قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان الله عز وجل قال تعالى في كتابه الكريم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: 3–4].
وقال رسول الله ﷺ: «ألا إني أوتيتُ القرآنَ ومثلَه معه» (رواه أحمد).
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال ﷺ: « ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه، وما وجدنا فيه حرامًا حرمناه، وإن ما حرم رسول الله ﷺ كما حرم الله » (رواه الترمذي).
وعن حسان بن عطية قال: «كان جبريلُ ينزل على رسول الله ﷺ بالسُّنَّة كما ينزل عليه بالقرآن» (رواه أبو داود).
فأدرك الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم من التابعين، جلالَ ما يصدر عن النبي ﷺ من أقوالٍ وأفعالٍ وتقريراتٍ وحركاتٍ وسكناتٍ، فقاموا بتسجيلها، لحفظ ذلك الدين الخاتم.
ورسولُ الله ﷺ هو النبيُّ الوحيد، بل الإنسانُ الوحيد في تاريخ البشرية، الذي حُفظت سيرتُه وأقوالُه وأفعالُه ومواقفه في اليقظة والمنام بهذه الدقّة والإحاطة، فلم تُحفَظ سيرةُ أحدٍ على وجه الأرض كما حُفظت سيرتُه ﷺ، إذ اعتنى المسلمون بنقل كل ما يتصل به، حتى دقائق شؤونه، وأنشؤوا العلومَ لخدمة ذلك المقصد الجليل.
وقد بدأ هذا في صدر الإسلام، فكان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يتحرّى الليلةَ التي يأتي فيها النبي ﷺ إلى خالته ميمونة ـ إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ـ فيبيتُ عندها، ليُراقب رسول الله ﷺ في أكله ونومه وعبادته، ويقتدي به في كل شأنه، كما روى مسلمٌ وغيره.
ومن أبرز العلوم التي نشأت في سبيل حفظ سنّته الشريفة "علمُ الحديث ومصطلحُه"، وهو العلم الذي عرّف السنّة بأنها: «هي كل ما صدر عن النبي ﷺ من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرِ، حقيقةً وحكمًا، حتى الحركات والسكنات في يقظته ومنامه، قبل البعثة وبعدها».
فكان حفظُ سيرته وأخباره في كتب السنّة والصحاح والسيرة، دليلًا تاريخيًّا واقعيًّا على خصوصيته وفضله، وبرهانًا ساطعًا على أن الله تعالى تولّى حفظَ دينه بحفظ نبيّه، فلم يُعرف في تاريخ الإنسان توثيقٌ ولا تدوينٌ ولا عنايةٌ بسيرة أحدٍ كما حُفظت سيرةُ محمدٍ ﷺ.