، ثم استقبل به وجوههم، فقال: شاهت الوجوه، فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة، فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل، وقسم رسول الله ﷺ غنائمهم بين المسلمين.