أعربت جمهورية مصر العربية عن تطلعها لتحقيق السلام والتعاون مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية، من أجل بناء الشرق الأوسط ليكون خاليا من النزاعات، يقوم على أسس من العدالة والمساواة في الحقوق، ويرتكز على علاقات حسن الجوار والتعايش السلمي بين شعوب المنطقة كافة، دون استثناء.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جهاد أبو لحية، المحلل السياسي الفلسطيني، إن تعتبر قمة شرم الشيخ للسلام حدث تاريخي استثنائي، بعد حرب إبادة مروعة امتدت لعامين، ارتكبت خلالها إسرائيل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 67 ألف فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير ممنهج للبنية التحتية بشكل شبه كامل في قطاع غزة.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه في ظل هذا الواقع الإنساني والسياسي الكارثي، مثلت القمة منعطفا محوريا ليس فقط لوقف الحرب، بل لإطلاق مسار جاد نحو سلام عادل واستقرار شامل.
وأشار أبو لحية، إلى أن يبرز الدور المصري بوضوح كركيزة أساسية في صنع هذا التحول، فالقاهرة لم تنظر إلى القمة باعتبارها مجرد اجتماع لوقف إطلاق النار، بل بوصفها الخطوة الأولى في مسار سياسي متكامل يقود نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
وأكد أبو لحية، أن هذا الموقف يعكس رؤية مصر الثابتة بأن لا معنى لأي هدنة مؤقتة إن لم تتبعها عملية سياسية حقيقية تنهي جذور الصراع.
وتابع: "وقد عكس الحضور العربي والدولي الرفيع المستوى في القمة حجم الثقة في الدور المصري كضامن للاستقرار وصوت متوازن يسعى إلى عدالة شاملة وسلام دائم".

وجاء ذلك في بيان صحفي صدر عن رئاسة الجمهورية، أمس، عقب اختتام أعمال "قمة شرم الشيخ للسلام"، التي ترأسها كل من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وشهدت القمة مشاركة واسعة من رؤساء دول وحكومات عدد كبير من الدول، من بينها:
الأردن، قطر، الكويت، البحرين، تركيا، إندونيسيا، أذربيجان، فرنسا، قبرص، ألمانيا، المملكة المتحدة، إيطاليا، إسبانيا، اليونان، أرمينيا، المجر، باكستان، كندا، النرويج، العراق، الإمارات، سلطنة عمان، المملكة العربية السعودية، اليابان، هولندا، باراغواي، والهند.
كما شارك في القمة عدد من الشخصيات الدولية البارزة، من بينهم: سكرتير عام الأمم المتحدة، الأمين العام لـ جامعة الدول العربية، رئيس المجلس الأوروبي، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، ورئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق.
وخلال فعاليات القمة، وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على "اتفاقية شرم الشيخ للسلام"، والتي تعد اتفاقية شاملة تهدف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة.
كذلك، شهدت القمة توقيع قادة كل من قطر وتركيا على وثيقة خاصة بالاتفاق الجاري بين إسرائيل وحركة حماس، ما يعكس توافقا دوليا واسعا بشأن ضرورة إنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وفي كلمته خلال القمة، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قائلا: "إن اتفاق غزة يعد وثيقة شاملة للغاية.. نحن بصدد التوقيع على وثيقة كاملة تتعلق بالاتفاق بين إسرائيل وحماس".
وأضاف: "لا تزال مسألة جثامين المختطفين الإسرائيليين عالقة، وتجرى عمليات للعثور على هذه الجثث".
وفي السياق نفسه، أكدت القمة على أهمية استمرار الجهود السياسية والدبلوماسية لتثبيت السلام، ودعم مسار الحلول الشاملة والعادلة للنزاعات، بما يضمن حقوق جميع الأطراف، ويرسخ الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وسبق، وأعلن فجر يوم الخميس 9 سبتمبر 2025 في مدينة شرم الشيخ عن التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة لسلام في قطاع غزة، بفضل الجهود المصرية القطرية الأمريكية، فما هي تلك الخطة والاتفاق شرم الشيخ والمرحلة الأولى تنص على التالي:
• انتهاء الحرب فورا بين قوات الاحتلال الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية بقطاع غزة.
