قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تسمم الحمل.. حين يبدأ الخطر بصمت وينتهي بصرخة في غرفة الولادة

الدكتور عمرو حسن
الدكتور عمرو حسن

في بيت مصري بسيط، تستعد أم شابة لاستقبال مولودها الأول، لكنها لا تدري أن ارتفاع ضغط بسيط أو صداعًا متكررًا قد يكون أول إنذار لخطر يهدد حياتها وحياة طفلها.


 وقال الدكتور عمرو حسن أستاذ أمراض النساء والتوليد – كلية طب جامعة القاهرة ، إن تسمم الحمل لا يبدأ بعنف، بل يتسلل في صمت، وفي كثير من الحالات لا يتم اكتشافه إلا بعد فوات الأوان.

الخطر الذي يختبئ داخل المشيمة


 وأوضح حسن ، إن تسمم الحمل ليس مجرد ارتفاع في الضغط أو تورم في القدمين، بل اضطراب عميق في المشيمة ،  جسر الحياة بين الأم والجنين مشيرا الي أنه عندما تتكوّن المشيمة بطريقة غير طبيعية في الأسابيع الأولى من الحمل، تقل كمية الدم التي تصل إلى الجنين، فيبدأ الجسم سلسلة من التفاعلات تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم واضطراب وظائف الكلى والكبد والمخ ، ورغم أن الأعراض قد تبدو بسيطة، فإنها قد تتحول فجأة إلى كارثة، وقد تُفقد أم في لحظة ما كان يمكن إنقاذها بتحليل بسيط في الوقت المناسب.

مشكلة مجتمعية قبل أن تكون طبية

 وأوضح  الدكتور عمرو حسن  ، أن وراء كل حالة تسمم حمل حكاية إنسانية ، أم لم تجد الوقت لتتابع حملها، أو لم تتوافر لها الرعاية الكافية، أو لم تكن تعرف أن تحليل دم بسيط في الأسبوع الثاني عشر من الحمل يمكن أن ينقذ حياتها.

وقال ، في مجتمعنا، كثير من السيدات يبدأن المتابعة متأخرًا، أو بعد ظهور الأعراض ، البعض يعتبر التحاليل “رفاهية”، والبعض لا يدرك أن الوقاية في الطب الحديث تبدأ قبل المرض، لا بعده ، وهنا تأتي أهمية التوعية المجتمعية، لأن الوقاية لا تصنعها الأجهزة فقط، بل تصنعها المعرفة.

حين تدفع الأسرة الثمن

وأشار  أستاذ أمراض النساء والتوليد ، إلي أن  تسمم الحمل لا يهدد الأم وحدها، بل الأسرة كلها ، فعندما تُصاب الأم، يتأثر الجنين بنقص الأوكسجين والغذاء، فيولد قبل موعده أو بوزن منخفض ويدخل الحضانة ، وتبدأ بعدها رحلة طويلة من القلق والتكاليف والمعاناة النفسية، بينما كانت الوقاية ممكنة.

“تحليل في الأسبوع 12 قد يُغني عن سرير في العناية المركزة في الأسبوع 32.”، عبارة تلخص الفارق بين حياة تُنقذ في لحظتها ومأساة تمتد لشهور.

التحليل الذي يمنح فرصة ثانية للحياة


 واكد الدكتور عمرو حسن أن الطب الحديث أتاح لنا نافذة ذهبية بين الأسبوع 11 و13 من الحمل ، في هذه الفترة، يمكن لتحليلين بسيطين  PAPP-A وPlGF  أن يكشفا مبكرًا عن خطر تسمم الحمل وضعف المشيمة ، وإذا اكتُشف الخطر مبكرًا، يمكن للطبيب وصف علاج وقائي بسيط بالأسبرين منخفض الجرعة، يقلل المضاعفات بنسبة تصل إلى 70% ، هذا التحليل لا يحمي الأم فقط، بل يحافظ على بيئة صحية للجنين، فيولد أقوى ويعيش حياة أكثر صحة.

المجتمع شريك في الوقاية


 وقال حسن التوعية ليست مسؤولية الأطباء وحدهم، بل مسؤولية الأسرة والمجتمع أيضًا ، حين تعرف كل أم أن التحليل المبكر حق وليس رفاهية، وحين تشجعها أسرتها على الاستعداد للحمل والمتابعة من أول يوم، سنمنع عشرات القصص المؤلمة قبل أن تبدأ ، لافتا الي أن الوقاية من تسمم الحمل ليست فقط واجبًا طبيًا، بل سلوك حضاري يعكس وعي المجتمع بحق المرأة في حياة آمنة وكريمة.

من أم آمنة إلى مجتمع أقوى


 وأكد  أستاذ أمراض النساء والتوليد  ، إن الأم التي تنجو لا تنقذ نفسها فقط، بل تحفظ أسرتها وتمنح وطنها جيلًا أقوى ، تسمم الحمل يمكن منعه، لكن بشرط واحد: أن نبدأ الوعي مبكرًا ، فالتحليل الذي يُجرى في الأسبوع الثاني عشر من الحمل ليس مجرد فحص دم، بل رسالة حب من الطب إلى الأم… ومن الأم إلى الحياة ، لأن كل أم تنجو، تعني أسرة تبقى ومجتمعًا ينهض بوعي ورعاية.