ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم من يقوم بتسليف الناس مبلغًا من المال ويسترده بزيادة؛ بدعوى أن ذلك تجارة؟).
الربا المحرم شرعا
قالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن ما يفعله هذا الشخص أمر محرَّم، بل هو من الربا، والربا حرام شرعًا، ولم يقل بِحِلِّهِ عاقلٌ، فضلًا عن أن يكون عالمًا أو فقيهًا، وذلك معلوم من الدين بالضرورة.
واستشهدت بقول الله- تعالى-: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: 276]، وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]، وقوله- صلى الله عليه وآله وسلم-: «لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء» أخرجه مسلم.
وتابعت: وقد حرَّم الله- تعالى- الربا؛ لأسباب متعددة منها: أنه يقضي على روح التعاون بين الناس، ويولِّد فيهم الأحقاد والعداوات، ويؤدِّي إلى وجود طبقة من الجشعين الذين قست قلوبهم في الأمة والذين تكثر الأموال في أيديهم دون جهد منهم، بل إن التعامل بالربا في عصرنا الحديث أدّى إلى استعمار بعض الدول الغنية لبعض الدول الفقيرة.
وأوضحت أن الربا في اصطلاح الفقهاء له، تعريفات كثيرة، منها: أنه زيادة في رأس المال لا يقابلها عِوضٌ مشروعٌ، والربا محرم في جميع الشرائع السماوية ويُعَدُّ في شريعة الإسلام من أكبر الكبائر، والمسلم الذي يتعامل بالربا عن تَعَمُّدٍ وإصرارٍ وعن إنكار لتحريمه؛ يكون مارقًا عن الإسلام.
واستطردت دار الإفتاء: وقد سلكت شريعة الإسلام في تحريمه مسلك التدرج، كما فعلت ذلك في تحريم الخمر؛ لأن كليهما- أي الخمر والربا- كانا منتشرين بين الناس انتشارًا يصعب القضاء عليه مرة واحدة، بعد أن تأصَّل في النفوس، وتوارثته الأجيال جيلًا بعد جيل.
لماذا حرم الله الربا؟
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الربا هو "زيادة على رأس المال ليست في استثمار ولا معاوضة، وتُؤخذ على سبيل الظلم والاستغلال".
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن "هذا هو المفهوم المبسّط للربا، وهو أن تؤخذ زيادة من شخص بسبب استغلال حالته أو ظرفه، لا في مقابل سلعة ولا في إطار استثمار مالي أو تبادل عادل، وإنما مال يُعطى بمال، مع وجود زيادة".
وأكد أن "هذه الزيادة تُؤخذ؛ لأن الإنسان يكون مضطرًا، فيُستغل ظرفه، فتُفرض عليه زيادة، مثل من يحتاج إلى مبلغ طارئ فيُقال له: سأقرضك 10 آلاف وتردّهم 15 ألفًا، فالخمسة آلاف هنا زيادة ناتجة عن استغلال".
وأشار إلى أن "هناك صورة أخرى، كأن يكون على شخص دين قدره 10 آلاف، ويحين موعد السداد، فيقول: (أنا غير قادر الآن)، فيُقال له: (لا مانع من التأجيل شهرين لكن ستردّهم 12 ألفًا)، وهنا أيضًا زيادة ناتجة عن الظلم والاستغلال، وهي حرام ومدرجة تحت مفهوم الربا".
وأكد أن "البيع بالتقسيط، والاستثمارات المالية، وتشغيل الأموال بشكل مشروع؛ لا تدخل ضمن دائرة الربا"، مشيرًا إلى أن الفارق الجوهري يكمن في وجود المعاوضة أو الاستثمار الحقيقي، وليس الاستغلال.