لاشك أن الخوف هو ما يطرح السؤال عن هل النوم في الظلام يجلب الجن ؟، خاصة مع كثرة الاعتقادات التي تجمع بين الظلام والجن في رواية واحدة، وهو ما يثير مخاوف الكثير من الناس ، ويؤرق مناماتهم بل وقد يتسبب في كثرة الكوابيس في لياليهم ، الأمر الذي ينعكس بدوره على سوء صباحهم المتعب والمليء بالإرهاق والإجهاد، من هنا تبدو أهمية معرفة حقيقة هل النوم في الظلام يجلب الجن حقًا أم أنها مجرد خرافة ومخاوف وهمية؟.
هل النوم في الظلام يجلب الجن
ورد عن مسألة هل النوم في الظلام يجلب الجن ؟، أن الظَّلامَ أجمعُ للقُوى الشَّيطانيَّةِ من غيرِه، وكذلك كلُّ سوادٍ، ويقالُ: إنَّ الشياطينَ تستعينُ بالظُّلْمةِ، وتَكرَهُ النُّورَ، وقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإطفاء المصابيح عند النوم ، ولكن مع ذِكرِ اللهِ عند إطفائِها.
وجاء أن المقصودُ ذِكرُ اسمِ اللهِ تعالى مع كُلِّ فِعلٍ؛ صيانةً عن الشَّيطانِ والوَباءِ والحَشَراتِ والهوامِّ، على ما ورد عند البخاريِّ في الأدَبِ المفرَدِ: «مَن قال صَباحَ كلِّ يومٍ ومَساءَ كلِّ ليلةٍ ثلاثًا ثلاثًا: بِاسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِه شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وهوَ السَّميعُ العَليمُ؛ لَم يَضرُّه شَيءٌ»، فذِكْرُ اللهِ هو الحِصنُ الحَصينُ من الشَّياطينِ، حيث إن الشَّيطانَ إنَّما يَتسلَّطُ على المُفرِّطِ لا على المُتحرِّزِ.
ومن ناحية أخرى، قد نهى الله المؤمنين عن الخوف من الشيطان فقال تعالى: (إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ودونك بعض الموجهات للوقاية من الشيطان، فالجن أضعف من الإنسان، الذي هو في حرز الله و في حفظ الله، والإنسان قد كرمه الله تعالى، وهذا التكريم يعني أنه أفضل من الجن وأقوى من الجن، وأنفع وأفعل من الجن).
و قال تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ)، حيث إن الجن لا سلطان لهم على المؤمنين، ولا يستطيعون أن يضروه.
كيفية التحصن من شرور الجن
- أكثروا من تلاوة القرآن الكريم في البيت، فإن الشياطين تنفر من البيت التي يتلى فيه القرآن وخاصة سورة البقرة، و يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، وإن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
ـ أمرنا الله بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فقال سبحانه: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فإذا استعاذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم انخنس عنه وولى الأدبار.
ـ المحافظة على قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، مع أذكار المساء فإنها تكفيك من كل شيء، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه).
ـ المحافظة على ذكر الخروج من المنزل فإن من ثماره الحفظ من الشيطان الرجيم كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (إذا خرج من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله فيقال له: حسبك قد كفيت وهديت ووقيت فيلقى الشيطان شيطانا آخر فيقول له: كيف لك برجل قد كفي وهدي ووقي).
ـ المحافظة على وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي قوله: (مَن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حِرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك).
ـ مما يطرد الشيطان دعاء دخول المسجد وهو: (أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم).
ـ مما يقي الإنسان الشيطان الرجيم قراءة آية الكرسي قبل النوم، ففي حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري قال: وكلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قلت: ما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ هذه الآية: { الله لا إله إلا هو الحي القيوم }، حتى ختم الآية فإنه لن يزال عليك حافظ من الله تعالى، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما فعل أسيرك الليلة؟ قلت: يا رسول الله علَّمَني شيئاً زعم أن الله تعالى ينفعني به، قال: وما هو؟ قال: أمرني أن أقرأ آية الكرسي إذا أويت إلى فراشي ، زعم أنه لا يقربني حتى أصبح ، ولا يزال عليَّ من الله تعالى حافظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، ذاك الشيطان.
ـ لا تنسي ذكر دعاء دخول الحمام فإنه مما يطرد الشيطان الرجيم.
ـ لا تضعفي أمام الشيطان، بل كوني قوية ومتوكلة على الله، ولا تعط نفسك رسائل سلبية فيتبرمج عقلك على تلك الرسائل، ويجب أن تخرجي كل الرسائل السلبية من ذهنك.-
- تقوي قلبك بذكر الله ، ولزوم طاعته ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) سورة الرعد (28) .
فحصن نفسك بذكر الله ، وخاصة الأذكار الموظفة في الصباح والمساء ، وأذكار النوم ، وعند دخول الخلاء ، ولتقرأ سورة البقرة في بيتك كثيرا ، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة .
أذكار للحفظ من كيد الشياطين
- اعلم يا عبد الله أن كيد الشيطان ضعيف ، وأن أمره أقل من ذلك ، بل إنما رد الله كيده إلى الوسوسة ، ومتى خفت من شيء ، فاستعن عليه بذكر الله ، والالتجاء إليه ، فهو الحصن الحصين : عن عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ) .حديث صحيح ، رواه الترمذي (3388) وقال : حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني.
- وعن خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ تَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ) حديث صحيح ، رواه مسلم (2708) وغيره .
- وسَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَنْبَشٍ : كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ ؟ وقد علم جبريل عليه السلام ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يتعوذ من شر الشياطين ، ومردة الجان بقوله : ( أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ ) . حديث صحيح ، رواه أحمد (15035) وغيره ، وصححه الألباني .
- وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، فَأَصَبْتُ خُلْوَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقَالَ : قُلْ !! فَقُلْتُ مَا أَقُولُ ؟
قَالَ : قُلْ !! قُلْتُ مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، حَتَّى خَتَمَهَا ، ثُمَّ قَالَ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، حَتَّى خَتَمَهَا ، ثُمَّ قَالَ : مَا تَعَوَّذَ النَّاسُ بِأَفْضَلَ مِنْهُمَا ) .حديث صحيح ، رواه النسائي (5429) وغيره ، وصححه الألباني .
- ولتحذر أن يصدك الشيطان عن طاعة الله ، أو صلاة الجماعة ، بتخويفه وترهيبه لك ؛ فإنه لا يريد أن يظفر منك بأفضل من هذا ، أن يصدك عن الصلاة في جماعة ، ثم الله أعلم ما يجرك إليه من الشر ، أو يصدك عنه من الخير بعدها .