• ستنسحب القوات الإسرائيلية إلى الخط المتفق عليه استعدادا لعملية تبادل الأسرى.
• ستعلق كل العمليات العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي، وستبقى خطوط القتال مجمدة حتى تستوفى شروط الانسحاب المرحلي الكامل.
• سيعاد جميع الرهائن أحياءا وأمواتا.
• ستفرج إسرائيل عن 250 سجينا محكوما بالمؤبد، إضافة إلى 1700 معتقل من غزة بعد 7 أكتوبر 2023، بمن فيهم جميع النساء والأطفال المعتقلين في ذلك السياق.
• عن كل أسير إسرائيلي يعاد جثمانه، ستعيد إسرائيل رفات 15 فلسطينيا.
• ستدخل المساعدات فورا إلى غزة، على أن تكون بكميات لا تقل عن ما ورد في اتفاق 19 يناير 2025 بشأن المساعدات الإنسانية، وتشمل إعادة تأهيل البنية التحتية (مياه، كهرباء، صرف صحي)، والمستشفيات والأفران، ودخول المعدات اللازمة لإزالة الركام وفتح الطرق.
• سيجري إدخال المساعدات وتوزيعها عبر الأمم المتحدة ووكالاتها، والهلال الأحمر، ومؤسسات دولية أخرى محايدة، دون تدخل من الطرفين.
• سيخضع فتح معبر رفح بالاتجاهين للآلية نفسها التي طبقت بموجب اتفاق 19 يناير 2025.
• سيطلق خطة اقتصادية لإعادة بناء غزة عبر لجنة من خبراء ساهموا في بناء مدن حديثة مزدهرة في الشرق الأوسط، مع دراسة كل المقترحات الاستثمارية الجادة التي يمكن أن توفر فرص عمل وأملا لمستقبل غزة.
• ستنشأ منطقة اقتصادية خاصة مع تفضيلات جمركية وإمكانية دخول ميسر بالتفاوض مع الدول المشاركة.
• لن يجبر أحد على مغادرة غزة، ومن يرغب بالمغادرة سيكون حرا في العودة لاحقا، وسيشجع السكان على البقاء والمشاركة في بناء غزة جديدة.
• ستعمل الولايات المتحدة مع شركاء عرب ودوليين لتشكيل "قوة استقرار دولية" تنشر فورا في غزة لتدريب ودعم قوات شرطة فلسطينية مختارة، بالتشاور مع مصر والأردن وستتعاون هذه القوة مع إسرائيل ومصر لتأمين الحدود ومنع دخول السلاح وتسهيل تدفق المساعدات.
• لن تحتل إسرائيل غزة ولن تضمها ومع استقرار سيطرة قوة الاستقرار الدولية، ستنسحب قوات الجيش الإسرائيلي وفق معايير وجدول زمني متفق عليه، مع بقاء وجود أمني محيط حتى ضمان خلو غزة من أي تهديد إرهابي متجدد.
• سينشأ حوار ديني مشترك يقوم على قيم التسامح والتعايش السلمي لتغيير العقليات والسرديات بين الفلسطينيين والإسرائيليين عبر إبراز فوائد السلام.
والجدير بالذكر، أنه تم وصف قمة شرم الشيخ للسلام بأنها حدث تاريخي واستثنائي أعاد توجيه بوصلة السياسة الإقليمية نحو الحل العادل للقضية الفلسطينية، وجاءت في توقيت دقيق كانت فيه المنطقة على شفا حرب إقليمية مدمرة.
وتم وصفها أيضا أنها نجحت في تحويل مسار النقاش الدولي من محاولات تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم إلى توافق عالمي على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومعترف بها دوليا، وهذا التحول يمثل نقطة فارقة في مسار السلام بالشرق الأوسط.