أصبحت الشاشات الإلكترونية بمختلف أنواعها نافذة مفتوحة على عوالم مليئة بالعنف والدماء، يتشربها الأطفال والمراهقون دون وعي بخطورتها.
فحين تقدم مشاهد القتل والعدوان في سياق البطولة والانتصار، يندمج المتلقي الصغير معها نفسيًا، حتى يغدو مرتكب العنف في نظره قدوة يحتذى بها.
وقد حذرت دراسات علمية من أن هذا التكرار المستمر للمشاهد العنيفة يحدث تراكما خطيرا في الذاكرة والسلوك، فينتمي النزعة الوحشية ويفقد الفرد إحساسه بالتعاطف مع الضحية، وهو ما تؤكده نتائج دراسات واقعية تشير إلى ارتفاع معدلات الجريمة والعنف بين المراهقين نتيجة الانغماس المفرط في متابعة محتوى إعلامي مشحون بالعنف.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي، إن مشاهد الدماء والقتل التي تبثها الشاشات الإلكترونية تُسهم بشكل خطير في تشكيل وعي الأطفال وسلوكهم، إذ تجعلهم يتوحدون مع تلك المشاهد، ويعتبرون أن من يمارس العنف هو البطل الحقيقي.
وأضاف هندي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مع تكرار المشاهدة، تتشبع عقولهم بتلك الصور الدموية وتخزن في ذاكرتهم، فتغرس فيهم أنماطا من السلوك الوحشي الذي يتجاوز حدود العدوانية العادية، لتنتج شخصية فاقدة للضمير، غير قادرة على التعاطف مع الضحايا أو إدراك فداحة الأفعال العنيفة.

وأشار هندي، إلى أن قد أشارت إحدى الدراسات الفرنسية إلى نتائج مقلقة، حيث أظهرت أن المراهقين الذين شاهدوا التلفزيون الفرنسي لمدة أسبوع واحد فقط، وكانت برامجه مليئة بأعمال العنف، ارتكبوا خلال تلك الفترة 576 حالة قتل، و15 حالة اغتصاب، و548 اشتباكا بالأيدي، و419 اشتباكا بالأسلحة، بالإضافة إلى 8 حالات انتحار.
واختتم: "تؤكد هذه الدراسة أن لمشاهدة مشاهد العنف تأثيرا تراكميا خطيرا على المدى الطويل، إذ يزداد أثرها السلبي مع مرور السنوات، وهو ما أثبتته أيضا دراسات سابقة تناولت التأثير النفسي والاجتماعي لمحتوى العنف الإعلامي على الأجيال الناشئة".